سماء العراق تتساقط في يد مليشيا الحشد الشعبي
مليشيا الحشد الشعبي الموالية لإيران أعلنت تشكيل مديرية للطيران خاصة بها بعد سيطرتها على الحدود وإعلانها بناء كليات عسكرية.
تستعد مليشيا الحشد الشعبي الطائفية الموالية لإيران لامتلاك التحكم في سماء العراق عبر إنشاء مديرية طيران خاصة بها.
ويأتي هذا ضمن خطوات متسارعة من المليشيا، لتكون القوة العسكرية الأعلى في العراق، ومنها إنشاء كليات عسكرية تابعة له، وتأسيس مصانع سلاح خاصة بها تنتج سلاحاً لم يصل للجيش العراقي من قبل، والبدء بحفر خنادق في المناطق التي تسيطر عليها.
فقد صرح مصدر مسؤول في المليشيا لموقع "الحشد الشعبي" على الإنترنت، الأربعاء، أن "الحشد الشعبي شكّل مديرية طيران الحشد للعمل بجميع الأمور التي لها علاقة بالأمور الجوية والتي تخص الحشد الشعبي".
وأضاف المصدر، أن "الحشد أجرى اتصالات مع قيادة طيران الجيش والقوة الجوية، وأبدوا رغبتهم بالوصول لأحسن النتائج لهذه المديرية الفتية".
وكانت عمليات الحشد الشعبي العسكرية على الأرض تقوم بها عناصره، تحت غطاء من سلاح جو الجيش العراقي.
ولكن بإعلانه عن مشروع إنشاء مديرية طيران خاصة به، فإنه بذلك يكون احتكر العمليات البرية والجوية.
وعن مبرراته لذلك قال المصدر: "هناك خطة كبيرة بهذا الشأن (...) هناك حاجة برزت لوجود طيران تابع للحشد الشعبي لنقل جرحى الحشد الشعبي إلى المستشفيات لمعالجتهم على وجه السرعة، والاستفادة منه بأغراض أخرى".
ولم يكشف المصدر عن هذه "الأغراض الأخرى" وهي تبدو الأهم من مسألة نقل الجرحى، وربما تتضمن نقل عناصر استخباراتية أو إيرانية أو أسلحة معينة أو رسائل لا تريد مليشيا الحشد إطلاع الدولة العراقية والإعلام عليها.
وتتابع بشكل سريع خطوات مليشيا الحشد الشعبي في تعظيم قوته العسكرية مقابل الجيش العراقي؛ ما يؤدي في النهاية إلى أن تكون قوة فوق قوة الجيش التقليدية.
ففي أوائل يونيو/حزيران الجاري أعلنت "فرقة العباس القتالية"، إحدى فصائل مليشيا الحشد الشعبي المكون من عشرات الفصائل، أن الحشد أنتج راجمة صواريخ في سابقة هي الأولى في العراق.
ووفق ما نقلته وكالة "الفرات نيوز" فإن تصنيع تلك الراجمة تم في معامل مدينة البصرة، جنوب العراق والقريبة من إيران، وأطلق على الراجمة "رعد-1"، وتمتاز بميزات قتالية عالية الجودة وذات محرّك من عيار "240 ملم".
وجاء هذا الإعلان عن تصنيع المليشيا لهذا السلاح بعد أيام من إعلان كريم النوري، القيادي في مليشيا الحشد، مايو/أيار الماضي، أن الحشد يعتزم فتح أكاديمية عسكرية وكلية أركان لتخريج دفعات من المقاتلين.
وبرر النوري هذا الأمر بأنه "لرفد العراق بالطاقات التي تعزز الأمن والاستقرار"، بحسب ما صرح به لوكالة أنباء الإعلام العراقي.
ومتحججاً بتهديدات تنظيم داعش الإرهابي، قال إن "الحشد وجود أصيل في المنظومة الأمنية للبلد، لأنه ثروة أمنية لمستقبل العراق، ولا يمكن الاستغناء عنه في ظل الهجمة التكفيرية التي تجتاح المنطقة بأسرها".
وبجانب امتلاك البر والجو، فإن الميليشيا تسعى للسيطرة على ما تحت الأرض كذلك عقب إعلانها السيطرة على الحدود بين العراق وسوريا.
فقد أعلنت مليشيا الحشد الشعبي، أمس الأربعاء، إنشاء خندق ضخم بطول 90 كم بذريعة تأمين الحدود العراقية السورية.
ووفق ما نشره الموقع الإلكتروني لمليشيا الحشد، فإن "فرق الهندسة العسكرية باشرت بحفر خندق وساتر ترابي كبير ضمن حدود الرطبة وصولاً إلى معبر الوليد الحدودي وقضاء القائم لتحصينه بالكامل".
ولم يتضح بعد الاستخدامات الحقيقية لهذا الخندق الطويل الذي يتكلف جهداً وأموالاً كبيرة.
وتنبئ هذه التحركات بأن مليشيا الحشد تعتزم أن يكون لها دور ثابت ودائم في العراق، ولا يرتبط الأمر فقط بمعركة الموصل أو طرد تنظيم داعش كما تم الإعلان عنه حين تأسيسها عام 2014.
وتأسست مليشيا الحشد الشعبي في 2014 بشكل مفاجئ عقب اجتياح مفاجئ أيضاً من تنظيم داعش لعدة مدن كبرى بالعراق، من بينها الموصل، بسهولة وسرعة أثارتا علامات استفهام كبيرة حينها، وما إن كان تنظيم داعش مفتعلاً ليكون مبرراً لعمليات المليشيات المدعومة إيرانية في العراق.
ويقوم بتدريب هذه المليشيات المئات من عناصر الحرس الثوري الإيراني بقيادة قاسم سليماني، قائد فيلق القدس في مليشيا الحرس، وذلك بشكل علني.
ورغم الانتهاكات التي وجهت لهذا المليشيات الطائفية بأنها تقوم بتغيير تركيبة السكان في بعض المناطق التي تسيطر عليها لصالح زيادة المكون الشيعي فيها، إلا أن الحكومة العراقية اعترفت رسمياً بأن هذه المليشيا جزء من الجيش العراقي في نوفمبر/تشرين الثاني 2016.
ويسعى قادة مليشيا الحشد وإيران من ورائهم إلى تحويلها للمتحكم الأول في العراق على غرار نموذج مليشيا الحرس الثوري في إيران، خاصة بعد إطفاء شرعية على هذه المليشيات بإقرار قانون العام الماضي يقضي بأنها باتت ضمن القوات المسلحة العراقية، رغم منحها حق الاحتفاظ بالاستقلالية في بعض الأمور.
وسبق أن وصف علي خامنئي مرشد ثورة إيران مليشيا الحشد الشعبي في العراق بأنها "كنز وثروة عظيمة".
من ناحية أخرى، وفي إشارة إلى أن مليشيا الحشد الشعبي ستأخذ دوراً في العراق أكبر وأخطر مما كان معلناً وقت تأسيسها، قال رئيس المليشيا، فالح الفياض، الثلاثاء الماضي، في تصريحات لقناة الميادين، إن "الحشد هو أفضل ما أنتجته العملية السياسية في البلاد"، "وإن هذه القوات ستكون مستقبلاً في المكان الذي تحدده مصلحة العراق".