إيران تقمع نشطاء البيئة للتعتيم على أنشطة مليشيا الحرس
الحملة القمعية التي تشنها السلطات الإيرانية جاءت بعد معارضة نشطاء البيئة لمشروعات مليشيات الحرس الثوري الفاشلة.
بات التضييق الأمني بحق العلماء ومناصري الحفاظ على البيئة بإيران أمراً مفزعاً؛ إذ شنت السلطات حملة قمعية ضد علماء حماية الحياة البرية في البلاد بزعم تجسسهم لصالح جهات غربية وذلك للتعتيم على أنشطة مليشيا الحرس الثوري.
وكشف موقع "كلمة" الإيراني ، المقرب من مير حسين موسوي، المعارض الإصلاحي البارز والخاضع للإقامة الجبرية بمنزله منذ نحو 7 سنوات، أن تلك الحملة القمعية جاءت بعد معارضة نشطاء الحفاظ على البيئة لمشروعات مليشيات الحرس الثوري الفاشلة، والتي تهدر الموارد وتعمل على تفاقم الأزمات البيئية وتحديداً الجفاف، إضافة إلى تدشين قواعد صواريخ قرب المحميات الطبيعية.
وذكر الموقع، طبقاً لوثائق حصل عليها، أن هذه العوامل تؤكد وقوف الحرس الثوري وراء حملة الاعتقالات فبراير/شباط الماضي، والتي شملت عدة نشطاء بيئيين من بينهم سيد كاووس إمامي.
ونقل عن مصادر لم يفصح عن هويتها، قولها " إنهم غير متورطين في الجاسوسية كما تزعم السلطات الإيرانية، لكن جرى اعتقالهم بسبب دورهم في التصدي لمشروعات تلك المليشيات الإرهابية، وتحديداً نصب قواعد للصواريخ في محيط محميات طبيعية بالبلاد".
واعتقلت السلطات الإيرانية، في فبراير/شباط الماضي سيد كاووس إمامي، الأستاذ الجامعي الإيراني المرموق والحاصل على الجنسية الكندية، إلى جانب 7 آخرين من زملائه.
وكان إمامي يدير منظمة تدعى "إحياء تراث الحياة البرية الفارسية"، قبل أن يزعم مسؤولون إيرانيون وفاته منتحراً شنقاً داخل زنزانته الانفرادية بمعتقل إيفين، سيئ السمعة، في أطراف طهران، بعد أسابيع قليلة من اعتقاله.
وشككت "منظمة العفو الدولية" بشدة في تلك الرواية الرسمية، منددة في الوقت نفسه برفض السلطات الإيرانية المختصة تشريح جثمان "إمامي" للوقوف على أسباب وفاته الغامضة، غير أن أسرته حمّلت نظام الملالي مسؤولية مقتله، بعد تلقيها تهديدات لترهيبهم من التحدث لوسائل الإعلام الأجنبية.
وبدد موقع" كلمة" الإيراني تصريحات سابقة أدلى بها علام حسين إيجئي، المتحدث الرسمي باسم السلطة القضائية الإيرانية، بعد أيام من واقعة وفاة كاووس إمامي، حول وجود ملفات سرية لدى وزارة استخبارات الملالي، تزعم تورط هؤلاء النشطاء المعتقلين بالتجسس لصالح أجهزة استخبارات دول أجنبية؛ من بينها إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية.
وأشار الموقع إلى أنه في أول أيام اعتقالهم، لم يكن من المعروف على وجه التحديد الجهة التي قامت بهذا الإجراء، حتى وصل الأمر إلى البرلمان، ليتضح ضلوع الاستخبارات التابعة للحرس الثوري الإيراني.
ونفى الموقع أيضاً الادعاءات الحكومية التي وردت في أحد تقارير التلفزيون الإيراني الرسمي، عن تورط هؤلاء النشطاء في التقاط صور لمواقع قواعد الصواريخ التابعة لمليشيات الحرس الثوري، خلال إجرائهم أبحاثاً حول حيوان النمر المرقط، المُعرّض للانقراض في إيران.
وأكد أن أنشطة هؤلاء العلماء تخضع لقواعد وقوانين صارمة من منظمة الأمم المتحدة، بهدف الحفاظ على الحياة البرية في دول العالم كافة.
وشدد على أن مليشيات الحرس الثوري طلبت منهم مغادرة تلك المواقع، بعد اكتشافهم الانتهاكات البيئية الناجمة عن مشروعاتها الفاشلة، والمهددة للنباتات والحيوانات بتلك المناطق، الأمر الذي دفعهم لإرسال صور حول هذا الأمر للمختصين في الأمم المتحدة.
واختتم التقرير أن إرسال أدلة إلى الأمم المتحدة حول تلك الانتهاكات الخطيرة للبيئة، عرض هؤلاء العلماء والنشطاء البيئيين للتضييق الأمني، إلى جانب تدخل الحرس الثوري في عمل المنظمات غير الحكومية، إلى أن انتهى الأمر باعتقالهم واتهامهم بالجاسوسية، للاستمرار في أنشطته المشبوهة بالمناطق البرية.
وتفاقمت أزمات بيئية خطيرة في إيران مثل ظاهرة الجفاف والتصحر حيث أشارت تقارير غربية إلى أن ضمن أسبابها يرجع إلى تدشين مليشيات الحرس الثوري العديد من السدود، وعدم كفاية الهياكل الأولية لتوزيع المياه والمشروعات الزراعية غير المجدية، وتدني نوعية المياه، بحسب ما يقول الباحث أمير توماج، في مقال نشرته مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات.
وتبرهن التقارير على صحة وجهة نظرها، بارتفاع نسب الملح بسرعة كبيرة في نهر كارون الواقع بإقليم الأحواز ذي الأغلبية العربية جنوب البلاد.
ويعد هذا النهر أحد أكبر أنهار إيران، وجاء ارتفاع نسبة الملوحة به بعدما شيدت عليه مليشيات الحرس الثوري سد "كوتفند" في أرض قريبة من أحواض ملحية، رغم التحذيرات من آثار المشكلة.
وفي السياق ذاته، أشارت صحيفة "كيهان" في تقرير بنسختها اللندنية، نهاية فبراير/شباط الماضي، إلى أن هؤلاء النشطاء البيئيين أجروا أبحاثاً تناولت التداعيات السلبية على الحياة البيئة جراء اختبارات الاستمطار، وتلقيح السحب التي يقوم بها الحرس الثوري بزعم مكافحة الجفاف.
وتوصل هؤلاء العلماء -بحسب الصحيفة- إلى نتائج خطيرة، مثل تفاقم أزمة الجفاف في إيران، إلى جانب المبالغ الطائلة التي يجنيها بعض قادة الحرس الثوري وشركاتهم من خلال تلك المشاريع المشبوهة، حيث تدفع وزارة الطاقة الإيرانية ملياراً و500 مليون ريال إيراني لكل طلعة تقوم بها كل طائرة لاختبارات الاستمطار.