أسرار الخطة "B" المحتملة بشأن سلاح إيران النووي.. "العين الإخبارية" تستطلع شهادات مسؤولين أمريكيين مخضرمين
في خضم الحديث عن زيادة إيران لتخصيب اليورانيوم بنسبة 84٪ في سلاسل أجهزة الطرد المركزي، لم ينقطع الحديث بواشنطن عن الخطط البديلة للدبلوماسية الأمريكية، ويتحدث محللون ومسؤولون سابقون بينهم دينس روس وجون بولتون لـ"العين الإخبارية" عن "الخطة B".
وقبل أسبوعين اكتشف مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية بقايا اليورانيوم المخصب في سلاسل أجهزة الطرد المركزي الإيرانية، ما دفع المسؤولين الأمريكيين لمناقشات واسعة حول الخطط البديلة في حال فشل المساعي الدبلوماسية لإثناء طهران عن امتلاك السلاح النووي.
الحراك الأمريكي جاء إثر إعلان وكيل وزارة الدفاع الأمريكية للشؤون السياسية، كولن كال، أمام لجنة في الكونغرس، مؤخرا، أن إيران لن تحتاج إلا "حوالي 12 يوماً"، لإنتاج ما يكفي من اليورانيوم عالي التخصيب لصنع قنبلة نووية واحدة، ليضع صانع القرار الأمريكي في ورطة، خاصة أن الرئيس جو بايدن، قد أعلن مرارا وتكرارا أنه ملتزم بمنع طهران من امتلاك سلاح نووي.
وعادة ما تحتاج القنبلة النووية ليورانيوم مخصب بنسبة 90٪، بيد أن القنبلة الذرية الأمريكية التي أُسقطت فوق مدينة هيروشيما اليابانية في أغسطس/آب 1945، خلال الحرب العالمية الثانية كانت تحتوي على يورانيوم مخصب بنسبة 80٪، أي أن بقايا اليورانيوم المخصبة المكتشفة في أجهزة الطرد المركزي في منشأة "فوردو" الإيرانية بمعدل تخصيب 84٪ قد تكون كافية لصنع سلاح نووي، متى قررت إيران ذلك.
فيما حذر عدد من الخبراء والمراقبين، من أن التفاوض مع إيران، دون جدول زمني أو مواعيد نهائية، في الوقت الذي تطور فيه طهران برنامجها النووي للوصول إلى مستوى "العتبة النووية"، يمكن أن يجعل العالم يستيقظ يوما على أول تفجير نووي تجريبي لإيران، دون سابق إنذار.
المظلة النووية
دينس روس، السفير الأمريكي المخضرم مساعد الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما الخاص لشؤون الشرق الأوسط، أكد أن مواصلة إيران تخصيب اليورانيوم إلى درجة قريبة من إنتاج الأسلحة النووية، باتت أمرا حقيقيا أكثر من أي وقت مضي.
مساعد أوباما سابقا أشار في تصريحات لـ"العين الإخبارية" إلى أن النظام الإيراني قد يستطيع إنتاج ما يكفي من اليورانيوم لتكديس 10 قنابل من المواد الانشطارية المخصبة بنسبة 60٪ خلال العام الجاري (2023).
وشدد روس، وهو مستشار وزميل "وليام ديفيدسون" المميز في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأوسط على أن عثور الوكالة الدولية للطاقة الذرية مؤخرًا على جزيئات مخصبة بنسبة 84٪ يؤكد أن النهج الحالي للتعامل مع الملف النووي الإيراني لا يعمل.
وحذر من أن المسار الحالي سيؤدي إلى اندلاع حرب إقليمية، قائلا: "على الرغم من الاضطرابات الداخلية في إسرائيل وارتفاع مستويات العنف مع الفلسطينيين، لكن الإسرائيليين من مختلف الأطياف السياسية ينظرون إلى إيران النووية باعتبارها تهديدًا وجوديًا".
ونبه إلى أن هناك نقطة ستأتي وسيضطر فيها الإسرائيليون لقصف مخزون إيران المتراكم من المواد الانشطارية وتدمير بنيتها التحتية النووية بالكامل.
وحول الخطط البديلة مثل "الخطة B" التي يتم الحديث عنها بين المحللين، للتعامل مع إيران في حال امتلاكها لسلاح نووي، أكد دينس روس أن أفضل خطة بديلة للتعامل مع إيران في الوقت الراهن، هي أن تعتقد طهران أن الولايات المتحدة مستعدة للعمل عسكريا ضد برنامجها النووي.
وفي نصيحة وجهها لطهران، قال السفير دينس روس: "ينبغي للإيرانيين أن يفهموا أنهم يخاطرون باستثماراتهم على مدار الـ٤٠ سنة الماضية في برنامجهم النووي".
ويدور الحديث حاليا عن نشر مظلة نووية أمريكية في الشرق الأوسط، على غرار المظلة الأمريكية النووية التي تم نشرها في أوروبا خلال الحرب الباردة، وذلك في حال امتلاك إيران لأسلحة نووية، وهو ما علق عليه الدبلوماسي الأمريكي بقوله إن "فكرة المظلة النووية في الشرق الأوسط غير واقعية".
وهنا اختتم الدبلوماسي الأمريكي، حديثه بالتأكيد على ما ذهب إليه بشأن عدم واقعية المظلة النووية قائلا: "إذا كان الإيرانيون يعتقدون الآن أننا لن نتحرك عسكريا ضدهم، فلماذا سيصدقون خيار المظلة النووية في المستقبل؟!".
منع الاختراق النووي
دعوات متتالية لإعادة النظر في السياسة الأمريكية تجاه إيران وجهها عدد من الخبراء وفي مقدمتهم أندريا ستريكر، نائب مدير برنامج عدم الانتشار النووي، الباحثة بمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات (FDD)، منبهة إلى عمل طهران على زيادة قدراتها في الاختراق النووي وتكديس المزيد من اليورانيوم المخصب بينما تنتظر الإدارة الأمريكية نجاح الدبلوماسية.
وفي تصريحات خاصة لـ "العين الإخبارية"، أعربت ستريكر عن خشيتها من أن ينتج هذا النهج امتلاك إيران للسلاح النووي، موضحة أنه من المهم جدا أن تواصل واشنطن تعميق تعاونها العسكري مع حلفائها بالمنطقة وإسرائيل، على أن تكون أن تكون "الخطة B" هي التهديد المؤكد به بضربات عسكرية تمنع النظام من التقدم نحو الاختراق النووي.
وأشارت إلى أن الولايات المتحدة وإسرائيل، إلى جانب الحلفاء الإقليميين الآخرين، مطالبين بالتأكيد على أن التكاليف ستكون باهظة لإيران في حال قررت المضي قدما لامتلاك سلاح نووي، بحيث لا تفكر طهران في امتلاكه أبدا.
وأكدت الباحثة الأمريكية أن العقوبات الاقتصادية والمالية في وقت يكون فيه نظام طهران ضعيفًا في الداخل، ستجبره على ضبط النفس، والشفافية في أنشطته النووية.
وقالت: "السنوات العشرين الماضية من تاريخ إيران النووي تؤكد أن طهران تستجيب للضغوط إذا كانت الولايات المتحدة وأوروبا جبهة موحدة، حيث يمكن للعقوبات الاقتصادية والمالية الشديدة وإعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على إيران، والتهديد العسكري الموثوق، أن تؤثر جميعها على استعداد طهران للمضي قدمًا في إنتاج سلاح نووي".
الخطة A
أما السفير جون بولتون، مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق للرئيس دونالد ترامب، فكان له رأي آخر، حيث أكد في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية"، أن أفضل سيناريو للتعامل مع البرنامج النووي الإيراني هو منعها في المقام الأول من امتلاك سلاح نووي، قائلا: "ليست لدي خطة بديلة يجب تنفيذ الخطة A وهدفي هو منع حدوث ذلك في المقام الأول".
وأشار السفير الأمريكي المخضرم، إلى أن علاقة الولايات المتحدة مع حلفائها بالشرق الأوسط أمر مهم للغاية، معربا عن سعادته بمستوى التعاون بين واشنطن والعواصم الخليجية، خاصة في القضايا العسكرية، حيث من الواضح أن الجميع يواجه نفس التهديد المشترك من إيران.
وحول ما يشاع عن خطط إنشاء "الناتو العربي"، أوضح السفير بولتون، أن الدعم المشترك المستمر والتعاون بشأن قضايا الدفاع بين الولايات المتحدة وشركائها في المنطقة، هو من مصلحة واشنطن بلا شك، معربا في الوقت ذاته عن اعتقاده بأنه لا توجد حاجة إلى إنشاء ناتو عربي طالما يتم التعامل مع مختلف التهديدات في ظل التعاون المشترك بين واشنطن وحلفائها في المنطقة.
aXA6IDMuMTI5LjE5NS4yNTQg جزيرة ام اند امز