ممر "إيران - العراق - سوريا" تحت التنفيذ في انتظار الإعلان الرسمي
وسائل إعلام وشخصيات مقربة من النظام الإيراني كشفت عن تفاصيل جديدة حول المشروع الإيراني فيما يخص أهدافه ومساحته.
مع صعود تنظيم داعش الإرهابي عام 2014، ومسارعة إيران للانتشار المكثف بمليشياتها في جسدي العراق وسوريا، تصاعد الحديث عن مشروع إيراني لمد طريق بري من طهران حتى بيروت، مرورا بالأراضي العراقية والسورية، لربط الدول الأربع في يد إيرانية واحدة.
ورغم التزام الدوائر الرسمية في إيران الصمت أمام هذا الحديث، فإن وسائل إعلام مقربة منها وقيادات في مليشيات موالية لها دائمة الحديث بتفاخر حول هذا المشروع.
ومن أحدث التقارير الواردة في هذا الأمر ما نشرته صحيفة "الديار"، المقربة من مليشيا حزب الله الموالية لإيران في لبنان، الذي تحدث عن وصول المشروع إلى مرحلة التنفيذ الفعلي، كاشفة تفاصيل كانت مخفية حوله.
وفي ذلك قالت إن إيران وقعت مع العراق وسوريا على إنشاء "أوتوستراد" ينطلق من طهران، ليتجاوز العراق، ومنه يخترق الأراضي السورية وصولا إلى ساحل البحر المتوسط.
وبحسب الصحيفة، فإن الرحلة على امتداد طهران - دمشق ستستغرق على الطريق المذكور 16 ساعة بالسيارة، بما في ذلك التوقف وملء الوقود والاستراحة.
وسيكون الطريق متسعا جدا، ومقسما إلى 4 أقسام، منها قسمان بعرض 50 مترا لمرور الشاحنات، وقسمان بعرض 50 مترا، وقسم للسيارات، في الاتجاهين، وأقصى سرعة للسيارات هي 140 كم.
ولإتمام الفائدة الإيرانية من المشروع، ستتولى شركة إيرانية تنفيذه، وتضع رسوما لمرور السيارات والشاحنات.
كما سيقام على جانبي الطريق فنادق واستراحات ومطاعم، ومن المتوقع أن يكون معظمها تابعا لشركات إيرانية أو تابعة لمليشيات عراقية وسورية موالية لها.
والأكثر لفتا للنظر في تفاصيل المشروع أن قوات إيرانية من الجيش والشرطة ستشارك مع قوات عراقية وسورية في تأمين الطريق.
وبتعبير الصحيفة المقربة من مليشيا حزب الله فإن سيارات تلك القوات ستتجول دائما على "الأوتوستراد"، وسيكون للشرطة السريعة ما بين 150 و300 موقعا عى جانبيه.
وعن مدة المشروع توقعت أن ينتهي خلال عامين، وسيتم جني تكلفته خلال 5 سنوات، وبعدها قد يتم رفع رسوم المرور.
والفوائد "المعلنة" من المشروع تجارية ودينية بحتة، منها تسريع توصيل البضائع الإيرانية والعراقية إلى ساحل البحر المتوسط، وتسهيل تدفق السياح إلى المزارات الشيعية وغيرها بين إيران والعراق وسوريا، ولبنان المتوقع أن يمتد إليه المشروع في مرحلة لاحقة.
إلى هنا انتهت التفاصيل المذكورة في الصحيفة المقربة من مليشيا حزب الله، التي لم تذكر الأهداف الاستراتيجية الأكبر لهذا المشروع الإيراني.
ومن هذه الأهداف:
تأمين عبور القوات الإيرانية والمليشيات
تسعى إيران لتوفير طريق آمن تحت سيطرتها لنقل القوات والمليشيات التابعة لها بين البلدان الأربعة، والعتاد العسكري، بعيدا عن الرقابة الدولية التي تزخر بها الموانئ والطرق التقليدية.
ففي يونيو/ حزيران 2017 صرّح الجنرال السوري المتقاعد يحيي سليمان لصحيفة "ازفستيا" الروسية، بأن هذا الطريق يزيل صعوبات نقل المنتجات العسكرية والأسلحة والذخيرة والأدوية من إيران إلى سوريا عبر العراق.
