بعد دخولها الشهر الثاني.. لماذا احتجاجات مهسا أميني في إيران ليست كغيرها؟
العين الإخبارية
لم يتخيل أكبر المتشائمين في النظام الإيراني أن وفاة شابة بعد اعتقالها في موجة احتجاجات عارمة، باتت تتسع دوائرها، وتخلُق رموزا جديدة، تهدد باتساعها خرقها.
الاحتجاجات بدأت في منتصف سبتمبر/أيلول الماضي، عندما أوقفت "شرطة الأخلاق" الشابة مهسا أميني (22 عاما) في طهران بزعم ارتدائها ملابس غير لائقة، قبل أن تقتادها إلى أحد مراكز الشرطة.
لكن ما إن مرت ساعات على اعتقالها، حتى تم نقل أميني إلى المستشفى بعد أن دخلت في غيبوبة، لتلفظ أنفاسها الأخيرة في 16 سبتمبر/أيلول الماضي، على إثر مزاعم تعذيب أثناء اعتقالها.
وتقول أسرة أميني وناشطون إنها تلقت ضربة قاتلة على رأسها في مركز الشرطة أثناء اعتقالها، إلا أن السلطات الإيرانية تنفي الأمر، زاعمة أن وفاتها جاءت بسبب أمراض كانت تعاني منها، وهو التبرير الذي ترفضه عائلة الضحية.
وما إن أعلن عن وفاة مهسا أميني، حتى اندلعت الاحتجاجات التي استمرت حتى اليوم في واحد من أكبر التحديات التي واجهها النظام الإيراني منذ 1979، بل أنها أصبحت تهدد عرش المرشد الإيراني آية الله علي خامنئي.
انتفاضة النساء
وشهدت إيران من قبل احتجاجات عارمة في 2009 بسبب نتائج الانتخابات الرئاسية والتي استمرت لنحو 6 أشهر مخلفة 72 قتيلا على الأقل, وفي 2019 بسبب رفع أسعار الطاقة، واستمرت لبضعة أيام مخلفة نحو 1000 قتيل بحسب إحصائيات غير رسمية، إلا أن "احتجاجات أميني" تعد الأولى في إيران التي أطلقتها وتقودها النساء اللائي يعانين من قيود حكومة صارمة على ملابسهن وحرياتهن.
وتستحق الاحتجاجات الحالية أن يطلق عليها "انتفاضة النساء"، إذ أن السبب وراء اندلاعها كان وفاة شابة، وخلال التظاهرات، خلعت بعض النساء الإيرانيات الحجاب في الشارع، وحرقه بعضهنّ، كما لقيت فتاتان مصرعهما خلال الاحتجاجات هما نيكا شاهكرامي وسارينا إسماعيل زاده البالغتان من العمر 16 عاما على يد قوات الأمن مما أدى إلى تحولهما إلى رموز جديدة للاحتجاجات إلى جانب أميني.
حراك يتسع بلا قيادة
ولعل الملمح الأبرز في الاحتجاجات الحالية أنها رغم افتقارها إلى وجود قيادة أو محرك لها، إلا أنها تمتد ويتسع نطاقها يوما بعد يوم، من الشوارع إلى المدارس والجامعات وصولا إلى مصافي النفط.
ودفع اتساع الاحتجاجات النظام الإيراني إلى الرد العنيف، باستخدام كل وسائل القمع، وصولا إلى إطلاق النار على المتظاهرين، مما خلف عشرات القتلى ومئات المصابين، بحسب إحصائيات حقوقية، كما لجأت طهران إلى قطع الإنترنت عن بعض المناطق بالكامل والاعتقالات الجماعية التي طالت المئات.
ولا يمكن فصل هذه الاحتجاجات عن الغضب الشعبي من الأوضاع الاقتصادية الصعبة والاتهامات بالفساد التي طالت مسؤولين خلال الفترة الماضية.
وخلال المظاهرات الحالية، تم تشويه وإحراق صور لخامنئي ورموز للنظام مثل قائد الحرس الثوري الراحل قاسم سليماني، وفي كثير من المناطق اشتبك المتظاهرون مع قوات الأمن التي كانت تطلق عليهم الرصاص.
وامتدت الاحتجاجات من العاصمة طهران، إلى تبريز (شمال)، ومدينتي أصفهان وشيراز التاريخيتين، ومدينة مشهد التي ينحدر منها خامنئي، ومحافظات بحر قزوين، والمحافظات ذات الأغلبية الكردية – التي تنحدر منها أميني- والمحافظات ذات الأغلبية السنية.
دعم غربي وإنكار إيراني
وحظيت التظاهرات في إيران على دعم غربي واسع، وفرضت بعض الدول الأوروبية والأمريكية عقوبات على مسؤولين إيرانيين، فيما قابلت طهران ذلك باتهام قوى خارجية بالتحريض على تلك الاحتجاجات، متناسية ما تمارسه من قهر على مواطنيها.