إيران تستعين بالصين لمواجهة التهديدات الأمريكية.. وتطلب مفاعلا جديدا
إيران تعزز تهديداتها النووية عبر السعي للحصول على مفاعلات نووية صينية من طراز "لونج لينج 1" لتحدي الولايات المتحدة.. ما الحكاية؟
تتزايد التقارير التي ترصد المساعي الإيرانية لامتلاك قنبلة نووية، في ظل انتهاكاتها المتكررة لبنود الاتفاق النووي الإيراني.
ويواصل نظام الملالي في طهران جهوده لخداع العالم عبر الادعاء بسلمية البرنامج النووي الإيراني، الذي يستنزف الموارد الاقتصادية على حساب الشعب الإيراني الذي يعاني الفقر والبطالة وتردي الأوضاع المعيشية، إلا أن حلقة جديدة في هذا المسلسل الإيراني تتضمن الاستعانة بالصين لتعزيز التهديدات النووية التي تصدرها طهران لجميع دول المنطقة.
- إيران تُجري تجربة "فاشلة" لإطلاق صاروخ من غواصة
- الحرس الثوري الإيراني يمتلك أكبر ترسانة صواريخ باليستية بالشرق الأوسط
ومنذ دخل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب البيت الأبيض، بدا واضحا مدى سخطه على الاتفاق النووي الإيراني، والذي وصفه بأنه "كارثة" و"أسوأ اتفاق في التاريخ"، بل وأمر بإعادة مراجعة الاتفاق بحثا عن سبيل لتغييره وتشديد بنوده، لمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية.
وجاءت تصريحات ترامب المتوالية في هذا الشأن لتزعج طهران التي باتت تشعر بتهديد لجهودها النووية، وراحت تهرول إلى روسيا، باعتبارها خصما للولايات المتحدة، فاستعانت بها في بناء عدة مفاعلات نووية. إلا أن الحديث عن علاقة من التقارب تجمع بين الرئيسين الأمريكي ترامب والروسي فلاديمير بوتين، وتقارير عن احتمال بأن تضحي موسكو بطهران على مذبح الصداقة مع واشنطن، دفع دولة المرشد إلى الاستغاثة بالعملاق الصيني، الذي يمتلك الخبرة اللازمة في مجال الطاقة والمفاعلات النووية، فضلا عن نديته للولايات المتحدة التي تخشى كثيرا من إثارة الغضب الصيني.
ويتزامن هذا التوجه الإيراني مع إعلان الصين انتهاءها من مرحلة التصميم الأولية لاستخدام الجيل الثالث من المفاعل النووي "أيه سي بي 100"، التابع للمؤسسة الصينية الوطنية للطاقة النووية، ليصبح مؤهلا للإنشاء والتنفيذ في مقاطعة هاينان الصينية، وهي جزيرة تقع جنوب الصين، وتتميز بطبيعة استوائية جميلة، وأصبحت في السنوات الأخيرة قبلة سياحية للسياح الصينيين والأجانب، ويطلق عليها أحيانا لقب "هاواي الشرق" لطبيعتها الخلابة.
وقالت المؤسسة الصينية إن هذا المفاعل هو أول مفاعل صيني صغير طورته المؤسسة النووية للاستخدامات العملية، والتي أطلقت عليه اسم "لينج لونج 1".
ومن المتوقع البدء في أعمال إنشائه نهاية العام الجاري (2017) في منطقة هاينان، التي تتمتع بحكم ذاتي، وقد استكملت جميع إجراءات البحث والتطوير والتصميم، ودراسة الجدوى، والبحوث المتعلقة بالتربة والمياه، وتقييم الأثر البيئي، وتقييم مخاطر الكوارث الجيولوجية في موقع البناء وتقييم السلامة في مواجهة الزلازل المحتملة، بعد إصدار التصاريح ذات الصلة بنهاية شهر يونيو المقبل.
