خبراء عراقيون: خطة إيرانية قطرية لتأجيج الوضع بالسيطرة على "الداخلية"
سياسيون وخبراء يكشفون لـ"العين الإخبارية" مخططات إيرانية قطرية لنشر الفوضى في العراق من خلال السيطرة على وزارة الداخلية.
كشف خبراء وسياسيون عراقيون أن إيران وقطر تسعيان من خلال دفع الأموال والضغط على الكتل السياسية إلى تمرير فالح الفياض لتولي منصب وزير الداخلية، لتنفيذ مخططات تخريبية لنشر الفوضى في البلاد وإعادة البعثيين العراقيين من سوريا لاستخدامهم في تنفيذ أجندة إيران التوسعية في العراق.
وفشل مجلس النواب العراقي، الإثنين، في اختيار وزراء لـ"الداخلية والدفاع والعدل" مجددا، إثر كسر كتلة الإصلاح والإعمار (تحالف كتل سائرون والنصر والحكمة والوطنية) لنصاب الجلسة جراء تمسك كتلة البناء (تحالف مليشيات الحشد الشعبي الإيرانية مع ائتلاف دولة القانون وكتل أخرى) بمرشحها فالح الفياض لمنصب وزير الداخلية الذي ترفضه كتلة سائرون بزعامة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، الأمر الذي أسفر عن تأجيل الجلسة إلى 8 يناير/كانون الثاني المقبل.
وقال النائب عن ائتلاف سائرون، قصي محسن، لـ"العين الإخبارية" إنه "لو كان الأمر بيد كتلة البناء لرشحت اسما بديلا عن فالح الفياض، لكن التدخلات الخارجية ما زالت مصرة على تولي الفياض منصب وزير الداخلية، وهي التي فرضت اسمه على رئيس الوزراء وما زالت مصرة عليه وتمارس ضغوطات على بعض الكتل ودفعت أموالا لكتل أخرى لدعمه"، مشددا على أن عملية تمرير الفياض لنيل منصب وزير الداخلية لن تنجح أبدا.
وتابع محسن أن رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي كُلف بتشكيل الحكومة بعد موافقته على الالتزام بالمعايير والضوابط التي حددت للحكومة الجديدة، مضيفا: "خالف عبدالمهدي هذه الضوابط مؤخرا، وقدم مرشحين خلافا لهذه المعايير، لذلك نحن في كتلة الإصلاح نستطيع أن نستجوب ونقيل أي وزير، فلدينا الإمكانية والقوة والعدد حتى لإقالة الحكومة بأكملها لكننا لا نفعل ذلك، معربا عن خشيته من فرض إرادات خارجية على رئيس المجلس لتمرير الفياض بطرق أخرى كما حدث مع وزيرة التربية.
بدوره رفض حسين علي النائب عن ائتلاف النصر، الذي يتزعمه رئيس الوزراء العراقي السابق حيدر العبادي المنضوي في كتلة الإصلاح والإعمار، ما أسماه "صراع الإرادات وكسرها بين طرفين" في إشارة إلى الصراع على وزارة الداخلية بين كتلتي البناء والإصلاح.
ووصف حسين علي لـ"العين الإخبارية" هذا النهج بأنه أمر غير محبب في إدارة العملية السياسية، وقال إن الملف متداخل ومعقد، والمصلحة الوطنية تقتضي حسم الملفات وتسويتها، لافتا في الوقت ذاته إلى أن التعقيدات التي تدور حول وزراتي الداخلية والدفاع ليست من قبل كتلتي البناء والإصلاح بل هناك أطراف وامتدادات أخرى تتصارع على هذه المناصب.
وأشار علي إلى أن الحكومة الجديدة تم تشكيلها على أساس مبدأ كفاءات وطنية مستقلة والتناصف بين كتلتي البناء والإصلاح بمشاركة الأكراد والمسيحيين، مبينا أن "هذا المبدأ لم يتم العمل به منذ البداية، فالحصص غير متساوية بين الإصلاح والبناء ومالت كفة البناء بالحقائب الوزارية، والعديد من القوى السياسية قدمت مرشحين لنيل الوزارات من أحزابها".
