هكذا تُحرّف إيران مناسبات دينية لشرعنة الحشد الشعبي بالعراق
تقارير إعلامية موالية لإيران تختلق مبررات دينية للإبقاء على مليشيات الحشد الشعبي بعد زوال داعش
درج الإعلام الموالي لإيران على اختلاق وسائل دينية، لـ"شرعنة" مليشيات الحشد الشعبي في العراق، تبرر الإبقاء عليها، بعد الإعلان عن انتهاء تنظيم داعش الإرهابي، الذي كان حجة وجودها.
ومن هذه الوسائل "أربعينية الحسين"، وهي موسم زيارة ملايين الشيعة إلى مدينة كربلاء، لإحياء ذكرى الحسين، حيث زعمت تقارير موالية لطهران أن مليشيات الحشد الشعبي لها مهمة "مقدسة"، هي تأمين الزوار كل عام.
واستدلت تلك التقارير على "ضرورة" بقاء الحشد الشعبي بأنه استطاع تأمين الزيارة الأربعينية التي ضمت نحو 13 مليونا من الشيعة، دون حدوث تفجيرات، في حين كانت هذه المناسبة موسما للتفجيرات التي تستهدف الزوار في سنوات سابقة.
وكانت أصابع الاتهامات وجهت بقوة إلى إيران ومليشياتها بعمل تفجيرات تستهدف المواكب الشيعية في العراق خصيصا لإيجاد مبرر لوجود طهران ومليشياتها في العراق، بحجة أنها الأقرب للشيعة والأقدر على حمايتهم من "الإرهاب".
وجاء في مذكرات زلماي خليل زاده، سفير أمريكا في العراق في الفترة من 2005-2007، أنه شخصيا كان قلقا من تزايد النفوذ الإيراني في تلك الفترة، خاصة مع مشاركة الإيرانيين في التفجيرات التي تسببت في إشعال الفتن الطائفية.
وأشار إلى أن الهدف من ذلك، هو محاولة طهران تقديم نفسها للعراقيين الشيعة على أنها الحامي الوحيد لهم، وأن المليشيات الشيعية (التي يصنعها الحرس الثوري الإيراني) هي المدافع عنهم.
وفي تقرير نشره موقع "الوقت" الإخباري الإيراني وتناقلتها وكالات أنباء إيرانية هذا الأسبوع، بعنوان "هل الحشد الشعبي أحد مظاهر زيارة الأربعين؟" قال إن هناك صلة مباشرة بين أربعينية الحسين وولادة الحشد الشعبي؛ ما يضفي "نوعا من القدسية على الحشد، كون قدسيته مستمدة من زيارة الأربعين".
واستند في ذلك إلى فتوى المرجع الشيعي العراقي علي السيستاني المسماة بفتوى الجهاد الكفائي التي أصدرها في 13 يونيو/حزيران 2014 بعد اجتياح داعش للعراق، لتبرير "خلق" تلك المليشيات.
وجاء في التقرير "اليوم تعدّ زيارة الأربعين أكبر تجمّع ديني في العالم، عنوانه الأبرز مواجهة الظلم والانتصار للحق، وبالتالي إن الكثير من القناعات التي تشكّلت لدى أبناء الحشد، أو الآباء والأمهات الذين أرسلوا أبناءهم إلى جبهات المواجهة مع الإرهاب الداعشي، قد عُقدت نطفته الأولى في هذه الزيارة".
ويستمد أبناء الحشد الشعبي، بحسب التقرير، " شرعيتهم الدينية من زيارة الأربعين، إضافةً إلى فتوى الجهاد الكفائي والشرعية القانونية والسياسية التي حصلوا عليها في البرلمان العراقي".
كما أرجع التقرير قرار الكثيرين للانخراط في مليشيات الحشد الشعبي بمسيرتهم في الأربعينية عام 2014.
واعتبر ممثل المرجعية الشيعية في العراق عبد المهدي الكربلائي مؤخراً ان "الانتصارات" المتحققة في العراق هي "ثمار زيارة الأربعين" على حد قوله، مؤكدا أنه بسببها فإن المقاتلين لم يحصل لديهم ملل أو كلل رغم مرور 4 سنوات على قتال داعش.
وخلص التقرير إلى أن "أصحاب الرأي القائم بالصلة بين الأربعين والحشد يؤكدون ضرورة بقاء الحشد طالما تبقى الزيارة قائمة".
ويكشف هذا، النية لـ"تخليد" مليشيات الحشد الشعبي في العراق؛ لأن الزيارة طقس عقائدي سنوي.
فتوى الجهاد الكفائي
وفتوى الجهاد الكفائي التي أصدرها السيستاني كانت أول مظهر "ديني" في مشوار إظفاء "القدسية" على مليشيات الحشد.
ففي 13 يونيو/حزيران 2014، وعقب الإعلان عن الاجتياح المفاجئ والمثير في سرعته وسهولته للتساؤلات من جانب تنظيم داعش لمحافظات شمال العراق، أعلن السيستاني فتوى دعا فيها "كل قادر على حمل السلاح" إلى الانخراط في صفوف القوات الأمنية بحجة محاربة داعش.
ولكن المستجيبين للفتوى لم ينخرطوا بالمعنى المباشر في القوى الأمنية الرسمية، ولكن شكلوا كيان الحشد الشعبي الطائفي الموالي لإيران، من ميليشيات كانت موجود بالفعل وتحارب سواء في العراق أو سوريا.
وفي وقت لاحق في نوفمبر/تشرين ثان 2016، استطاعت ميليشيات الحشد الشعبي بدعم من مسؤولين في الحكومة والبرلمان، تمرير قانون يصفها بأنها "جزء" من القوات العراقية الرسمية.
وكان الهدف من ذلك ضمان التمويل من الخزينة العامة، والأهم أخذ غطاء شرعي، تتحرك به في العراق، لتمارس أعمال القتل.
وأعلنت إيران رسميًا تأييدها لميليشيات الحشد، وأرسلت قياديين ومقاتلين إيرانيين، على رأسهم قاسم سليماني قائد فيلق القدس في مليشيا الحرس الثوري، وهو الفيلق المسؤول عن العمليات الخارجية، لتدريب مقاتليه، بالتنسيق مع الحكومة العراقية.
وبالرغم من أن مليشيات الحشد الشعبي تبرر لظهورها بأنها تحارب ضد داعش، إلا أن تحقيقات برلمانية حول سقوط مدينة الموصل، شمال العراق، في يد التنظيم الإرهابي، وجهت الاتهامات لعدد من القيادات التي كونت بعد ذلك تلك المليشيات.