عقاب خامنئي.. قوات الأمن تطوق منزل رئيس إيران السابق
عناصر الأمن والاستخبارات الإيرانية تطوق بيت الرئيس الإيراني السابق، أحمدي نجاد، المتهم في قضايا فساد
يبدو أن مرشد إيران، علي خامنئي، بدأ عمليا في معاقبة تلميذه "العاصي"، محمود أحمدي نجاد، رئيس إيران السابق، الذي كان يريد الترشح مرة أخرى للانتخابات الرئاسية على خلاف رغبة خامنئي، الذي كان يريد دعم إبراهيم رئيسي، الذي خسر في نهاية الأمر لصالح الرئيس الإيراني الحالي حسن روحاني.
- بنات معارض إيراني: الإقامة الجبرية تقتل والدينا ببطء
- خامنئي يختار "سجين صدام" رئيسا لـ"تشخيص مصلحة النظام"
كان هذا رأي العديد من المراقبين بمجرد أن طالعوا وسائل إعلام إيرانية تفيد بأن عناصر من الأمن الإيراني تطوق منذ مساء الأحد 15 أكتوبر/ تشرين الأول، منزل الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد، الذي بدأ القضاء الإيراني "فجأة" يلاحقه بتهم فساد، لم تظهر إلا بعد أن غضب عليه المرشد الأعلى علي خامنئي ومنعه من الترشح للانتخابات الرئاسية في مايو الماضي.
موقع "دولت بهار" المقرب من أحمدي نجاد، ذكر أن عناصر الأمن والاستخبارات الإيرانية قامت، الأحد، بمحاصرة منزل الرئيس السابق في منطقة "72 نارمك"، شمال شرق طهران.
ولم يكشف الموقع عن أسباب انتشار عناصر من قوات الأمن ترافقها عناصر من جهاز الاستخبارات بالقرب من محيط منزل أحمدي نجاد، لكن مواقع معارضة مثل "آمد نيوز" و"راديو زمانه" و"راديو فردا" رجحت أن هذا الإجراء يأتي تمهيدا لفرض الحظر عليه كما هو الحال بالنسبة للرئيس الإصلاحي محمد خاتمي، أو فرض الإقامة الجبرية كما هو حال زعيمي الحركة الخضراء، وهما رئيس وزراء إيران السابق مير حسين موسوي ورئيس البرلمان الإيراني السابق مهدي كروبي.
وأفاد موقع "آمد نيوز"، المقرب من الحركة الخضراء، أن الهدف من محاصرة منزل أحمدي نجاد هو اعتقاله، وتقديمه للمحاكمة بأمر من رئيس السلطة القضائية صادق لاريجاني، الذي يعد بمثابة سوط عذاب يستخدمه خامنئي ضد كل من يعارضه.
وكان أحمد توكلي، رئيس مؤسسة المراقبة والشفافية، قد ذكر يوم الاثنين 9 أكتوبر/ تشرين الأول، أنه تم إرسال استدعاء لمحمود أحمدي نجاد، رئيس إيران السابق، للتحقيق معه في الاتهامات الموجهة إليه، وهي إساءة استخدام أموال حكومية حين كان في منصبه خلال الفترة بين 2009 إلى 2013 ووصلت الأموال التي أسيء استخدامها إلى أكثر من ملياري دولار.
وكشف توكلي لموقع "خبر آنلاين" الإيراني أن السلطة القضائية ستبدأ في التعامل مع أحمدي نجاد وقضايا الفساد المتهم فيها.
وذكرت وكالة أنباء "ايسنا" أن أحمد توكلي هو أول من أثبت أن أحمدي نجاد مختلس بتقديمه وثيقة مزورة لوزير داخلية الأخير.
وبالتزامن مع إصدار أمر استدعاء أحمدي نجاد، أرسل المرشد الأعلى لإيران، علي خامنئي رسالة يعزي فيها أحمدي نجاد لوفاة شقيقه داوود أحمدي نجاد، للإيحاء بأنه لا علاقة له بإحالته للمحاكمة..
وكان عنوان الرسالة يحمل اسم أحمدي نجاد، لكن خامنئي تجاهل نجاد تماما في متنها، ووجه كلامه إلى زوجة شقيقه وأبنائها.
وظهر بشكل واضح تجاهل خامنئي لأحمدي نجاد، فبالمقارنة بين رسالة التعزية والرسائل الأخرى، التي كان يرسلها خامنئي في المناسبات المختلفة لنجاد، خاصة رسالة التعزية في والده، وبدا واضحا اختلاف نص رسالة التعزية عن رسائل التعزية التي أرسلها خامنئي من قبل لروحاني عند وفاة والدته عام 2014، ورسالة التعزية التي قدمها في وفاة زوجة أحمد جنتي، رئيس مجلس خبراء القيادة، عام 2015، وأيضا رسالة تعزية إبراهيم رئيسي في وفاة شقيقته عام 2016، وغيرها من الرسائل.
وكانت طريقة تعامل خامنئي مع نجاد قد تغيرت منذ أن أعلن الأخير العصيان وخرج عن طاعة خامنئي وتجاهل أوامره له بعدم الترشح، وقدم أوراق ترشحه في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وانتهى الأمر باستبعاده لـ"عدم الصلاحية"، رغم أنه رئيس سابق.
ويقول مراقبون إن استدعاء أحمدي نجاد للتحقيق معه في قضايا الفساد المتهم فيها، دليل على بداية عقاب خامنئي لنجاد.. ونشرت أكثر من صحيفة إيرانية رسالة لأحمدي نجاد أرسلها إلى خامنئي بعد ساعات من إصدار أمر استدعائه، يشكره فيها على رسالته والتي كانت مضمونها:
"بعد السلام والتحية، أشكر حضرتكم على الرسالة، التي وجهتم فيها العزاء لأفراد العائلة وبشكل خاص لزوجة أخي وأبنائه".
وكانت السلطات الإيرانية اعتقلت مهدي جهانغيري، شقيق إسحاق جهانغيري، نائب الرئيس الإيراني حسن روحاني، وهو نائب رئيس غرفة تجارة طهران، والذي تسلم عدة مناصب حكومية خلال حكومة الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد، بتهم فساد مالية.
كما حكم القضاء بالسجن والغرامات على العديد من المسؤولين بحكومة أحمدي نجاد بينهم نائبه محمد رضا رحيمي، بتهم الفساد ونهب المال العام أيضا.
البعض يتوقع أن تحتدم الأزمة وأن يسارع نجاد إلى الانتقام عبر الإعلان عن مجموعة من الأسرار والفضائح التي تخص المرشد علي خامنئي ورجاله، وهو ما كان قد لوح به خلال محاولة الضغط عليه لمنعه من الترشح لانتخابات الرئاسة الأخيرة، فيما يتوقع البعض الآخر أن تتم تسوية الأزمة بين الاثنين، وأن تسفر التحقيقات عن تبرئة نجاد، بعد تعهده بالانصياع وإعلانه الندم على رفع راية العصيان في وجه حاكم إيران الأوحد، علي خامنئي.