مليشيا إيران وأموال قطر.. أبرز التحديات أمام مجلس النواب العراقي
مجلس النواب العراقي يواجه عدة تحديات في فصله التشريعي الثاني في مقدمتها الضغوطات الإيرانية واستكمال الحقب الوزارية
بات مجلس النواب العراقي على موعد مع جملة من التحديات في فصله التشريعي الثاني، في مقدمتها استكمال الحقب الوزارية في ظل الضغوطات الإيرانية ومحاولات طهران السيطرة على مقدرات العراق.
وشهد الفصل التشريعي الأول لمجلس النواب العراقي، الذي انطلقت جلساته في ٣ سبتمبر/أيلول من العام الماضي، صراعات سياسية عميقة بين تحالفي البناء بزعامة هادي العامري المدعوم من إيران، والإصلاح والإعمار بزعامة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، على الوزارات الأربع الشاغرة المتمثلة في الداخلية والدفاع والتربية والعدل.
- مخطط تركي- إيراني لتقاسم النفوذ في العراق وسوريا
- القمة العربية الأوروبية: أفعال إيران وتحركات تركيا تفرز أزمات بالمنطقة
وظل الصراع الأبرز على وزارة الداخلية في تحالف الإصلاح والإعمار رفض التصويت على مرشح البناء فالح الفياض، الرئيس الحالي لهيئة مليشيات الحشد الشعبي لشغلها.
أما الوزارات الثلاث الأخرى فكانت رهينة الخلافات السياسية بين الكتل النيابية، ومنعت هذه الخلافات من استكمال حكومة رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي، فاقتصرت جلسات مجلس النواب على هذا المنوال، ولم تتمكن الحكومة العراقية الجديدة التي نال جزء من وزاراتها الثقة في ٢٤ أكتوبر/تشرين الأول الماضي من تنفيذ التزاماتها، رغم مرور أكثر من مئة يوم على تشكيلها.
أموال قطر ومليشيات إيران
يلعب النظام الإيراني عبر الإرهابي قاسم سليماني، قائد فيلق القدس الجناح الخارجي لمليشيات الحرس الثوري الإرهابية إلى جانب حليفه القطري، دورا تخريبيا كبيرا على الساحة السياسية العراقية، يتمثل في تعميق الخلافات بين الأطراف السياسية العراقية، وفرض أسماء تابعة لإيران وأخرى لقطر على عادل عبدالمهدي لشغل الوزارات المتبقية، ودفع أموال طائلة لنواب العراق من أجل التصويت لصالح مرشحي طهران والدوحة.
لكن المجلس لم يخرج بأي نتائج خلال فصله الأول سوى التصويت على قانون الموازنة العامة للعراق نهاية يناير/كانون الثاني الماضي.
وتسعى إيران عبر مليشيات الحشد الشعبي إلى استخدام مجلس النواب العراقي وكافة السلطات لتنفيذ أجنداتها الإرهابية التوسعية في المنطقة، وقد أسهمت في إدخال مليشياتها إلى داخل مجلس النواب، ليكون لها دور في صناعة القرار.
محاولات طهران التخريبية في العراق هدفها استنساخ التجربة الإيرانية المتمثلة بسيطرة مليشيات الحرس الثوري على مجالات الحياة كافة في العراق، من خلال دعم مليشيات الحشد الشعبي التي فاقت أعدادها الـ٧٠ فصيلا مسلحا، وتمهيد الأرضية لها للسيطرة على الحكم في العراق.
وحسب مراقبين، فالعراق يمثل البوابة الوحيدة التي تتنفس من خلالها إيران في الحصول على الأموال الصعبة والطاقة، وكل ما تحتاج إليها اقتصاديا رغم فرض الولايات المتحدة عقوبات دولية مشددة عليها.
ويحدد مراقبون عدة سيناريوهات للحكومة العراقية الحالية خلال الأشهر المقبلة إذا لم تستجب للمطالبات الأمريكية والدولية لإنهاء الدور الإيراني، وتتمثل إحدى هذه السيناريوهات في إنهاء الحكومة الحالية وتشكيل حكومة إنقاذ وطنية، تأخذ على عاتقها إخراج العراق من المأزق الذي وضعته إيران فيه، أو أن يستجيب عبدالمهدي لمطالبات واشنطن والمجتمع الدولي وينهي بنفسه كافة نفوذ إيران في العراق.
