بعض المليشيات تشكلت في إيران مثل مليشيات بدر التي قاتلت مع النظام الإيراني ضد العراق إبان الحرب الإيرانية ضد العراق في الثمانينيات.
لا شك في الجرائم الكثيرة والكبيرة لا سيما الطائفية منها التي ارتكبتها مليشيات الحشد الشعبي في العراق، فضلا عن جرائمها خارج العراق مثل سوريا مما يندى لها جبين الإنسانية وتمثل أعلى أنواع الجرائم والانتهاكات العالمية التا أشارت إليها المنظمات الحقوقية الدولية.
إن فضائح الحشد الشعبي الكبيرة والكثيرة وجرائمه الطائفية تحتم عالميا وضعه ضمن المنظمات الإرهابية ومحاسبته دوليا ومحاسبة أسياده من نظام ولاية الفقيه، كما يجب على الدولة العراقية لجم الحشد الشعبي ومحاسبته على جرائمه ومحاسبة قادته وفصلهم عن الأجهزة الأمنية
وقد تشكلت بعض المليشيات في إيران مثل مليشيات بدر التي قاتلت مع النظام الإيراني ضد العراق إبان الحرب الإيرانية ضد العراق في الثمانينيات، وبعضها تشكلت بناء على فتوى السيستاني في 15 حزيران 2014، الذي ظهرت فتاواه أيضا لعدم مقاومة الاحتلال عام 2003 مما جعله منحازا للاحتلالين الأمريكي والإيراني للعراق، كما ذكره السفير الأمريكي بول بريمر في كتابه "سنتي في العراق" ووزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد في مذكراته. بينما لم نر أي فتوى شريفة للسيستاني ضد الجرائم الطائفية أو انتهاك أعراض العراقيات في السجون العراقية وغيرها من الجرائم اليومية الكثيرة في العراق الجريح والمنكوب.
اليوم تظهر فضائح مجلجلة للحشد الشعبي منها ما نشرته الصحافة الأمريكية، لا سيما وول ستريت جورنال، أخيرا حول اعترافات قيس الخزعلي زعيم مليشيات "عصائب أهل الحق"، والذي اعتقل من قبل القوات الأمريكية عام 2007 وأطلق سراحه بعد عامين، ويظهر تقرير استجواب القوات الأمريكية بتاريخ 18 حزيران 2007، حيث اعترف الخزعلي بتاريخه البسيط المتواضع كطالب شاب فقير حتى لقاءاته بالمسؤولين الإيرانيين ليرفعوه ويدعموه مقابل خدماته لهم، كما أقر بالتبعية الكاملة للنظام الإيراني وبالذات الحرس الثوري وفيلق القدس وقائده قاسم سليماني، في تدريبهم ودعمهم وتمويلهم وتوجيههم، منها تدريبهم في ثلاث قواعد قرب طهران، منها قاعدة خميني وتزويدهم بالأسلحة والمتفجرات، وكذلك علاقات المليشيات العراقية بمليشيات حزب الله في لبنان، وتبادل الأدوار والتعاون في المحاور المختلفة لدولنا العربية.
وتتوالى فضائح الفساد المالية والإدارية في الحشد، لا سيما الأسماء الوهمية الكثيرة والأعضاء الكثيرين المحسوبين على عائلة الفياض والعامري وصهري نوري المالكي: ياسر عبدصخيل وحسين أبورحاب، وقضية اغتيال قاسم ضيف المسؤول المالي للحشد والمعترض على التفاوت الهائل في الرواتب وفتحه ملفات فساد شراء الأسلحة والعتاد.
وبعد فضائح الحشد الكثيرة والكبيرة ومحاولة الأمريكان تقليص وجودهم في المدن وتحديد نفوذهم واستهدافهم على الحدود السورية العراقية ثم منافسة الحشد لمنصب رئاسة الوزراء، يقوم حيدر العبادي رئيس وزراء العراق المنتهية ولايته بعزل رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض عن مناصبه الثلاث: رئاسة الحشد الشعبي ورئيس جهاز الأمن الوطني ومستشار الأمن الوطني بحجة قالها العبادي هو "انخراطه بالعمل السياسي والحزبي وتعارضه مع المناصب الأمنية والاستخبارية"، ولكنا نعتقد وراء ذلك أيضا خلفيات سياسية.
