مصادر عراقية تكشف لـ«العين الإخبارية» تفاصيل زيارة قاآني «السرية» وعلاقتها بالانتخابات

في ظل تصاعد الخلافات بين القوى الشيعية بالعراق قبيل الانتخابات البرلمانية المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، تسارع طهران إلى احتواء الانقسامات التي تهدد نفوذها التقليدي في بغداد، عبر تحركات ميدانية يقودها قائد "فيلق القدس" إسماعيل قاآني.
وتأتي زيارته الأخيرة، التي لم يُعلن عنها رسمياً، في إطار مساعٍ إيرانية حثيثة لإعادة لملمة الإطار التنسيقي، وضبط إيقاع الفصائل المسلحة التي بدأت بعض أجنحتها تتجه نحو استقلالية مقلقة بالنسبة لصانع القرار في طهران، ما ينذر بتغيرات وشيكة في خارطة التوازنات الشيعية داخل العراق.
وكشفت مصادر شيعية مقربة من الإطار الحاكم لـ"العين الإخبارية"، أن قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، اللواء إسماعيل قاآني، أجرى مساء الأحد، زيارة غير معلنة إلى العاصمة العراقية بغداد، التقى خلالها عدداً من أبرز القيادات السياسية والمليشياوية الشيعية في البلاد، في خطوة تعبّر عن تصاعد قلق طهران من الانقسامات الداخلية الشيعية، والتهديدات الخارجية المتزايدة.
وبحسب المصادر، فقد حمل قاآني رسالة واضحة تؤكد "دعم إيران للحكومة العراقية في بسط سلطتها ورفضها لأي تحركات منفردة من الفصائل المسلحة"، في إشارة ضمنية إلى بعض العمليات الهجومية التي نُفذت مؤخراً في إقليم كردستان العراق، واستهدفت منشآت نفطية تديرها شركات غربية.
المصادر تحدّثت عن أن قائد فيلق القدس نبّه الحاضرين إلى ما سمّاه "الاختراق الإسرائيلي للمؤسسات العراقية"، محذراً من احتمال تنفيذ ضربات إسرائيلية تستهدف مقرات الفصائل، كما عبّر عن انزعاج طهران من استمرار بعض الجماعات في تنفيذ عمليات دون التنسيق مع الحكومة.
لقاءات رفيعة المستوى
خلال زيارته التي استمرت نحو عشر ساعات، التقى قاآني كلاً من زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، وزعيم تيار الحكم عمار الحكيم، والأمين العام لمنظمة بدر هادي العامري، وزعيم المجلس الإسلامي الأعلى همام حمودي، في اجتماعات انصبّت على تحليل المشهد السياسي الشيعي قبيل الانتخابات المقبلة، وإعادة ترتيب صفوف "الإطار التنسيقي" الذي يشهد انقساماً حول آلية المشاركة في الانتخابات، وفق مصادر «العين الإخبارية».
وتُعد هذه الزيارة هي الثانية لقاآني إلى بغداد خلال أقل من شهرين، ما يعكس تزايد اهتمام إيران بضبط إيقاع الحلفاء الشيعة في العراق، وضمان عدم خروج الوضع عن السيطرة، في ظل تصاعد التوتر الإقليمي وتزايد الضغوط الأميركية والإسرائيلية.
سياق الزيارة
وتأتي هذه التطورات في أعقاب سلسلة من الهجمات بالطائرات المسيّرة على منشآت نفطية في إقليم كردستان، تديرها شركات أميركية ونرويجية. ورغم عدم تبني أي جهة لتلك الهجمات، إلا أن واشنطن سارعت إلى التنديد بها، واعتبرتها تهديداً مباشراً لمناخ الاستثمار في العراق، وتحديًا لسيادة الدولة.
وفي المقابل، تؤكد طهران أنها تدعم استقرار العراق، إلا أنها لا تزال تواجه تحدياً كبيراً في ضبط الجماعات المرتبطة بها، والتي تتصرف أحيانًا خارج الأطر الرسمية، مما يُحرج الحكومة العراقية في المحافل الدولية.
وقال قيادي في الإطار الشيعي الحاكم رفض الكشف عن هويته لـ"العين الإخبارية"، إن زيارة قاآني بهذا التوقيت تشير إلى تحول نسبي في مقاربة إيران لعلاقتها مع المكونات الشيعية في العراق، حيث يبدو أن مرحلة "الدعم المطلق" قد بدأت تتراجع لصالح "التوجيه المحسوب والمشروط"، خاصة في ظل الضغوط الاقتصادية والدولية التي تواجهها طهران داخلياً، ومساعيها لتحسين شروط التفاوض مع الغرب.
وأضاف: "في الوقت ذاته، تسعى إيران للحفاظ على تماسك (الإطار التنسيقي)، وإبعاد الخلافات عن التأثير على وحدة الصف الشيعي، وهو ما ظهر جلياً في تأكيد قاآني على ضرورة منع تحول التنافس السياسي إلى انقسامات ميدانية قد تُضعف الجبهة الشيعية أمام خصومها المحليين والدوليين".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuOTAg جزيرة ام اند امز