خبراء: عرض إيران لتسليح جيش لبنان مساع لاختراقه وشرعنة لمصانع صواريخها
الخبراء يؤكدون لـ"العين الإخبارية" أن إيران تسعى إلى شرعنة مصانعها غير الرسمية الموجودة في البقاع اللبناني، والتي تقوم بإنتاج الصواريخ
أكد سياسيون ومحللون لبنانيون، أن العرض الذي قدمه وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، بتسليح الجيش اللبناني، خلال زيارته إلى بيروت، خبيث ويهدف إلى بسط سيطرة إيران على الجيش، الذي لم يتأثر بمخططات واختراقات نظام "ولاية الفقيه".
- مليشيات إيران تواصل نهج داعش.. نهب وتدمير لآثار الموصل
- نيكي هيلي: أذرع إيران في لبنان واليمن تهديد للسلام بالمنطقة
وأشاروا في تصريحات لـ"العين الإخبارية" إلى أن "الأعراف الدولية المرتبطة بالمنح العسكرية أو حتى الصفقات مدفوعة الثمن، تقضي بأن يكون للدولة المانحة أو المنتجة للسلاح خبراء في الدولة الأخرى، لاستخدام الآليات العسكرية والتدرب عليها، الأمر الذي تسعى إيران من خلاله إلى الهيمنة على الجيش اللبناني، والتواجد داخل مؤسساته عبر خبرائها".
وأوضح السياسيون والمحللون المتخصصون في الشأن الإيراني، أن هناك هدفا آخر أشد خبثا لهذا العرض، وهو شرعنة المعامل غير الرسمية، الموجودة في البقاع اللبناني، والتي تقوم بتصنيع صواريخ أرض - أرض، وأرض - جو، بشكل غير معلن، ويتواجد فيها عناصر من الحرس الثوري الإيراني في مناطق تابعة لحزب الله، لتكون الصواريخ التي توجهها طهران للعرب، صناعة إيرانية على أرض لبنانية".
مستشار الرئيس اللبناني: نرفض "الهبة" الإيرانية
يقول بشارة خير الله مستشار الرئيس اللبناني السابق العماد ميشال سليمان، إن "المصلحة الوطنية اللبنانية العليا، تقتضي بألا يقبل لبنان المنحة الإيرانية التي جاءت مع الوزير ظريف، وذلك لسببين، أولا أن السلاح اللبناني منذ أن تأسس الجيش أمريكي، وثانيا، أن هناك عقوبات دولية مفروضة على إيران، وهذا ما يحتم على لبنان احترام القرارات الدولية، والالتزام بهذا الشأن، فضلا عن التمسك الوطني بتحييد لبنان عن أزمات المنطقة، واتباع مبدأ النأي بالنفس".
وأوضح "خير الله"، في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية"، أن "الأهم هو عدم وجود توافق بقبول هذه المنحة، حيث إن معظم أعضاء الحكومة يرفضونها، ومن الطبيعي ألا يقبل لبنان المنحة لمصلحته الوطنية الخالصة، في ظل وجود منح أمريكية سنوية تأتي للجيش، فهل نخاطر بمعاداة أمريكا أو خلق عداء لأجل هبة لم نعرف شكلها؟!".
وأردف: "إيران لم تعرض من قبل منح على لبنان، حتى عندما ذهب الرئيس اللبناني ميشال سليمان إلى طهران، وقتها لم يكن هناك عقوبات دولية على إيران، وطلب الرئيس سليمان تطوير قدرات الجيش اللبناني، ولم يأخذ أي رد من طهران"، متسائلا: "ما المستجد حتى تعرض إيران الهبة الآن؟".
عاكوم:"الهبة" تستهدف استكمال "أيرنة" لبنان
ويقول الخبير اللبناني في الشأن الإيراني فادي عاكوم، إن الحديث عن الهبة العسكرية في هذا الوقت، هو استكمال لمشروع "أيرنة" لبنان، حيث يحمل "ظريف" عرض المساعدات العسكرية للبنان بعد أيام قليلة من ضجة أقامها "حزب الله" وإعلامه، تدفع إلى رفض هبات عسكرية أمريكية وفرنسية، لتقوية قدرات الجيش اللبناني.
وأوضح "عاكوم"، في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية"، أن الأمر الخاص بـ"الهبة" ليس غرضه تقوية سلاح حزب الله الإرهابي، فهو غرض أبعد وأخبث من طهران، باختراق الجيش اللبناني الذي يعتبر المؤسسة الحكومية الوحيدة التي منعت الإيرانيين من اختراقها عبر عملاء طهران في لبنان حزب الله".
وأضاف أن "هناك أعرافا متعلقة بهبات الأسلحة وحتى لو أسلحة مدفوعة الثمن، تلك الأعراف تفرض مع هذا العرض، دفع إيران بخبراء ومدربين مصاحبين لهذه الأسلحة داخل الجيش اللبناني، مما يعني أن الحرس الثوري سيضع يده على الجيش اللبناني، ووجود هؤلاء الضباط سيكون لهم تنسيق من جانب آخر مع حزب الله، بمعنى أن القوة الوحيدة الخارجة عن يد إيران وحزب الله في لبنان، وهو الجيش، سيوضع بهذه المنحة إن تمت في يد طهران".
ولفت "عاكوم" إلى ما وصفه بـ"الكارثة الأكبر" عند الموافقة على هذه المنحة، بأنه "سيتم إعطاء الشرعية لمعامل إيرانية في مناطق لحزب الله بالبقاع اللبناني، تابعة للحرس الثوري، يتم فيها تصنيع "صواريخ "أرض – أرض" و"أرض – جو"، وهذه الأسلحة التي توجه لدعم الحوثيين لقتل الشعب اليمني من جهة، ومن جهة أخرى، تهديد الدول العربية، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية.
وأشار "عاكوم" إلى ضرورة الربط بين زيارة "ظريف" للبنان، وعرض المنحة، وتكثيف التحركات العسكرية الإيرانية في سوريا، في ظل اتفاق روسيا وأمريكا بتحجيم المد الإيراني في سوريا، وهنا يرغب النظام الإيراني، في ظل هذا الضغط، أن يحتفظ لنفسه بأكبر عدد من مناطق التمركز في سوريا، وأن يعوّض ما فقده وسيفقده في سوريا من مناطق أخرى، بإحكام السيطرة الكاملة على لبنان".
تركيع لبنان واختراق الجيش
فيما قال المحلل السياسي اللبناني، محمد علي الرز، إن "ظريف، الذي جاء بعرض هبة عسكرية للجيش اللبناني بشبكة متطورة للدفاع الجوي، تحمل مخطط تركيع الساحة اللبنانية، وهذه المرة ليس بحزب الله، ولكن عبر اختراق المؤسسة الرسمية الأولى، وهي الجيش اللبناني، فالهبة، التي ستدخل في بروتوكول تعاون عسكري رسمي بين البلدين، سيشمل إمداد الجيش اللبناني بخبراء عسكريين من الحرس الثوري، بحجة التدريب لضباط الجيش اللبناني، ليتواجد هؤلاء الخبراء بشكل رسمي داخل المؤسسة العسكرية".
ولفت "الرز"، في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية"، إلى أن "المخطط الإيراني من زيارة ظريف يتعلق أيضاً بالهيمنة على الملفات الاستراتيجية والحيوية عبر ملفات الكهرباء والدواء، والتحكم في منتجاته الزراعية، والمقصود من كل هذه الباقات المقدمة، من خلال زيارة ظريف، تواجد إيران بمختلف المؤسسات، في ظل ما تخسره في سوريا، الأمر الذي تعوضه بالتحكم في حياة وعيش اللبنانيين".
وتابع المحلل السياسي اللبناني: "إذا كانت إيران موجوده الآن في لبنان عبر مليشيات وتتحكم بهذا الشكل، عبر حزب الله بـ28 نائباً و6 وزراء في الحكومة، فماذا سيكون الشكل بعد ذلك إذا نجحت في إتمام هذه المنح والبروتوكولات؟!، من المؤكد أنه سيكون لها الدور الأكبر وستتحكم في مفاصل الدولة".
ولفت إلى أن عروض "ظريف" لقيت تحفظات من معظم الأحزاب السياسية اللبنانية، حتى من هم على تحالف بحزب الله، ومنهم التيار الوطني الحر، الذي يتزعمه رئيس الجمهورية، حيث أبلغوا "ظريف" رسمياً بتأجيل الأمر للرغبة في الدراسة بشكل أكبر، ولكن الدولة اللبنانية، أبلغت "ظريف" في الغرف المغلقة، أن هناك ارتباطات تأتي من الغرب، فإذا جاءت المساعدة الإيرانية ستتوقف مساعدات الغرب، لا سيما أن لبنان يراهن على مشروعات مؤتمر سيدر 12 مليار دولار، للخروج من أزمته الاقتصادية.
ضد توجه لبنان العروبي
أكد النائب في البرلمان اللبناني د.محمد الحجار، أن طرح وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف، خلال زيارته للعاصمة بيروت، هبة عسكرية إيرانية للجيش اللبناني أمر ملغوم، ولا يتوافق مع المصلحة الوطنية اللبنانية، ولا مع موقف لبنان العروبي في ظل توجيه طهران سلاحها لإثارة الفتن بالدول العربية.
وقال عضو كتلة المستقبل النيابية، في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية"، إن زيارة "ظريف" إلى بيروت حملت هدفين، الأول السعي إلى فك الحصار عن إيران في ظل العقوبات المفروضة عليها، والهدف الثاني القيام بحملة علاقات عامة دولية، لإظهار طهران على أن لها مواقعها وتأثيرها على دول عدة في المنطقة العربية".
وأوضح أن ما يتعلق بالهبة التسليحية المعروضة من إيران للجيش اللبناني، والتي تحدث عنها "ظريف"، تم التحضير له منذ نحو 10 أيام من قبل الأمين العام لحزب الله الإرهابي، حسن نصرالله.
وأضاف "الحجار"، أن "الموقف اللبناني الوطني، يتجلى في التعامل مع هذا العرض من جانب جديته، ومن جانب المصلحة الوطنية، لأن الجميع يعلم ويدرك مدى الوضع الاقتصادي الداخلي الصعب في إيران، والذي يتصاعد مع تنفيذ العقوبات الأمريكية".
وتابع: "أما الجانب الثاني، أن يطرح ظريف عرضه بشكل مباشر مع الوزراء والرؤساء في لبنان، وعندئذ تدرس الدولة الطرح وتقف على مردوده معتقدا وموقنا بسلبية مردوده، وكلفته التي ستعرض لبنان إلى أزمات دولية بفعل نظام العقوبات المفروضة على طهران، الأمر الذي يتعارض ويتنافى مع المصلحة الوطنية، وهنا لا يوجد سوى عدم قبول هذا العرض.
ولفت "الحجار"، إلى أن "السلاح الإيراني لم يخدم يوما المصلحة الوطنية لأنه لم يمر عبر الدولة اللبنانية بل عبر فرقاء داخليين يأتمرون بالتوجيهات الإيرانية وتبعا لمصلحة إيران وحدها، وهو أيضا ضد عروبة لبنان وكل ما هو عربي لأنه استخدم في إثارة الفتن الطائفية والمذهبية في لبنان وفي العديد من الدول العربية مثل سوريا والعراق واليمن والبحرين".
وأشار "الحجار" إلى المخاوف التي يولدها السلاح الإيراني من إحداث فتنة بالشارع اللبناني، لا سيما أنه سلاح غير شرعي تمدّ به إيران حزب الله، الذي وجهه إلى صدور اللبنانيين في 7 مايو/أيار 2008، لكونهم اعترضوا على سياسة الحزب.
ومن الممكن أن يتكرر هذا المشهد، وهو ذاته نفس السلاح الذي استخدم ضد السوريين في السنوات الخمس الأخيرة داخل بلادهم، مما أقحم لبنان في أزمة سوريا بسبب تصرفات الحزب الموجهة من إيران، ووصل هذا السلاح ليستخدم في اليمن ضد اليمنيين وفي البحرين وضد الدول العربية.
واختتم قائلا: "لا نقبل بأن يكون لبنان منصة تسليح ضد الدول العربية عبر سلاح إيران".
aXA6IDMuMTMzLjE0Ni45NCA= جزيرة ام اند امز