كيف تعزز إيران نفوذها في الشام للوصول إلى المتوسط؟
إيران تعمل منذ 3 سنوات على إنشاء ممرين بريين عبر دول الشام العربي وصولا إلى البحر المتوسط.
فيما تسعى إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لكبح الطموحات التوسعية للنظام الإيراني في الشرق الأوسط، تعمل طهران منذ 3 سنوات على إنشاء ممرين بريين عبر دول الشام العربي في محاولة لربط الأراضي الإيرانية بالبحر المتوسط، وتأمين هيمنتها في العراق وسوريا ولبنان.
- في صدام جديد بين السلطات.. إيران توقف الخدمة الصوتية لـ"تلجرام"
- هجوم مبكر على روحاني: النووي الإيراني "طفل مشوه من زواج المتعة"
وقالت مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية إنه كي تنجح أي خطة احتواء من قبل إدارة ترامب ضد التوسع الإيراني، يجب على واشنطن دراسة استراتيجية إيران الجديدة في الشام، موضحة أن المستنقع الدموي في تلك الدول الثلاث يقدم فرصا لإيران لتعزيز قوتها أكثر مما قد تقدمه مواجهة خطيرة مع الولايات المتحدة ودول الخليج العربي.
وحسب المجلة، فإن قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني وهو أحد المسؤولين عن تنفيذ الرؤية السياسية الجديدة لطهران، عكف خلال السنوات الثلاث الماضية على إعداد وبناء ما يرجح أن يكون ممرين بريين عبر دول الشام لربط إيران بالبحر المتوسط.
وستغطي تلك الممرات مسافة 800 ميلا على الأقل من الحدود الغربية لإيران وعبر وديان نهري الفرات ودجلة والمساحات الشاسعة من الصحراء في العراق وسوريا، وصولا إلى حزب الله في لبنان، وأخيرا تنتهي على حافة هضبة الجولان بالبحر المتوسط.
وتخطط طهران لاستخدام تلك الممرات كسلاسل لنقل الإمدادات العسكرية أو المسلحين عبر دول الشام الثلاث، ومن أو إلى البحر المتوسط، كما سيتيح للنظام الإيراني تجنيد المزيد من المقاتلين من اللاجئين الأفغان والباكستانيين الذين يبحثون عن وظيفة وهدف.
ومؤخرا، أشار عدد من المليشيات المسلحة المدعومة من إيران، علنا، إلى جهود لنقل عناصرهم على طول تلك الممرات، وبالفعل انتقل عناصر من حزب الله الإرهابي على سبيل المثال إلى سوريا والعراق خلال الفترة الأخيرة، بينما ظهرت مليشيات عراقية في لبنان.
ووفقا لما أدلى به عدد من المسؤولين الإيرانيين البارزين، فإن طهران ستستعين بالمليشيات المسلحة التي تدعمها مثل حزب الله والمجموعات الأخرى في العراق وسوريا لمراقبة تلك الممرات، لتتجنب بذلك استخدام قواتها الخاصة للسيطرة على تلك الطرق، حيث تتألف المليشيات المسلحة التي تدعمها إيران من نحو 150 إلى 200 ألف مقاتل، تم نشر بعضهم على طول الممرات البرية.
وأوضحت المجلة أن الممر الشمالي (الأول) سيمر من إيران عبر محافظة ديالي العراقية ذات الأغلبية الشيعية وتجاه كركوك ثم بلدة الشرقاط وصولا إلى سوريا عبر المناطق الجبلية في تلعفر وسنجار، ما يعني أن القوافل الإيرانية ستصل سوريا من المناطق التي يسيطر عليها الأكراد، والتي أعيد توصيلها بالفعل بمناطق يسيطر عليها النظام السوري.
ومن المستبعد أن تواجه المليشيات المدعومة من إيران رفضا من جانب الحكومة العراقية أو حتى الأكراد ممثلين في قوات البشمركة بعد هيمنة طهران على حكومة بغداد، وأيضا عدم تشكيل حركة المليشيات أي تهديد على مصالح الأكراد في العراق، وكذلك الوضع في سوريا فالأكراد هناك تحت تهديد مستمر من تركيا، ما يجعل إيران بالنسبة لهم قوة صديقة.