وحول تدخل إيران المباشر في شؤون العراق الداخلية، اعتبر الخبير الاستراتيجي العراقي مؤيد الجحيشي تمسك طهران بالفياض جزءا من خطط طهران التوسعية في المنطقة التي تعمل ضمن أجندة خاصة وفق مصالحها السياسية والأمنية والعسكرية دون النظر إلى الفوضى التي يمكن أن تخلقها في دول أخرى.
وأضاف الجحيشي لـ"العين الإخبارية" أن طهران وهي تسعى لتحقيق مخططاتها التوسعية ترى أن وجود القوات الأمريكية في العراق يهدد نجاح تلك الخطط لذلك تسعى لمواجهة الولايات المتحدة في العراق اعتمادا على البعثيين العراقيين الذين هربوا من البلاد إبان سقوط نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين.
وأكد الجحيشي أن النظام الإيراني يخشى من تواجد عسكري أمريكي في العراق القريب منها، مشيرا إلى أن محاولات الحرس الثوري الإيراني لاستقطاب هؤلاء البعثيين بدأت منذ اللحظة الأولى لدخولهم الأراضي السورية، وأردف بالقول: "لم تستطع إيران استقطاب هؤلاء إلى مشروعها الإرهابي عبر نظام بشار الأسد، لذلك وكلت منذ نهاية عام 2003 فالح الفياض الذي لم يكن لديه أي منصب في العراق للتعامل معهم، وبذلك أصبح الفياض خط الوصل ما بين إيران والبعثيين العراقيين في سوريا".
ولفت الجحيشي إلى أن تمسك إيران بالفياض ينبع من أن الأخير يمسك بخيوط اللعبة في المقاومة العراقية التي خدعت بها إيران العراقيين خلال الأعوام الـ15 الماضية التي أدت إلى سيطرة "داعش" على مدنهم وتدميرها، مضيفا أن إيران تريد الفياض في وزارة الداخلية من أجل إعادة البعثيين إلى العراق.
واختتم الجحيشي تصريحه بالقول: "ستكون مهمة الفياض إصدار وثائق وأوراق رسمية وجوازات سفر بأسماء جديدة لهؤلاء البعثيين مع منحهم التسهيلات اللازمة لدخول العراق على أنهم مدنيون، وبعد دخولهم العراق سيزودون بالسلاح الإيراني ويمولون بالأموال القطرية لتنفيذ مخططات إيران التوسعية".
وفيما يأمل العراقيون في تشكيل حكومة جديدة مستقلة بعيدا عن الطائفية والحزبية، يكون ولاؤها الوحيد للمواطن العراقي والمصلحة العامة، فشل البرلمان خلال الأسابيع الماضية في التصويت على استكمال ما تبقى من وزارات الحكومة العراقية الجديدة، لكن الصراع على وزارة الداخلية بين تحالف الإصلاح الذي يحتضن كتل سائرون والنصر والحكمة وكتل أخرى، وتحالف البناء الذي يتألف من كتلة الفتح (كتلة مليشيات الحشد الشعبي) ودولة القانون بزعامة رئيس حزب الدعوة نوري المالكي وكتل أخرى، احتدم أكثر خلال الأيام الماضية.
ويتمسك تحالف البناء بمرشحه لوزارة الداخلية فالح الفياض رئيس هيئة الحشد الشعبي المقرب من الإرهابي قاسم سليماني، الذي تسعى إيران إلى تعيينه وزيرا للداخلية العراقية، الأمر الذي يرفضه تحالف الإصلاح، ويدعو إلى أن تتولى الوزارات الأمنية شخصيات مستقلة من القادة المشاركين في عمليات تحرير الأراضي من داعش.
يشار إلى أن فالح الفياض، الذي شغل مهام مستشار الأمن الوطني ورئاسة هيئة الحشد الشعبي وجهاز الأمن الوطني، ترشح للانتخابات البرلمانية العراقية مع ائتلاف النصر الذي يتزعمه رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي ثم انشق لاحقا من الائتلاف، عقب فوزه في الانتخابات.
aXA6IDE4LjIwNy4xNjAuMjA5IA== جزيرة ام اند امز