كل الجيوش يتم تأسيسها على مبدأ الوطنية دون تمييز بين عرق أو طائفة أو معتقد لأحد من أبناء الوطن الواحد.
الجيش هو اللبنة الأولى في بناء أي دولة مهما كان نظامها الحاكم، وبصرف النظر عن أي فلسفة سياسية تتبناها الدولة، فالجيوش هي التي تضمن للدول الاستقلال والسيادة على المستوى الخارجي وحفظ الاستقرار والسلام الداخلي. لذلك تجد الدول العظمى والصغرى تتغنى بجيوشها وبطولات قواتها المسلحة وتضحياتها في سبيل رفعة الأوطان والذود عن حياضها، وهذه من المبادئ الفطرية التي لا حاجة لتعلمها ولم يسبق لأكثر المنبطحين ذلاً وعمالةً أن نال من مؤسسة بلاده العسكرية كمؤسسة قائمة بحد ذاتها.
منذ الدقيقة الأولى لمحاولة النيل من الجيش انتفض الشباب العراقي من خلال المظاهرات في الشوارع وأشعل مواقع التواصل الاجتماعي على مختلف انتماءاتهم الطائفية أو المناطقية واختلافاتهم السياسية للشجب والتنديد والازدراء بالتصريح وصاحبه، وبالدعوة إلى محاسبة المسيء والانتصار لهيبة الدولة ومؤسستها العسكرية البطلة، مؤكدين التفافهم حول مؤسستهم العسكرية الوطنية
فقد تجد من يعارض سياسات وأساليب قيادات الجيش في بلد من البلاد، ولكنك لا تجد من يدعو لتجريد بلاده من أوسمة الشرف والعزة التي يخطها أبناء جلدته من خلال المؤسسة العسكرية لتسمع اليوم صوتاً نشازاً من بلد مثل العراق -وما أدراك ما العراق وما جيش العراق!- يطالب بحل المؤسسة العسكرية بعد أن وصفها بالمرتزقة فهذا ما صرح به "يوسف الناصري" معاون أمين عام "حركة النجباء" المدعومة من إيران، فلماذا الجيش العراقي الذي يتبنى شعار "سور الوطن"؟ الإجابة عن السؤال تنطلق من مبدأين أساسيين:
أولهما الوطنية: فكل الجيوش يتم تأسيسها على مبدأ الوطنية دون تمييز بين عرق أو طائفة أو معتقد لأحد من أبناء الوطن الواحد، بل يتم تجنيد المواطنين من كل المعتقدات والطوائف في البلد الواحد للخدمة في المؤسسة العسكرية تحت شعار الوطن للجميع قبل الجميع ومصلحته ورفعته هي الهدف، والحرم الذي لا يسمح بمساسه، بل يتم العمل على تكريسه وتعزيزه.
وهذا المبدأ الشريف لا يتماشى ومبادئ العمالة التي ينبطح لها بعض المحسوبين على أنهم من أبناء الوطن، ولا يتماشى مع من يحوك المؤامرات ضد بلاده، وليس آخر ذلك ما أتى عليه المدعو "يوسف الناصري" الذي يتكلم بلسان إيران التي لا طموح لديها يوازي طموحها في جعل العراق تحت إمرتها، فاستغلت الفوضى التي أصابت هذا البلد العربي بعد احتلاله من قبل الولايات المتحدة الأمريكية لتتغلغل في مفاصل الدولة العراقية. إلا أنها لم تستطع النيل من المؤسسة العسكرية العراقية على الرغم من ضعفها بعد الاحتلال لتعود من جديد وتزج بكل من هب ودب بذريعة محاربة الإرهاب مجندة إياهم ضمن مليشيات ما يسمى "الحشد الشعبي"، والعمل على تسليحها وتمويلها بما يجعلها تتفوق في الدعم على الجيش العراقي الوطني ومصادرة تضحياته كإنجازات لمرتزقة مليشياتها.
لكن بعد دحر داعش وإعادة الأمور الميدانية إلى نصابها عادت المؤسسة العسكرية إلى الواجهة، رافضة أي تسلح خارج مؤسستها، وبدمج الحشد الشعبي تحت راية العراق وجيش العراق وقيادة مؤسسته العسكرية مدفوعة برؤى سياسية وطنية وضغط شعبي متنبه لسور الوطن، وهو ما أربك إيران وأذرعتها داخل العراق لتدفع برجالاتها لإثارة البلبلات والتشاحنات ومس هيبة الدولة ومؤسستها العسكرية بوصفها بالمرتزقة والمطالبة بحلها.
المبدأ الثاني هو العقيدة القتالية؛ فالجيش العراقي شأنه شأن أي جيش وطني لدولة من الدول يعتنق عقيدة قتالية مبنية على وحدة الوطن واستقلاله مترفعاً عن الخلافات السياسية والرؤى الطائفية الضيقة؛ بغية إحلال الأمن والسلام لتتقدم البلاد وتنهض، وهذه العقيدة تتناقض والعقيدة القتالية للمليشيات التي تأتمر بأمر مشغليها الذين يفوق عددهم عدد هذه المليشيات لتحويل البلاد إلى صراع طائفي وزعامات متعددة تجعل من الوطن عدة دول داخل دولة ليرتهن بالسياسات الإقليمية والدولية لا بسياسته الخاصة ومصلحته الوطنية. ولا عقبة تواجه هذه العقيدة العميلة الفاسدة مثل العقيدة الوطنية التي تتسلح بالرؤى الشعبية والأسلحة المشروعة قانوناً وعرفاً المتمثلة بالمؤسسة العسكرية والجيش الوطني.
ولما عاثت إيران فساداً في العراق من قتل وتدمير ونهب وتسخير للمقدرات وتأجيج الصراعات أدركت أنها على الرغم من كل ما قامت به إلا أنها لم تستطع النيل من المؤسسة العسكرية كمؤسسة حكومية أو حرف عقيدتها القتالية بما يصب ومصلحة السياسة الإيرانية العبثية فباتت تلعب على الوتر الداخلي العراقي بدفع عملائها ممن يحملون ألقاباً دينية بريئة منهم وهوية سياسية عراقية لا يعرفون منها سوى الاسم -وربما قرأوه خطأً- لينالوا من المؤسسة العسكرية وتاريخها وعقيدتها في محاولة حمقاء لتأليب الشارع العراقي ضد هذه المؤسسة بغية إضعافها شعبياً لتفقد دورها شيئاً فشيئاً حتى يحين الوقت المناسب لإحلال المليشيات العميلة مكانها .
هذه الأسباب هي التي جعلت من "سور الوطن" هدفاً لهذه الغايات العميلة الدنيئة الحمقاء التي لا تعرف من هو العراق، مما يؤكد زيف الهوية العراقية التي يحملونها وقد عراها الشعب العراقي الأصيل، فمنذ الدقيقة الأولى لمحاولة النيل من الجيش انتفض الشباب العراقي من خلال المظاهرات في الشوارع وأشعل مواقع التواصل الاجتماعي على مختلف انتماءاتهم الطائفية أو المناطقية واختلافاتهم السياسية للشجب والتنديد والازدراء بالتصريح وصاحبه وبالدعوة إلى محاسبة المسيء والانتصار لهيبة الدولة ومؤسستها العسكرية البطلة، مؤكدين التفافهم حول مؤسستهم العسكرية الوطنية وجيشهم الوطني.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة