السياسة الأمريكية في العراق لم تقدم أي حلول يمكنها أن تسهم في الحالة الثورية القائمة
قد تبدو الإجابة عن هذا السؤال سهلة على الأقل نظريا، فنحن بوصفنا عربا وخليجيين، وبلا استثناء هم من يملكون القدرة على تقديم ما هو أكثر مما تقدمه طهران، ولكن هل كانت طهران تقدم شيئا يستحق من الشعب العراقي الانصياع لمطالب المرشد الإيراني وقاسم سليماني؟
قبل أن نفكر بهذه الفرضية يجب أن ندرك أن ما يحدث في العراق منذ ثلاث سنوات ينقسم إلى قسمين: أولا سيطرة إيرانية تم منحها من قبل أمريكا فيما بعد 2003م، ثانيا انقلاب (ترامبي) وليس بالضرورة أن يكون انقلابا أمريكا استراتيجيا، من خلال سياسة –ترامب– المسماة: سياسة الضغط الأقصى، عبر تضييق الخناق على الاقتصاد الإيراني.
الحقيقة أن الفكرة لا تبدو بهذا التبسيط؛ لأن دخول إيران إلى العراق مر من على عربتين؛ الأولى عربة الطائفية، والثانية عربة مليئة بالسياسيين الذين قدموا لإيران الخدمات في مراحل مختلفة من تاريخ العراق بعد عام 2003م
السياسة الأمريكية في العراق لم تقدم أي حلول يمكنها أن تسهم في الحالة الثورية القائمة، ولم تحاول أمريكا أن تنخرط في أي عملية فعلية على الأرض العراقية، سوى ضربها قبل أيام لمواقع حزب الله التي تقول أمريكا إنها كانت السبب في هجوم سابق قتل فيه جندي أمريكي، وكما يبدو من وجهة نظر كثير من المحللين السياسيين في أمريكا نفسها أن إمكانية حصول تغيير حقيقي في العراق هي عملية مستحيلة؛ فالمشهد يحمل كثيرا من التعقيدات التي يصعب تفكيكها.
أعود إلى سؤال المقال: هل يمكن لنا أن نقدم للعراق أكثر مما تقدمه طهران؟ الحقيقة أن الفكرة لا تبدو بهذا التبسيط؛ لأن دخول إيران إلى العراق مر من على عربتين؛ الأولى عربة الطائفية، والثانية عربة مليئة بالسياسيين الذين قدموا لإيران الخدمات في مراحل مختلفة من تاريخ العراق بعد العام 2003. وهذا يذكرنا بتلك الأخطاء الاستراتيجية التي ارتكبتها أمريكا في المنطقة والتي كانت تقدمها على أنها مشروعات إصلاحية يمكنها تغيير المنطقة.
إيران التي أحكمت قبضتها على العراق لن تتخلى عنه ببساطة بل ستحوله إلى نقطة جغرافية لتصفية حساباتها مع أمريكا وحلفائها، وعلى أمريكا التي بنت شخصيات سياسية وأتت بهم إلى العراق في العام 2003م، أن تعيد النهج ذاته، وإلا فالأزمة كبيرة، وهنا تستطيع دول الخليج أن تسهم في إحداث كثير من الآثار؛ لأن العراق اليوم ليس أكثر من مساحة جغرافية خطيرة، الكل يرغب في تقديم المساعدة، ولكن الكل لا يرغب في أن يكون جزءا من صراع محتدم بين الغرب والشرق.
نعم يجب أن يعود العراق إلى حضنه العربي ولكن، وبكل مصداقية، لن يعود العراق إلا بمشروع دولي يجب أن تقوده أمريكا، ليس لأنها تنافس إيران هناك، ولكن لأن ما حدث عام 2003م لا يمكن إصلاحه إلا بحدث مماثل، وبذات الصورة، وإلا فمن الواضح أن الرهان الأمريكي على تقليم أظافر إيران في العراق لن يكون مفيدا بخطة تقوم على ضربات متفرقة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة