إيران.. حكومة "رئيسي" تتدخل لتحديد الأسعار في سوق الصرف الأجنبي
لا يعرف مسؤولو حكومة إبراهيم رئيسي السعر الحقيقي للدولار في إيران، وتشير التوقعات إلى أن سعر هذه العملة سيتجاوز 500 ألف ريال.
وذلك بنهاية العام الإيراني الذي سينتهي في 20 مارس/آذار المقبل، وبدأ البنك المركزي، اليوم الثلاثاء 24 يناير/كانون الثاني 2023، التدخل رسميًا في هذا السوق لتحديد الأسعار.
وفي خضم الاضطرابات التي تشهدها سوق الصرف الأجنبي في إيران، أعلن وزير الاقتصاد والشؤون المالية إحسان خاندوزي أن السعر الرئيسي للعملة في الاقتصاد الإيراني سيكون حوالي 300 ألف ريال، فيما أعلن محمد رضا فرزين رئيس البنك المركزي، أن السعر الحقيقي هو 28 ألف و500 ريال إيراني.
إلا أن سوق الصرف الأجنبي مستمر في طريقه بغض النظر عن مطالبات وأوامر وإخطارات الحكومة، وفي الساعات الأولى من يوم الثلاثاء بلغ سعر الدولار الأمريكي الواحد 440 ألف ريال.
واعتبارًا من اليوم، يُسمح لمكاتب الصرافة في إيران ببيع العملات الأجنبية حتى خمسة آلاف يورو سنويًا أو ما يعادلها بعملات أخرى بالسعر المنشور تحت عنوان "آخر سعر صرف" على موقع "إدارة سوق تداول العملات الأجنبية الإيراني".
وذكر موقع "اقتصاد نيوز" الإيراني، إن هذه الخطوة الحكومية لن تنجح في ضبط سوق الأسعار الأجنبية بسبب وجود نقص في احتياطي البلاد من العملات الأجنبية وتحديداً الدولار الأمريكي.
كما أعلن فرزين في تغريدة: "ابتداءً من اليوم سيتخذ البنك المركزي ومكاتب الصرافة إجراءات مشتركة لإعادة الاستقرار الاقتصادي في البلاد"، مضيفاً "من الآن فصاعدًا، سيدخل البنك المركزي السوق الحرة وسيكون صانع سعر".
وفي السابق، تمت تغطية احتياجات الناس من النقد الأجنبي في التبادلات على أساس المعاملات المتفق عليها بالدولار واليورو.
ومنذ نهاية يونيو/حزيران الماضي، أطلق البنك المركزي سوق اتفاقية العرض والطلب على العملات وإمكانية إجراء معاملات اتفاقية العملة في البورصات وسوق العملات المنظمة.
ولقد تبنى البنك المركزي الإيراني الآن سياسة مختلفة، ومن الواضح أنه يريد السيطرة على هذه السوق الجامحة من خلال تحديد سعر الصرف.
ويتوقع الخبراء أنه إذا وافق مجلس أوروبا المعني بحقوق الإنسان على قرار برلمان الاتحاد الأوروبي ضد الحرس الثوري ووضعه على لائحة الإرهاب، فإن سعر الدولار سيرتفع بشكل حاد إلى500 ألف ريال إيراني.
وقال "مرتضى أفقه" أحد هؤلاء الخبراء، إن سعر الدولار لن ينخفض مع "محادثات محافظ البنك المركزي" وأن هناك احتمال أن يرتفع سعر هذه العملة في الأسابيع المقبلة.
ووصل سعر الدولار إلى 453 ألف ريال في الفترة الأخيرة، فيما أعلن "فرزين" إطلاق سوق صرف العملات والذهب خلال الأسبوعين المقبلين للسيطرة على هذا الوضع.
وقال إنه من خلال نظام "إلكتروني" الذي سيتم الكشف عنه قريبًا، سيتم تسليم العملات الأجنبية للمتقدمين بناءً على المستندات والوثائق التي يقدمونها.
بدورها، زعمت وكالة أنباء "فارس نيوز" الإيرانية، إن تدخل البنك المركزي في سوق الصرف الأجنبي سوف يستمر ويتسبب في اتجاه هبوطي للدولار أمام العملة المحلية.
فيما قالت وكالة أنباء هيئة الاذاعة والتلفزيون الإيراني، إن "العقوبات تسببت في السنوات الأخيرة في انخفاض كبير في موارد النقد الأجنبي للجمهورية الإسلامية وتسببت في صدمات العملة لاقتصاد النظام في فترات عديدة".
وحدثت أول صدمة للاقتصاد في العملة الإيرانية مع زيادة بنسبة 40% في سعر الصرف في عام 1979 واستمرت لعدة سنوات.
وفي عام 1989، وعلى الرغم من معدل التضخم البالغ 28%، واجه سعر الصرف الحقيقي صدمة سلبية بنسبة 30%، والتي بحسب الوكالة الرسمية، فإن "التحسن التدريجي لإيرادات النفط مع اقتراب نهاية الحرب العراقية الإيرانية هو أحد الأسباب الرئيسية لصدمة العملة السلبية الأولى في الاقتصاد الإيراني".
ومع ارتفاع الأسعار المحلية والتضخم، شهد سعر الصرف قفزة غير مسبوقة في عامي 1995 و 1996 ونما بنسبة 46% و53% على التوالي في هذين العامين المتتاليين وتسبب في الصدمة الثالثة للاقتصاد الإيراني.
وفي عام 2003، في أعقاب الاضطرابات في سوق الصرف الأجنبي وتشديد العقوبات على البنك المركزي الإيراني، رفع البنك المركزي سعر الصرف الرسمي ووصله إلى مستوى حوالي 8 آلاف ريال، وهو ما يُعرف بصدمة "التعادل".
ومنذ عام 2011 وما بعده وفي نفس الوقت مع اشتداد العقوبات المصرفية، وخاصة عقوبات البنك المركزي، وكذلك الإشاعات بأن عائدات النفط ستكون محدودة، ارتفع سعر الصرف غير الرسمي بأكثر من 55%.
واستمرت صدمة العملة عام 2011 في عام 2012 وارتفع سعر الصرف الرسمي إلى 12 ألف ريال إيراني أمام الدولار الحكومي، وسعر الصرف غير الرسمي إلى 26 ألف في ذلك العام.
واستمر اتجاه التقلبات وعدم الاستقرار في سعر الصرف في عام 2012، وخلال هذه الفترة ارتفع سعر الصرف في السوق المفتوحة إلى 32 ألف ريال للدولار الواحد.
وبعد تعطيل العمليات المصرفية وإرسال الحوالات بالعملة الأجنبية، وتكثف تدريجياً مع اشتداد نطاق اضطراب العلاقة بين النظام المالي للحكومة الإيرانية والأسواق المالية الدولية، واصلت العملة الانهيار.
واعترفت وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية أخيرًا بأن "محدودية موارد النقد الأجنبي أجبرت الحكومات على إعطاء الأولوية لموارد النقد الأجنبي للبلاد وزيادة أسعار الصرف الرسمية في فترات مختلفة"، مما أدى إلى زيادة سعر الصرف في السوق الحرة.
aXA6IDE4LjIxNy40LjI1MCA=
جزيرة ام اند امز