اعتقالات وإغلاق صرافات.. سياسة الملالي لمواجهة أزمة الدولار
إيران تلجأ إلى القبضة الأمنية مجددا للسيطرة على تدهور عملتها مع تفاقم أزمة سوق العملات الأجنبية.
شنت الشرطة الإيرانية حملة اعتقالات جديدة ضد من وصفتهم بسماسرة العملات الأجنبية، الأربعاء، شملت اعتقال نحو 12 سمسارا بالعاصمة طهران، إضافة إلى إغلاق نحو 16 صرافة، وذلك في ظل تفاقم أزمة سوق النقد الأجنبي بالبلاد، وتدهور قيمة العملة المحلية الإيرانية أمام الدولار الذي اقترب من حاجز الـ6000 تومان، وسط فشل حكومي في السيطرة على تلك الأزمة.
وأعلن حسين رحيمي، قائد قوات الشرطة في طهران، بحسب راديو زمانة المعارض، عن تحديد هويات مجموعة تقوم بما وصفه بـ"أنشطة غير قانونية" عبر الفضاء الإلكتروني أدت إلى خلل بسوق النقد الأجنبي بالبلاد، معلنا القبض عليهم وخضوعهم لتحقيقات من قبل السلطات القضائية، على حد قوله.
وأعلن رحيمي عن إغلاق نحو 16 صرافة بالتنسيق مع البنك المركزي الإيراني، في حين اضطرت حكومة الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى تحديد أسعار الصرف الأجنبي بنحو 4200 تومان، قبل أن تحظر على مواطنيها حيازة أكثر من 10 آلآف يورو، مشيرة إلى أن مخالفة هذا القرار تعد "جريمة".
وفي أعقاب القرار الجديد من جانب حكومة طهران بشان أسعار النقد الأجنبي، أعلنت وسائل إعلام إيرانية عن امتناع عدد كبير من الصرافات الخاصة والحكومية بيع وشراء العملات الأجنبية، في الوقت الذي تتراص صفوف طويلة من المتعاملين أمام أبوابها طلبا للعملة الخضراء.
وأشارت وكالة أنباء إيلنا العمالية، إلى أن أغلب تلك الصرافات بساحة فردوسي الشهيرة بتجارة العملة وسط طهران، وضعت ملصقات دعائية أمام أبوابها تظهر بها قيمة الدولار واليورو صفرا، وذلك في محاولة من جانبهم للتعامل طبقا لمتغيرات السوق وليس تبعا لقيود القرار الحكومي، في ظل نقص المعروض من العملات الأجنبية، حيث تدور اتهامات بين الإيرانيين بوقوف نظام الملالي وراء تلك الأزمة لسد عجز الموازنة، ودعم أنشطة ميلشيات الحرس الثوري الإيراني التخريبية بالمنطقة.
واعتبرت صحيفة كيهان المعارضة أن زيادة طلب المستهلكين على شراء الدولار رغم ارتفاع قيمته يرجع إلى فقدانهم الثقة بالنظام الإيراني، بسبب سياسته العدائية بالمنطقة، والتي أدت إلى تعرض بلادهم لعقوبات دولية، إضافة إلى هروب رؤوس الأموال الأجنبية من إيران، وارتفاع مؤشر التضخم الذي أسهم في غلاء أسعار السلع الأساسية والبضائع بشكل كبير.
وفي السياق ذاته، انتقد فريدون خاوند المحلل الاقتصادي الإيراني، قرار تحديد سعر الصرف الأجنبي ببلاده، معتبرا أن البنك المركزي لن يستطيع السيطرة كثيرا على سعر العملة الخضراء، لافتا ان هناك عدة عوامل تتحكم في سوق العملات الأجنبية في إيران من بينها التضخم، والتجارة الخارجية، خاصة في ظل تقلبات أسواق النفط العالمية، على حد قوله.
وأوضح خاوند، أستاذ الاقتصاد بجامعة باريس ديكارت، في مقابلة مع شبكة إيران واير الحقوقية، أن هناك توقعات بارتفاع أسعار الصرف الأجنبي على نحو غير منتظر، لافتا إلى أن البنك المركزي والحكومة لن يكون باستطاعتهما حينها ضخ عملات أجنبية مرة أخرى في سوق المال، في محاولة للخروج من الأزمة المتفاقمة.
وشددت الحكومة الإيرانية من قبضتها لوقف نزيف عملتها المحلية مقابل الدولار، والتي هبطت إلى مستويات قياسية، ووضع البنك المركزي الإيراني الثلاثاء، حدا أقصى لحيازة الإيرانيين للنقد الأجنبي خارج البنوك عند 10 آلاف يورو وحسب وسائل إعلام إيرانية.
وقال البنك المركزي في بيان نشرته وكالة تسنيم للأنباء، إن المستهلكين أمامهم موعد نهائي حتى آخر الشهر لبيع أي كمية فائضة أو إيداعها في البنوك.
وأظهرت أسعار الصرف الجديدة التي نشرها الموقع الرسمي للبنك المركزي الإيراني على الإنترنت أن البنك حدد الثلاثاء أسعار الصرف الرسمية للجنيه الإسترليني عند 59330 ريالا واليورو عند 51709 ريالات.
كانت إيران قد وحدت بين سعر الصرف الرسمي لعملتها وسعرها في السوق المفتوحة الإثنين، وأعلنت أن سعر الدولار سيكون 42 ألف ريال اعتبارا من الثلاثاء في جميع الأسواق ولكل أنشطة الأعمال.
وتسود توقعات بحسب مراقبين للسوق الإيرانية أن يشهد اقتصاد طهران انهيارا وتحديدا في القطاع المصرفي، خلال الفترة المقبلة، معتبرين أن أزمة العملات الأجنبية ترجح تعرض نظام الملالي لسيناريو أزمة فنزويلا الحادة، التي تعاني من أزمة اقتصادية متفاقمة، أو إعلان إفلاس مؤسسات مالية رسمية بالبلاد.