أما عن الممر الجنوبي (الثاني) سيتيح تهريب الأسلحة والمسلحين من إيران وعبر المحافظات ذات الأغلبية الشيعية في العراق مرورا بصحراء الأنبار وحتى شرق سوريا قبل الوصول إلى العاصمة دمشق، إلا أن مشكلة هذا الممر تكمن في أن الأنبار يقطنها المسلمون السنة الذين عانى العديد منهم من انتهاكات جسيمة ارتكبتها مليشيات الحشد الشعبي الشيعية ضدهم بعد طرد تنظيم "داعش" الإرهابي من هناك في 2016.
لكن حسب المجلة، فإن ما يقدر بنحو 1.5 مليون عراقي في الأنبار يتركزون فقط في 4 مدن هي الفلوجة والحديثة والرمادي والقائم، ما يتيح للقوافل الإيرانية تفادي تلك المدن عبر المناطق الريفية القاحلة ذات الكثافة السكانية المنخفضة، وهي مناطق لا تزال المليشيات الإيرانية تسيطر على بعض المعاقل فيها على طول الطريق السريع منذ طرد "داعش" من الأنبار.
وأشارت المجلة أيضا إلى أنه بينما ستتردد القبائل العراقية بالأنبار في إشعال نزاع ضد المليشيات الإيرانية العابرة، فإن طهران على استعداد أن تحثهم أو ترشيهم أو تجبرهم على أن يغضوا الطرف عن القوافل الإيرانية التي تعبر أراضيهم.
ومن جانب آخر، تنوي إيران تحديث ترسانتها العسكرية العتيقة، لتزويد الحرس الثوري الإيراني والجيش الإيراني تدريجيا بالمدفعية المتحركة والدبابات والمعدات الأخرى الضرورية لتشكيل قوة طويلة المدى لتعزيز مليشياتها في دول الشام، كما تسعى إيران لتحديث قواتها الجوية لتوفير غطاء جوي لمليشياتها التي تتحرك على طول الممرين البريين في دول الشام.
وتسعى إيران أيضا بإنشاء الممرين البريين إلى توسيع نفوذها ليصل إلى هضبة الجولان بهدف تضييق الخناق على إسرائيل، فحسب المجلة، أعرب الإيرانيون علنا عن حرصهم على فتح جبهة لمليشياتها في الجولان، وبالفعل يشارك عددا من قيادات الحرس الثوري الإيراني حاليا في تأسيس المليشيا الجديدة "فوج الجولان"، الذي يتكون جزئيا من الفلسطينيين المقيمين في سوريا.
وقالت المجلة إنه ينبغي على إدارة ترامب العمل مع حلفائها الإقليميين لإحباط محاولة إيران لتشييد الممرين، مضيفة أنه يجب أيضا تشجيع تركيا على مقاومة جهود طهران لبسط نفوذها في المنطقة من خلال الممرين اللذين يمران عبر طرق التجارة الرئيسية التي توصل كميات كبيرة من الصادرات التركية إلى العالم العربي.
وأشارت المجلة أيضا إلى أنه يجب تزويد الأكراد في سوريا والعراق بمعدات عسكرية كافية لمواجهة المليشيات المدعومة من إيران هناك، لافتة إلى أن إدارة ترامب ينبغي أن تدعم جهود إسرائيل لمنع إيران من ضمان معقل لها في الجانب السوري من هضبة الجولان.
والأهم من ذلك كله من وجهة نظر المجلة الأمريكية، ينبغي على الولايات المتحدة الاستمرار في إجراء مناقشات مع روسيا والإصرار على رحيل الرئيس السوري بشار الأسد من السلطة عاجلا أفضل من آجلا.
aXA6IDMuMTQ3LjQ4LjEwNSA= جزيرة ام اند امز