وقال المدير العام لشركة الصين الوطنية للطاقة النووية، تشيان تيان لين: إن تكنولوجيا المفاعلات النووية صغيرة الحجم وصلت إلى مرحلة يمكن استخدامها على أساس تجريبي، ويمكن استخدامها لتوليد الكهرباء للمناطق السكنية لتحل محل المولدات التي تعمل بالفحم، طبقا لما جاء في صحيفة "تسان كاو شياو شي" الصينية.
وأضاف تشيان أن وحدات المفاعلات الصغيرة، حسبما حددتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية، عبارة عن مفاعلات متقدمة تنتج ما يصل إلى 300 ميجاوات من الكهرباء. وقد تم الترويج لها على نطاق واسع في التسعينيات، بفضل تعزيز مستوى الأمن والمرونة في الاستخدام لإنتاج الكهرباء وتحلية مياه البحر.
ويعد "لينج لونج 1" هو المفاعل الأول من نوعه في العالم الذي اجتاز استعراض السلامة من قبل الوكالة، ويعبر عن تقدم ملحوظ في تطوير المفاعلات الصغيرة متعددة الأغراض.
وقال تشيان إنه يتوقع إنتاج كميات كبيرة من المفاعلات الصغيرة بعد تنفيذ المشروع التجريبي في هاينان، وسيتم من خلاله تصدير التكنولوجيا للعالم أجمع.
وأضاف أن إيران من بين عدة دول، مثل مصر والسعودية وباكستان وبريطانيا وإندونيسيا ومنغوليا والبرازيل وكندا، أبدت اهتماماً كبيراً بهذه التكنولوجيا.
وقال بعض الخبراء النوويين إن إيران تولي اهتماما كبيراً للتعاون مع الصين في مجال الطاقة النووية، وإنها تسعي "لضرب عصفورين بحجر واحد" بالتعاون مع الصين.
فمن ناحية تهدف إيران في الوقت الحالي لإنهاء أعمال بناء محطة "دار خوين" للطاقة النووية، التي تقع جنوب غرب إقليم خوزستان، جنوب الصين، ومن ناحية أخري تسعي للوصول إلى التكنولوجيا الجديدة التي تقدمها الصين، والحصول على إمكانية بناء ما يسمى مفاعلات الماء الخفيف".
وكانت إيران منذ سنوات عديدة أطلقت تنفيذ مشروع بناء محطة "دار خوين" للطاقة النووية، بمساعدة الشركات الفرنسية في سبعينيات القرن العشرين، ولكن لأسباب سياسية تم تجميد المشروع حتى الآن، لكن الخبراء الإيرانيين حاولوا في أوائل التسعينيات إعادة إحياء المشروع بمساعدة الصين.
وأوضح خبير السياسة الإقليمية الإيراني، أرليزاد رامزي بونيزي، أن اهتمام إيران بإيجاد شركاء جدد في مجال الطاقة النووية يستهدف التوطين الكامل للطاقة النووية في إيران.
وقد أرسى التعاون الوثيق مع روسيا في بناء محطة "بوشهر" للطاقة النووية، فيما سبق، مبدأ التوطين الكامل للطاقة النووية لدي إيران.
وأضاف أن الاتفاق النووي بمثابة الخطوة الأولي لاستئناف التعاون الإيراني الصيني، وأن إيران قد اكتسبت الكثير من الخبرة في التعاون مع روسيا ببناء محطة بوشهر للطاقة النووية.. وقال إن إيران تسعى الآن إلى زيادة تطوير التعاون مع البلدان الأخرى في مجال الطاقة النووية.. كما أن تجربة الشركاء الصينيين قد تضع أيضا أساسا متينا لإيران لاستكمال مهمة توطين الصناعة النووية".
وسبق أن وقعت هيئة الطاقة الذرية الإيرانية اتفاقية تعاون مع المؤسسة الصينية الوطنية للطاقة النووية في 23 أبريل/ نيسان 2017 لإعادة تصميم مفعل "اراك" الإيراني الذي يعمل بالماء الثقيل، وذلك بعد صراعات ومفاوضات دامت لسنوات حول شكوك لما يحمله هذا المشروع من أغراض نووية قد تهدف إلي إنتاج أسلحة تهدد الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.