مجلس النواب والفصل التشريعي الثاني
يعقد مجلس النواب العراقي، السبت، جلسته الأولى من فصله التشريعي الثاني بحضور رئيس الجمهورية برهم صالح ورئيس مجلس الوزراء عادل عبدالمهدي ورئيس مجلس القضاء الأعلى ورئيس ديوان الرقابة المالية ورئيس هيئة النزاهة.
وأعلنت الدائرة الإعلامية للمجلس أن جدول أعمال الجلسة تتضمن مناقشة توحيد جهود السلطات لمكافحة الفساد الإداري والمالي، دون أن تشير إلى التصويت على استكمال التشكيلة الوزارية.
واعتبر النائب عن كتلة سائرون قصي محسن الوضع في الفصل التشريعي الثاني مختلفا عن السابق.
وأضاف قصي، خلال تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن العائق أمام إشغال منصب وزارة الداخلية المتمثل بمرشح تحالف البناء فالح الفياض لم يعد موجودا، لأن الفياض سحب ترشيحه لهذه الوزارة، معربا عن أمله بأن تستكمل التشكيلة الوزارية خلال الأسبوع الأول من الفصل التشريعي الثاني.
وتداولت الأوساط السياسية العراقية عدة أسماء بديلة عن فالح الفياض لشغل وزارة الداخلية، من بينها قادة عسكريون شاركوا في معارك الموصل، منهم الفريق أول ركن عثمان الغانمي رئيس أركان الجيش العراقي الحالي، والفريق الركن عبدالوهاب الساعدي قائد جهاز مكافحة الإرهاب الحالي.
وحسب معلومات دقيقة، حصلت عليها "العين الإخبارية" من مصادرها في مجلس النواب العراقي، فإن الأسبوع الأول من الفصل التشريعي الحالي لن يشمل التصويت على مرشحي وزارتي الداخلية والدفاع، وستؤجل عملية التصويت إلى الأسبوع الثاني أو الثالث.
وفي المقابل سيصوت المجلس على مرشحي وزارتي العدل والتربية، بعد تسوية الخلافات حول أولهما بين الحزبين الكرديين (الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني)، وثانيهما بين الكتل العربية السنية.
تحديات تواجه مجلس النواب
أكد الخبير السياسي صباح صبحي أن هناك تحديات كثيرة سيواجهها مجلس النواب في فصله التشريعي الحالي، بخلاف تحدي استكمال التشكيلة الوزارية.
وأوضح صبحي، خلال تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن تلك التحديات هي تشريع القوانين المهمة التي لم يستطع المجلس تشريعها خلال السنوات الماضية، بسبب الظروف الأمنية والحرب ضد تنظيم داعش الإرهابي.
وأضاف الخبير السياسي أن من ضمن تلك التحديات أيضا انتخاب رؤساء اللجان النيابية الذين لم ينتخبوا حتى الآن رغم بدء الفصل التشريعي الثاني، مشيرا إلى ضرورة العمل والتواصل المستمر بين الكتل والأطراف السياسية كي يتمكن مجلس النواب من مواجهة التحديات الكثيرة التي تنتظره.
بدوره شدد الكاتب الصحفي علي البيدر على أن الشارع العراقي ينتظر من مجلس النواب تشريع قوانين، من شأنها أن تسهم في ارتقاء الأداء الحكومي، ومن ثم ينعكس على الخدمات المقدمة للمواطنين.
وطالب البيدر، خلال تصريحاته لـ"العين الإخبارية"، بأهمية قيام مجلس النواب بدوره الحقيقي في مراقبة الأداء الحكومي بشكل دقيق ومباشر، ومراقبة آلية صرف الموازنة العامة"، لافتا إلى أن التحدي الأكبر يتمثل في التخلص من المحاصصة الطائفية التي تعيق عمل المجلس بشكل كبير وتمنعه من محاسبة المسؤولين المقصرين.