لقب المرشد اتخذه الخميني من حسن البنا، مرشد جماعة "الإخوان" الإرهابية وثيقة الصلة بإيران رغم الاختلاف المذهبي الظاهر.
لم يتمتع حاكم دولة أو قيادة دينية في العالم بالنفوذ والصلاحيات التي يتمتع بها مرشد ثورة إيران، القابض بين يديه على النفوذ السياسي والعسكري والديني والقضائي والإعلامي.
فوفق الدستور الإيراني فإن المرشد الأعلى لإيران هو القيادة العليا للبلاد، ويعلو منصبه فوق منصب رئيس البلاد ذاته، حتى شبه البعض رئيس إيران بأنه رئيس وزراء للرئيس الفعلي وهو المرشد.
وجاء هذا وفق نظرية "الولي الفقيه" التي اعتمدتها إيران على يد الخميني بعد ثورته التي أنهى بها نظام حكم الشاه عام 1979، وابتدع نظام حكم لم يُشهد مثله في العالم، معلنا بشكل واضح، وعبر الدستور أيضا، أنه يهدف لتطبيق هذا النظام على كافة الدول التي ستسيطر عليها تحت اسم "الجهاد الإسلامي" و"توحيد الأمة".
الحاكم الأعلى لـ"الأمة"
فالمادة 5 من الدستور الإيراني تنص على أنه "في زمن غيبة الإمام المهدي تكون ولاية الأمر وإمامة الأمة في جمهورية إيران الإسلامية بيد الفقيه العادل المتقي البصير بأمور العصر؛ الشجاع القادر على الإدارة والتدبير وفقاً للمادة 107".
أي أن الدستور أقام من مرشد إيران "نائبا للمهدي" الذي يوصف بأنه إمام المسلمين القادم؛ ما يعني أن مرشد إيران هو "إمام المسلمين" بالنيابة عنه، وهو ما يعطي لنفسه الحق في التدخل في شؤون الدول الإسلامية ولو بالمليشيات تحت حجة "توحيد الأمة" و"نصرة المظلومين" المنصوص عليها في دستور إيران أيضا.
كما أن وصف الدستور له بأنه العادل والمتقي والبصير والشجاع، ولذا فإنه يكتسب قداسة من تلك التي يوليها المذهب الإيراني للمهدي.
وفي "التمهيد" لمواد الدستور توجد فقرة بعنوان "ولاية الفقيه العادل" تنص على "تمشياً مع ولاية الأمـر والإمـامـة، يهيئ الدستور الظروف المناسبة لتحقيق قيادة الفقيه جامع الشرائط الذي يعترف به الناس قائداً لهم".
صلاحيات المرشد
وحددت المادة 110 صلاحيات المرشد في أنه القائد للقوات المسلحة (تضم الجيش وقوات الحرس الثوري وقوات الباسيج)، وله صلاحيات تعيين وعزل القيادات العسكرية في كل هذه الأفرع، وتوقيع مرسوم تنصيب رئيس البلاد، وعزل الرئيس كذلك بعد موافقة القضاء والبرلمان.
كذلك أعطته صلاحية قبول ورفض المرشحين لمنصب الرئيس.
وله صلاحيات رسم السياسات العامة لنظام إيران، واختيار رئيس الحكومة (تم إلغاء المنصب منذ عدة سنوات).
وإصدار الأمر بإجراء الاستفتاء العام، وتعيين وعزل كل من فقهاء مجلس صيانة الدستور، والمسؤول الأعلى للقضاء، ورئيس مؤسسة الإذاعة والتلفزيون، أي جمع بين يديه السلطات السياسية والقضائية والتحكم في الإعلام، على الرغم من أنه فقيه ديني فقط.
وفوق ذلك خولت له هذه المادة (110) سلطة إعلان الحرب والسلام والنفير العام.
أصل اللقب
ولقب المرشد اتخذه الخميني من حسن البنا، المرشد العام لجماعة الإخوان الإرهابية؛ حيث تربط وشائج قوية بين الإخوان وثورة الخميني، على الرغم من الاختلاف المذهبي الظاهر.
وبعد وفاة الخميني 1989 حمل هذا اللقب في إيران تلميذه علي خامنئي الذي ما زال يحمله حتى الآن.
ورغم اختلاف النظريات في العالم حول تعريف الدولة الدينية، إلا أنها في دستور إيران معلنة صراحة بأنها دولة دينية، مهامها نشر "الثورة الإسلامية" في العالم، والفقيه الديني هو الحاكم الأعلى للبلاد.
اختيار المرشد
ويختار خبراء مجلس القيادة الإيرانية المرشد، ويكون تعيينه لفترة غير محدودة، ولا يعزل من منصبه إلا في حالتين هما عجزه عن أداء وظائفه الدستورية، أو فقده أحد الشروط التي أهلته للمنصب منذ البداية.
أما مجلس خبراء القيادة فيوصف بأنه الهيئة الأساسية في النظام الإيراني، ويتألف من 86 عضواً يتم انتخابهم عن طريق اقتراع شعبي مباشر لدورة واحدة مدتها 8 سنوات.
وحددت المادة 109 المؤهلات والشروط اللازمة لاختيار مرشد إيران، وتبدو شروط عامة ومائعة، ومنها الكفاءة العلمية للإفتاء في مختلف أبواب الفقه، والعدالة والتقوى، والرؤية السياسية الصحيحة والكفاءة الاجتماعية والإدارية، والتدبير والشجاعة والقدرة على القيادة.
سقوط "القداسة"
ولكن نصوص الدستور غير المسبوقة تلك لم تحفظ القداسة المصنوعة للأبد لمرشد إيران، فقد فاجأته الاحتجاجات الجارية ضد نظام الحكم منذ الـ28 من ديسمبر/كانون الأول الماضي بهتافات تهاجم علي خامنئي والخميني، وتطالبه بالرحيل بقولها "عار عليك يا خامنئي.. تنحى عن السلطة" و"الموت للديكتاتور".
ووصل الأمر إلى حد إحراق صورهم المعلقة في الشوارع في بعض المدن، ومنها مدينة مشهد، ثاني مدن إيران قدسية لديهم بعد مدينة قم.
وكانت الاحتجاجات في السابق في إيران أعلى سقف لها هو مهاجمة الرئيس الإيراني، مثلما حدث مع الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد أو الحالي حسن روحاني، ولم تكن تصل إلى مقامات الملالي والمرشد.