الملفات العراقية التي تتطلب الحوار والنقاش متعددة ومتداخلة، ولكن الأهم فيما بينها هو الملف الأمني وسيادة العراق.
قبل منتصف شهر يونيو الماضي انطلق الحوار الاستراتيجي الأمريكي العراقي وفق مدلولات متفاوتة، فالبعض شكك في فاعلية الحوار واعتبره تفاوضا سياسيا أكثر من كونه حواراً استراتيجياً، وفي الحقيقة إن مؤشرات التعاون الأمريكي العراقي الأولية مبشرة بالخير الكثير لمنطقة افتقدت العراق منذ العام 2003 م، حيث شاءت الظروف أن تتغلغل إيران في الجسد العراقي إلى درجة الاعتقاد بأن أحداً لن يتمكن من محاسبتها على ما تفعله هناك.
الملفات العراقية التي تتطلب الحوار والنقاش متعددة ومتداخلة، ولكن الأهم فيما بينها هو الملف الأمني وسيادة العراق، فكل مشاكل العراق في هذا المسار، فلم يعرف العراق مقومات ثابتة لضبط توازنه الأمني وسيادته منذ دخول القوات الأمريكية إلى بغداد عام 2003م، ولكن الدعم العربي والخليجي بشكل خاص والتعاون الأمريكي العراقي يتوج بزيارة قام بها رئيس وزراء العراق إلى أمريكا للدفع وبشكل أكبر لمناقشة قضايا العراق الأساسية في الأمن والاقتصاد، أو في الموضوعات الحساسة كموضوع السيادة.
زيارة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي تأتي بعد ما يقارب ثمانية أشهر من اغتيال قاسم سليماني، الذي كان يتردد على بغداد وكأنه يتردد على طهران، وكان يخطط ويرسم وينفذ في هذه الدولة مخترقا سيادة دولة جاره لإيران بلا توقف، لاشك أن موقف الحكومة العراقية دقيق ومن المؤكد أنها لن تسمح لأحد أن يملي عليها ماذا تفعل، ولكن السؤال التاريخي الذي يطرح نفسه اليوم، يدور حول الوجه العراقي المنتظر أن تطل به بغداد على جيرانها والمنطقة العربية.
العراق عربي بأرضه وقوميته وتاريخه، وليس من المبالغة أن صناعة الجزء الأكبر من تاريخ العرب تمت في العراق أو انطلقت من أرضه، والتحدي الكبير الذي يواجهه رئيس الوزراء العراقي وحكومته ليس سهلا، وخاصة في قضايا السيادة العراقية وتوازنها السياسي بين الداخل والخارج.
تلك التحديات التي تقف أمام العراق في هذه المرحلة كبرى، فلا يجب إنكار التحول الشعبي في العراق ورغبة المواطن العراقي اليوم بالانفتاح على جيرانه العرب وإخراجه من الأزمات، وتجاوز الصورة الراسخة عن العراق بأنه أصبح غير قادر على التحرك بعيدا عن تدخلات الآخرين بشؤونه، فهناك من يعمل في الداخل العراقي على تعديل المشهد لصالح القوى الخارجية التي وجدت في العراق مسرحاً لتنفيذ مخططاتها.
وعند الحديث عن العلاقات العراقية وخاصة مع أمريكا، يتقدم الصراع الإيراني الأمريكي ليخلط أوراق هذه العلاقة بمزيج سياسي وأخر أيديولوجي، وهذا ما يضع العراق أكثر من مرة ومنذ ما يقارب من عقدين من الزمان في موقف صعب ومخارج مغلقة يستحيل في بعض الأحيان تجاوزها، فلا العراق بشعبه ولا الدول العربية بشعوبها وقياداتها ترغب أن ترى العراق يدفع ثمن هذا التنافس، ليبقى الأمل في أهمية الدعم العربي والدولي، من أجل إخراج العراق من هذا المنعطف التاريخي بمساعدة الأصدقاء الإقليمين أو الدوليين، فنحن بحاجة ماسة إلى أن يطل علينا العراق بوجهه العربي المعتاد.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة