ملامح "العراق الجديد" بعد ضم الحشد الشعبي رسميا للجيش
تغيرات عميقة سترسم ملامح مخيفة للعراق فيما يخص تكوين وولاءات الجيش والحكومة والعلاقة مع الشعب والتركيبة السكانية.
العراق بعد قرار الضم الرسمي لمليشيا الحشد الشعبي الموالية لإيران إلى الجيش لن يكون كالعراق قبله.. نتيجة تنبأت بها التغيرات التي ستترتب على قرار الضم الذي أعلنه الرئيس العراقي حيدر العبادي، اليوم الجمعة.
وحقق هذا القرار الصادر في مرسوم يدمج بشكل كامل مليشيا ذات أجندة أجنبية ضمن القوات المسلحة للبلاد اختراقاً لم تنجح في فعله مليشيا حزب الله.
وترصد "العين الإخبارية" أبرز ما سيترتب على هذا القرار:
أعباء الميزانية
تضمن المرسوم مساواة مليشيا الحشد في الرواتب مع قوات الجيش.
وكان الحشد يحصل بالفعل على رواتبه من استقطاعات تؤخذ من رواتب موظفي الحكومة العراقية، فصار الآن يحصل عليها مباشرة من ميزانية الجيش؛ ما يشكل عبئاً على الشعب في تدبير تلك الرواتب لعناصر المليشيا الذين قال فالح فياض، رئيس الحشد، إنهم 140 ألفاً أو يزيدون.
الانتساب للكليات والمعاهد العسكرية
بموجب مرسوم العبادي فإن عناصر الحشد سيلتحقون بكليات ومعاهد الجيش العراقي مثلهم مثل الطلاب النظاميين.
ولمليشيا الحشد الشعبي مشاريع إقامة كليات ومعاهد عسكرية خاصة بها بالفعل، فالعام الماضي أعلن كريم النوري، القيادي بالحشد، عن خطة فتح أكاديمية عسكرية وكلية أركان لتخريج دفعات من المقاتلين.
وغير معلوم مصير هذه الخطة بعد قرار ضم عناصر الحشد إلى الجيش، وما إن كان سيتم إلغاؤها أو الإبقاء عليها لتدريب عناصر الحشد وتأهيلهم للالتحاق بالجيش؛ ما يزيد فرص قبولهم بين صفوفه أكثر من بقية العراقيين.
وهذا بخلاف امتلاك المليشيا لترسانة أسلحة أمدتها بها إيران منذ 2014، إضافة للأسلحة التي انتزعتها بعض فصائلها القديمة من الجيش العراقي نفسه بعد انهياره عند سقوط نظام صدام حسين أو فيما بعد.
كما كان لافتا أن المرسوم في المادة (2) من ضمن شروطه أن يكون الملتحق لصفوف الجيش من مليشيا الحشد "عراقيا"، دون أن يشترط أن يكون أبويه أيضا عراقيين، ودون اشتراط ألا يكون مجنسا؛ ما يفتح الباب أمام دخول المجنسين من الإيرانيين وغيرهم.
تعميق الانقسام الحكومي
رغم تأكيد قيادات المليشيا أن الحشد لن تشارك في الانتخابات، إلا أنها شكلت تحالفاً انتخابياً باسم "تحالف الفتح" يرأسه هادي العامري، قائد مليشيا منظمة بدر، أقوى مكونات الحشد، والتي تشكلت في إيران القرن الماضي وحاربت في صفوف جيشها ضد الجيش العراقي في حرب الخليج الأولى (1980- 1988).
ويخوض العامري بهذا التحالف الانتخابات النيابية المقررة مايو/أيار المقبل، وإن فاز بها، فسيعني هذا أنه سيكون له سند قوي داخل الجيش العراقي، ولائه له وليس للعراق نفسه، ويستقوي به تحالف العامري على بقية التحالفات العراقية من غير الشيعة في الحكومة.
ظهور "جيش حزب الله"
في يوليو/تموز 2017 كشف قاسم سليماني، قائد فيلق القدس التابع لمليشيا الحرس الثوري الإيراني، عن هدفه من تكوين وتدريب مليشيا الحشد، حين قال إنه بانضمام تلك المليشيا إلى الجيش العراقي سيصبح "جيش حزب الله"، في إشارة إلى أنه سيكون كامل الولاء لإيران مثل مليشيا حزب الله في لبنان.
وفيلق القدس الذي يرأسه سليماني منذ 20 عاماً هو المسؤول عن زرع وصناعة مليشيات في الدول المستهدفة، بعد تشييع جزء من سكانها، ثم تدريبها وتسليحها لتكون قوة مسلحة موازية لجيوش تلك البلاد، وتقوم بتهديدها ورفع السلاح في وجهها أو خلعها من الحكم عند اللزوم.
وسيكون من اللافت أن الجيش الرسمي للبلاد يضم مليشيات- إضافة لولائها لدولة أجنبية- شاركت في أعمال إرهابية ضد السكان كالتفجيرات والاغتيالات والجرائم الطائفية.
انتشار إيران في المدن
تحت لافتة محاربة داعش انتشرت عناصر مليشيا الحشد الشعبي في أرجاء العراق، جنوباً وشرقاً وغرباً وشمالاً، بما فيها المناطق ذات الكثافة السكانية، ولم تغادرها بعد طرد داعش، بالرغم من مطالب السكان بذلك، متحججة بأنها باقية لتحميها من عودة داعش.
واعتبار عناصر الحشد الشعبي ضمن قوات الجيش والأمن سيجعل وجودهم في تلك المدن "شرعياً"، بما يحمله من قلق للسكان، خاصة بعد شكاوى من أن مليشيا الحشد تمنع بعض السكان السنة من العودة لمنازلهم، في عملية تغيير لتركيبة السكان، كما حدث في مدينة بابل والموصل وغيرهما.
وجاء ضم مليشيا الحشد رسميا إلى قوات الجيش والأمن العراقيين بشكل ممنهج ومتدرج؛ لتجنب الغضب الشعبي العراقي الذي كان يمكن أن يتفجر لو تم البوح عن الهدف الحقيقي من تشكيل تلك المليشيا في حينه.
وبدأت أولى الخطوات بفتوى "الجهاد الكفائي" التي سارع المرجع الشيعي علي السيستاني بإصدارها يونيو/حزيران 2014، بحجة التصدي لتنظيم داعش الذي اجتاح في ذات الشهر العراق، ثم استولى على ثلث مساحته بشكل سريع وسهل أثار التساؤل في ظل وجود القوات العراقية والأمريكية، إضافة للفصائل العراقية المسلحة؛ ومنها فصائل كونت فيما بعد الحشد الشعبي.
ودعت الفتوى العراقيين لحمل السلاح لدعم الجيش والشرطة في مواجهة داعش، ودعم الفتوى رئيس الوزراء العراقي آنذاك نوري المالكي الموالي لإيران، والذي يواجه اتهامات بمسؤوليته عن إفساح الطريق لداعش لاحتلال العراق، لتبرير تشكيل مليشيا الحشد والتدخل الإيراني.
وتشكلت مليشيا الحشد من الفصائل العراقية التي دربتها إيران خلال حرب الخليج الأولى، كفيلق بدر، ثم منظمات أخرى تشكلت بعد سقوط نظام حكم صدام حسين 2003 مثل عصائب أهل الحق، والنجباء، وكتائب حزب الله، وكتائب الإمام علي، وما استجد عليهم ممن وصفوا بـ"المتطوعين" بموجب فتوى السيستاني.
الخطوة الثانية جاءت عام 2016 بإقرار البرلمان العراقي إدماج مليشيا الحشد في أجهزة الدولة وأن تكون تحت إشراف رئيس الوزراء، والذي بموجب الدستور دائماً من الطائفة الشيعية.
وكان هذا مبرراً لاستقطاع رواتبهم من رواتب موظفي الحكومة، ولكن لم يصل إلى الدمج الكامل في الأجهزة الحربية والأمنية.
وجاءت الخطوة الثالثة، والقاصمة، بإعلان العبادي مساواة عناصر مليشيا الحشد بالجيش العراقي، متزامنة مع إعلان حسن رحيم بور أزغدي، عضو ما يسمى بـ"المجلس الأعلى للثورة الثقافية" في إيران، أن بلاده باتت تسيطر على 5 أو 6 دول في المنطقة، منها سوريا والعراق واليمن ولبنان وقطاع غزة وأفغانستان.
وزاد بالقول لقناة "أفق" الإيرانية: "آن الأوان لإعلان الإمبراطورية الفارسية في المنطقة".
aXA6IDE4LjIxOC43MS4yMSA=
جزيرة ام اند امز