صحيفة بريطانية: مترجمون عراقيون يخشون على حياتهم بعد انسحاب القوات
سلط تقرير لصحيفة الإندبندنت البريطانية الضوء على المخاوف التي تعتري عراقيون عملوا كمترجمين للقوات البريطانية، بعد انسحابها.
وفي مقابلات مع مراسلة الصحيفة بيل ترو، شكا المترجمون العراقيون من الخطر الذي يحيط بهم وعائلاتهم بعد تسريب هوياتهم إلى الميليشيات، وقالوا إن حياتهم في خطر - وقد تخلت عنهم المملكة المتحدة.
ويقول علي، أحد المترجمين، 38 عامًا، وهو ينظر بحذر إلى مجموعة من الشبان يتسكعون على بعد أمتار قليلة من الشارع : "أفتقد زوجتي وطفلي كثيرًا. لقد أرسلتهم إلى مكان مختلف وكل ما يمكنني فعله هو التحدث إليهم من حين لآخر عبر الهاتف. أما أنا فأعيش في مكان سري. لا أستطيع العودة إلى المنزل. لا أستطيع المجازفة. لا أستطيع العمل لإعالة عائلتي. لا أستطيع عادة السير في الشارع. حتى هذا ليس آمنًا".
علي ليس جاسوساً ولا مجرماً، لكنه مترجم سابق للجيش البريطاني، وهو واحد من 8 مترجمين فوريين قالوا إنهم يخشون على حياتهم بعد أن تم توظيفهم من قبل شركة من الباطن للعمل مع القوات الخاصة البريطانية في معسكر التاجي، على بعد حوالي 40 كيلومترًا شمال بغداد.
وقال المترجمون أن معلوماتهم الشخصية، التي طلبتها القوات البريطانية في مارس/ آذار الماضي، تمت مشاركتها مع قوات الأمن العراقية دون موافقتهم، وبالتالي انتهى بها الأمر في أيدي جماعات الميليشيات المدعومة من إيران، والتي تهدد بشكل متكرر العراقيين الذين يعملون مع القوات الأمريكية والبريطانية.
وكان المترجمون العراقيون يقومون في بعض الأحيان بمهام الاستطلاع حول محيط المعسكر عندما كان الجنود البريطانيون يشعرون بالقلق حيال سلامة المعسكر، للتحقق من عدم وجود أي خطر قد يهددهم.
وكان العمل مع هذه القوات مصدر فخر لهؤلاء العراقيين، لكن كل شيء تغير على نحو مفاجئ عقب اغتيال الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس وأبو مهدي المهندس، نائب رئيس قوات الحشد الشعبي في بغداد، بناءً على أوامر من دونالد ترامب.
ويقول علي: "أصبحت الأجواء متوترة للغاية. حتى أن بعض القوات العراقية التي كان يتم تدريبها من قبل التحالف بدأت في معاملتنا كعدو. لا أعرف، ربما لأنهم كانوا موالين لدولة أخرى غير العراق".
تصاعدت الدعوات إلى الدم والانتقام وتصاعدت وتيرة الهجمات على مصالح التحالف في جميع أنحاء البلاد، وسط دعوات لجميع القوات الأجنبية للانسحاب.
وذكرت صحيفة واشنطن بوست العام الماضي أن وكالة صابرين للأنباء التابعة لميليشيات مدعومة من إيران نشرت قائمة يزعم أنها تحتوي على معلومات شخصية عن عراقيين يعملون في المقر الرئيسي للتحالف العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة.
تحتوي القوائم، التي لم يتسن التحقق منها من مصدر مستقل، على معلومات تتنوع بين عناوين المنازل إلى أنواع السيارات التي يقودها المترجمون.
وفي أكتوبر / تشرين الأول، نشرت وكالة الأنباء نفسها، صابرين، بيانًا صادرًا عن إحدى الميليشيات - وهي مجموعة جديدة نسبيًا تسمى "أصحاب الكهف"، تهديدًا مستترًا للمترجمين الفوريين العاملين مع القوات البريطانية على وجه التحديد.
علم المترجمون الثمانية في تلك المرحلة أنه يتعين عليهم الاختباء. حتى أن أحدهم تلقى ثلاث رصاصات، تمثل كل واحدة منها فردا من أفراد عائلته بما في ذلك طفله، في مظروف ومعهم رسالة تهدد بالعقاب، تقول: "لن نرحمكم".
ويقول آخر يدعى سالم لصحيفة الإندبندنت إن مجموعة من الرجال الغرباء قاموا باستجواب جيرانه بشأن عمله، وهو ما دفعه إلى اتخاذ مغادرة منزله وإرسال زوجته وطفله بعيدًا. ولم يرهم منذ ذلك الحين.
تشير هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي إلى أن التهديدات التي يتعرض لها المترجمون العراقيون تاريخ طويل. فمنذ سقوط صدام حسين، قتل ما لا يقل عن 40 شخصاً ممن عملوا مع الجيش البريطاني على أيدي جماعات الميليشيات المسلحة.
ورغم التهديدات المستمرة خلال السنوات التي أعقبت غزو العراق، الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 ، رفضت بريطانيا تقديم برنامج تأشيرة شامل يغطي جميع المترجمين الفوريين العاملين مع الجيش البريطاني.
ويخشى المترجمون الثمانية أن تُضاف أسماؤهم أيضاً إلى القائمة الطويلة للمترجمين الذين قُتلوا في العراق.