وتعتبر إيران مصدراً أساسياً لإمدادات الأسلحة إلى سوريا.
وكانت إمدادات الأسلحة تصل إلى سوريا حتى الآن عن طريق الجو أو بطريق البحر عبر لبنان، وهما طريقان باهظا التكاليف ومحفوفان بالعوائق.
وجاءت تلك التصريحات بعد إعلان مليشيا الحشد الشعبي الموالية لإيران في العراق، ومليشيا "فاطميون" الموالية لها في سوريا بزعامة قاسم سليماني قائد فيلق القدس في مليشيا الحرس الثوري الإيراني سيطرتهما على الحدود بين سوريا والعراق تحت لافتة محاربة تنظيم داعش.
وكان هذا تتويجا لعمليات مسلحة قامت بها مليشيا الحشد الشعبي للسيطرة على مدن تلعفر والقائم والحضر والبعاج والقيروان قرب الحدود مع سوريا، وقبله السيطرة على مناطق في ديالي وصلاح الدين القريبة من الحدود مع إيران، وكانت كل عملياتها كذلك تحت لافتة "محاربة داعش".
- تأمين عبور البضائع المهربة وغير المشروعة
تشتهر إيران بتهريب المخدرات وتجارة البشر بينها وبين العراق وسوريا، وتساعدها في ذلك مليشيا الحشد الشعبي.
ومثال على ذلك أنه في يوليو/ تموز 2017 صرّح رئيس منظمة "السلام" العراقية المعنية بشؤون حقوق الإنسان، محمد علي، إن "العاصمة بغداد تليها البصرة وبابل ثم النجف وصلت إلى معدلات قياسية في تعاطي المخدرات والاتجار بها".
وقال إن مليشيا الحشد الشعبي تدير شبكات لتهريب المخدرات من إيران إلى البلاد.
وينطبق الأمر على سوريا، خصوصا بعد الكشف عن تشكيل مليشيا حزب الله المنتشرة هناك شبكة صناعة وتهريب مخدرات في دمشق والقصير.
- تغيير تركيبة السكان
تقع معظم المدن التي تم إعلان سيطرة "داعش" عليها على جانبي مشروع الطريق الإيراني، بداية من ديالي على الحدود العراقية مع إيران وحتى دمشق في سوريا.
وكان لافتا أن "داعش" يقوم بتهجير سكان تلك المدن بشكل متعمد، وبعد تدخل المليشيات الإيرانية تحت لافتة طرد "داعش"، يشكو السكان المهجرون من أن المليشيات تتباطأ في إعادة جانب كبير من السكان، خصوصاً السنَّة منهم، مثلما حدث في بابل والموصل بالعراق.
وإضافة إلى ذلك، يجري تغيير تركيبة السكان في سوريا عبر اتفاقيات مباشرة بين التنظيمات المسلحة مع عائلاتهم والنظام السوري تحت رعاية روسية- إيرانية- تركية، بموجبها تخلي تلك الفصائل مدناً معينة - تقع على مشروع الطريق الإيراني - وتنتقل إلى الشمال السوري الواقع تحت سيطرة تركيا، مقابل عدم ملاحقتهم.
ويأتي مشروع الطريق البري الإيراني كذلك في إطار تقاسم مناطق النفوذ في سوريا بين إيران وروسيا وتركيا، خصوصا أن تركيا لم تتدخل بشكل جاد في منع سيطرة إيران على المدن المحاذية لهذا الطريق، مثل حلب واللاذقية، ومؤخرا دعمت اتفاقيات إخلاء دمشق من فصائل المعارضة المسلحة.
في المقابل لم تتدخل إيران وروسيا لمنع التوغل التركي في الشمال السوري، خصوصا إدلب وجرابلس والباب وعفرين.
ومن المتوقع أن يأخذ المشروع طريقه إلى لبنان في حال تمكين مليشيا حزب الله من الأمور في البلاد إذا ما حققت فوزا كبيرا في الانتخابات النيابية المقررة الشهر المقبل.
aXA6IDE4LjE4OC4yMjMuMTIwIA== جزيرة ام اند امز