وقد برز فالح الفياض مع إبراهيم الجعفري وزير الخارجية الحالي عند تأسيس الأخير تيار الإصلاح، الذي لم يفز إلا بمقعد واحد، ولو لم يدخل في التحالف الوطني (الشيعي) لما فاز حتى بهذا المقعد اليتيم، وعند اشتداد الخلاف بين الجعفري وبعض الكتل الشيعية ظهر نوري المالكي مرشحا بديلا توافقيا لرئاسة الوزراء في الساعات الأخيرة، وحينها أعطى المالكي للفياض رئاسة الأمن الوطني ومستشارية الأمن الوطني، وبعد فشل نوري المالكي بعد دورتين مأساويتين في رئاسة الوزراء كأسوأ مراحل العراق كلها فسادا وظلما وطائفية ودمارا ظهر حيدر العبادي لرئاسة الوزراء من خلال تقديمه إلى الرئيس فؤاد معصوم، بمعونة البعض مما جعل العبادي يبقي الفياض على مناصب أمنية مهمة ردا لجميلهم عليه في الصعود إلى رئاسة الوزراء.
والحقيقة هي عدم أهلية الفياض للأمن الوطني رئاسة واستشارية، بل طائفيته وتعارض مناصب الفياض بعضها مع البعض الآخر، فرئاسة الأمن الوطني واستشارية الأمن الوطني تتنافى كليا مع رئاسة الحشد الشعبي الملطخة أياديه بدماء العراقيين الأبرياء والطائفية البغيضة بقتل السنة وتهجيرهم من محافظاتهم في صلاح الدين والأنبار ونينوى، وتغيير ديمغرافي واشتراك الحشد في المعارك خارج العراق مثل سوريا مع حزب الله اللبناني بناء على الأوامر الإيرانية، وقد أعلن زعماء الحشد لا سيما قيس الخزعلي وأبومهدي المهندس وهادي العامري وواثق البطاط تبعيتهم لأوامر ولي الفقيه الإيراني، ورغم الأوضاع الأمنية من سيئ إلى أسوأ ولا إنجازات للفياض في مهامه. ورغم تحالف الفياض في قائمة "عطاء" المنضوية تحت قائمة العبادي في قائمة "النصر"، لكنه بدا مراوغا من الخلف متحالفا مع الحشد الشعبي وقائمته "الفتح" وكذلك متحالفا مع نوري المالكي من وراء العبادي لترشيحه لرئاسة الوزراء، وكان هذا متوقعا لكون الفياض رئيس هيئة الحشد الشعبي الموالية للنظام الإيراني، وهو أحد أسباب إقالة العبادي للفياض من مناصبه وظهور الخلافات الشيعية-الشيعية التي تظهر للسطح حاليا بسبب ضعف إيران داخليا واقتصاديا حتى على رواتب الحشد وعدم وجود كتلة شيعية كبيرة كالانتخابات السابقة ودخول أمريكا كلاعب قوي فاعل ومؤثر على الساحة العراقية، لتشهد الساحة العراقية صراعا إيرانيا أمريكيا، وقد عودتنا إيران على صراعاتها خارج حدودها وفي دول نفوذها لامتلاكها أوراقا هناك، خصوصا العراق محور الصراع، حيث حاربها ثماني سنوات في الثمانينيات وأرغمها على الخضوع لقرارات الأمم المتحدة، وتجرع الخميني السم لذلك مما أدى إلى وفاته بعد عام واحد من إيقاف الحرب العدوانية.
إن فضائح الحشد الشعبي الكبيرة والكثيرة وجرائمه الطائفية تحتم عالميا وضعه ضمن المنظمات الإرهابية ومحاسبته دوليا ومحاسبة أسياده من نظام ولاية الفقيه، كما يجب على الدولة العراقية لجم الحشد الشعبي ومحاسبته على جرائمه ومحاسبة قادته وفصلهم عن الأجهزة الأمنية، والمجيء برجال دولة وطنيين أكفاء بعيدا عن الطائفية والحزبية والتبعية للنظام الإيراني التي رفضها الجمهور العراقي في مظاهراته وشعاراته "إيران برّه برّه" وعزوفه عن الانتخابات الأخيرة، حتى أن شيعة الوسط والجنوب العرب الغيارى عزفوا عن الانتخابات بنسبة ثمانين في المائة، ولم يذهب لها سوى العشرين في المائة منهم فقط في رسالة قوية واضحة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة