أياً كانت الهوية الحزبية للرئيس المقبل في البيت الأبيض، لا يمكن تجاوز اللاءات الخليجية العربية التي أسقطت أي محاولة لإعادة تأهيل إيران
بات من المؤكد أن التفجيرات التي ضربت وتضرب إيران في الأيام الماضية ليست غامضة فقط، بل تنذر بمرحلة جديدة من الانهيار داخل جمهورية الولي الفقيه، والانهيار هنا أمنيٌ بكل معنى الكلمة، كما هو سياسي واقتصادي، ومقتل قاسم سليماني زعيم ميليشيا القدس الإرهابية بحسب التصنيف الأمريكي لايزال يلقي بظلاله على حياة نظام طهران.
ولأن إيران دولة مغلقة لا تتمتع الصحافة فيها بأي حرية تذكر، ولا يعلم أغلب الشعب الإيراني ماذا يحصل معهم أو يجري حولهم، فإن التكهنات بحد ذاتها مشروعة، والأخبار المتناقضة رسمياً تخفي وراءها الكثير من خوف الحرس الثوري ومؤسسات المرشد العاجزة عن احتواء صدى تلك التفجيرات أو تقديم رواية شبه صحيحة حولها للشارع داخلياً وللعالم خارجياً.
ومع إتيان بعض المواقع الإخبارية العبرية على خبر مفاده وقوف إسرائيل خلف تلك الأحداث أو الهجمات إن اعتبرت كذلك، فإن المسألة تأخذ بعداً منطقياً من حيث الخبر، لأن تل أبيب دأبت وعلى مدار سنوات مضت على قصف الميلشيات الإيرانية داخل الأراضي السورية، وتفاخر الزعماء الإسرائيليون بذلك علناً في أكثر من مناسبة، وبرهنوا على قدرات سلاح الجو لديهم، معتبرين في الوقت نفسه أن ملاحقة العناصر الإيرانية قد تمتد يوماً ما إلى داخل العمق الإيراني.
وبما أن الفلسفة الإيرانية في التعاطي مع إسرائيل تقوم على مبدأ التغاضي والنسيان والجبن، وحتى عدم الجرأة على بحث أي ردة فعل موجهة ضد إسرائيل، فإن السيناريو ذاته يتكرر مع التفجيرات الأخيرة، لأن خامنئي يتقن فقط الزج ببعض العرب من أمثال حزب الله في لبنان والحوثي الانقلابي في اليمن والحشد الشعبي في العراق في أتون حروبه العبثية المستندة لشعارات المقاومة والممانعة الكاذبة، والتي ثبت للجميع بطلانها، لأنها تهدف إلى تدمير الأوطان وإفقار الشعوب العربية فحسب.
أياً كانت الهوية الحزبية للرئيس المقبل في البيت الأبيض بواشنطن، لا يمكن تجاوز اللاءات الخليجية العربية التي أسقطت من قبل أي محاولة لإعادة تأهيل إيران إرهابيا
ويعول الساسة الإيرانيون هذه الأيام على مجيء الانتخابات الرئاسية المقبلة في الولايات المتحدة بجو بايدن الديمقراطي رئيساً جديداً، ظناً منهم أنه سيسلك طريق سلفه باراك أوباما من خلال المرونة في التعامل مع إيران، بعد انسحاب الرئيس الحالي دونالد ترامب الجمهوري من الاتفاق النووي، وفرضه عقوبات غير مسبوقة على إيران وأذرعها الإرهابية، لكن هذه الأحلام الإيرانية مجرد أوهام لايمكن ترجمتها واقعياً .
فأياً كانت الهوية الحزبية للرئيس المقبل في البيت الأبيض بواشنطن، لايمكن تجاوز اللاءات الخليجية العربية التي أسقطت من قبل أي محاولة لإعادة تأهيل إيران إرهابياً، فالولايات المتحدة لها شراكة استراتيجية مع دول مجلس التعاون الخليجي وتحديداً المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، وأمريكا بحاجة ماسة لدول الخليج العربي أكثر من حاجة تلك الدول لها، وبعكس ما تريد الدعاية الإيرانية تصويره أحياناً .
وإيران توصف عالمياً اليوم بأنها دولة مارقة ومنبوذة ومحاصرة، والنقاش حول ممارساتها المزعزعة للأمن والسلم عالمياً هو نقاش يتواصل على أعلى المستويات، سيما وأنها أقدمت على استهداف السفن التجارية في عرض البحر، وأسقطت عمداً طائرة مدنية أوكرانية، وعمدت بعد ذلك لطمس الأدلة والحقائق، وهاجس الضعف والوهن داخل أروقة الحكم فيها بات مألوفاً بعد ثورات شعبية عارمة، نتيجة الجوع والفقر ودعم الإرهاب.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة