الأجواء أصبحت بلا شك أجواء حرب، فالنظام الإيراني الذي طالما أجاد الوقوف في منطقة ما بين الحرب واللاحرب لم يستطع الصمود في المنتصف
بعد التصعيد الإيراني غير المسبوق بمهاجمة أهم معامل شركة أرامكو شرق السعودية؛ حيث أظهرت نتائج التحقيقات الأولية التي عرضتها وزارة الدفاع السعودية مسؤولية طهران عن الهجوم. التساؤلات الأكثر تداولاً بعد الهجوم الإرهابي الخطير والتوترات الخطيرة التي تعيشها المنطقة: هل ما جرى ويجري لا يخرج عن نطاق مقدمات حرب قادمة لا مجال لتلافيها؟ من الذي سيخوض هذه الحرب؟ ومن الذي سيدفع الكلفة؟ وهل الحرب ستغير إيران "الثورة" وتنزع برنامجها النووي وقدراتها الصاروخية؟
السعودية بثقلها الدولي ودبلوماسيتها المعهودة تمكنت من إدارة ملف الهجوم الإرهابي على منشأتي أرامكو بحنكة عالية، ونجحت في وضع المجتمع الدولي أمام مسؤوليته عن الأمن والسلم الدوليين، ولم تهتز أو تتسرع على الرغم من أنها قادرة على رد قوي وأليم لطهران، فقدراتها العسكرية تتفوق بمراحل على إيران
الحقيقة أن الأجواء أصبحت بلا شك أجواء حرب، فالنظام الإيراني الذي طالما أجاد الوقوف في منطقة ما بين الحرب واللاحرب لم يستطع الصمود في المنتصف ونستطيع القول إنه قد انزلق نحو منطقة الحرب بعد هجوم "بقيق"، وهو أمر طبيعي لأن نظام الملالي ليس في صالحه الاستسلام للعقوبات الاقتصادية الخانقة التي يتعرض لها والقبول بالشروط الأمريكية، ومن ثم تغيير نهج تدخلاته وسياساته في المنطقة والتي يستمد منها قوته الداخلية، لذلك لم يكن أمام طهران إلا أن تدفع باتجاه رفع مستويات التوتر بالمنطقة حتى ولو كان ثمنها تصعيدا خطيرا باتجاه الحرب.
بعد هجوم "أرامكو" واستهداف أهم مصادر الطاقة في العالم لم يعد ينظر للخلاف بأنه أمريكي-إيراني وأوروبا خارج اللعبة، بل أصبح خلافا دوليا-إيرانيا بما فيه أوروبا، التي تخلت عن الحياد وقررت الاصطفاف أكثر مع الموقف الأمريكي؛ حيث حمّل البيان الثلاثي الذي صدر بعد لقاء المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، إيران مسؤولية الاعتداء على "أرامكو"، ودعاها إلى "الانخراط في الحوار والإحجام عن خيار الاستفزاز والتصعيد". وأكد البيان أنه "حان الوقت لإيران كي تقبل بإطار مفاوضات طويل الأمد على برنامجها النووي، وكذلك على القضايا الأمنية الإقليمية، والتي تشمل برامجها الصاروخية".
السعودية بثقلها الدولي ودبلوماسيتها المعهودة تمكنت من إدارة ملف الهجوم الإرهابي على منشأتي أرامكو بحنكة عالية، ونجحت في وضع المجتمع الدولي أمام مسؤوليته عن الأمن والسلم الدوليين، ولم تهتز أو تتسرع على الرغم من أنها قادرة على رد قوي وأليم لطهران، فقدراتها العسكرية تتفوق بمراحل على إيران، ولكنها تدرك أن ذلك سيقود لحرب شاملة تدفع الاقتصاد العالمي إلى الهاوية، ولذلك فإن قرار الحرب ليس بيد الرياض وحدها، ويجب على تلك الدول التي ستتضرر من صعود قياسي في أسعار النفط أن تدافع عن مصالحها، فالسعودية ليست المتضررة الوحيدة حتى تكون المدافع الوحيد عن الاستقرار العالمي.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة