حول تحديات السيناريو، أشار الخبير العسكري إلى أن مرحلة إعادة تأهيل الأطفال لتحقيق توازن نفسي لهم تعد تحديا قويا.
وضع خبير أمني مصري سيناريوهات محتملة لمصير أطفال عناصر تنظيم داعش الإرهابي في سوريا والعراق؛ حيث لم يقتصر أثر هذا التنظيم الإرهابي على الدمار والمقابر الجماعية فقط، بل خلف وراءه هذا الإرث الثقيل.
وبين جدران الإصلاحيات وجنبات المخيمات، ينتظر الآلاف من أطفال داعش مصيراً مجهولاً محفوفاً بالمخاطر، ووسط إجراءات أمنية مشددة، تنقل السيارات أطفال داعش عبر حدود سوريا والعراق إلى أوطان آبائهم، بعد أن لقي بعضهم حتفه في المعارك وفر البعض الآخر.
العميد خالد عكاشة، عضو المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب بمصر ومدير المركز الوطني للدراسات الأمنية، قال لـ"العين الإخبارية"، إن "أطفال داعش وعودتهم إلى أوطانهم يعد تحدياً جديداً يواجه المجتمع الدولي وحكومات هذه الدول، خاصة أن أغلبهم في سن الطفولة وأعمارهم لا تتخطى الـ 18 عاماً"، مطالباً في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، الدول بضرورة اتخاذ خطوات جادة لإعادة تأهيلهم من جديد.
وأعلنت الإدارة الذاتية الكردية في الشمال السوري، الإثنين، تسليم 12 طفلاً يتيماً من أطفال عائلات داعش إلى فرنسا.
وكانت وزارة الخارجية الفرنسية قالت إنها تسلمت 5 من أطفال دواعش يتامى ومنفصلين عن أسرهم، تصل أعمارهم 5 سنوات، مؤكدة ضرورة محاكمة الراشدين من الفرنسيين الذين انضموا لداعش، وأن عودة الأطفال والقصر يعد أمراً إنسانياً.
لكن عودة هؤلاء الأطفال إلى بلادهم لم ينهِ الأزمة، ما يطرح تساؤلاً واضحاً ما مصير أطفال داعش؟
- الجارديان: دفاع "عروس داعش" يسعى لإعادة 3 أطفال من سوريا
- تجنيد الأطفال.. سلاح التنظيمات الإرهابية الأخير والأخطر
إعادة الدمج
وعن سيناريوهات مصير أطفال داعش، أوضح عكاشة أن السيناريو الأول المحتمل لمستقبل هؤلاء الأطفال، هو إعادة دمجهم داخل المجتمع، لكن هذه الخطوة لا بد أن تسبقها مرحلة إعادة تأهيل نفسي وتعليمي ومجتمعي، خصوصا أنهم عاشوا في ظروف استثنائية طوال فترة الحرب وما بعدها.
وحول تحديات تطبيق هذا السيناريو، أشار الخبير الأمني المصري إلى أن مرحلة إعادة تأهيل الأطفال لتحقيق توازن نفسي لهم ودمجهم من جديد بالمجتمع المحلي، تتطلب مدة طويلة الأجل قد تصل لسنوات، للتخلص من جميع الآثار السلبية والأفكار المتطرفة المحتملة ترسخيها في أذهان هؤلاء الصغار.
وتابع: "إعادة التأهيل ليس أمراً مستحيلاً بل يتطلب برامج علاجية وميزانيات وأماكن مخصصة، إضافة لمتخصصين في الطب النفسي والاجتماعي ووقت ومجهود لتعاون بين الجهات المسؤولة"، منوهاً بأن قدرة الدول على مواجهة فكر التنظيمات الإرهابية ومواكبة الزمن عنصران رئيسيان لإنقاذ أطفال داعش.
وأشار إلى أن بعض الدول الأوروبية وكندا وأستراليا "نجحت في استيعاب أطفال داعش بعد عودتهم مرة أخرى، متخذين مراحل مهمة من إعادة التأهيل النفسي والصحي والاجتماعي وجلسات الحوار وإعادة الدمج بين المختصين وضحايا التنظيم الإرهابي، ما يشير إلى أهمية التعامل الجاد المدروس مع أطفال داعش".
السجن
تشير التقارير إلى أن أغلب جنسيات أطفال داعش بالعراق من دول شرق أوروبا، وألمانيا وتركيا، وروسيا، وطاجكستان.
وتتولى المحكمة الجنائية المركزية في بغداد تسليمهم إلى بلادهم، في حين تنصلت بعض الدول من مسؤولية استلامهم، ووافقت الأخرى على إجراءات استلامهم وإعادة تأهيلهم داخل المجتمع.
وعن سيناريو الزج بهم في السجون، نوه عضو المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب بمصر، إلى أن السجن لن يكون المكان الأفضل لأطفال داعش، أو الحل الأمثل لتحجيم مخاطرهم المرتقبة نتاج ظروف الحرب، مؤكداً أن هذا التصرف وسيلة للقضاء عليهم ليست مجدية، بل يسهل وقوعهم فريسة لدى التنظيمات الإرهابية.
وألمح عكاشة إلى خطورة تشديد القوانين ضد أطفال داعش ومعاقبتهم بالسجن، نظراً لأنهم في سن صغير يستدعي إعادة بناء العقل والإدراك من جديد، ومحو آثار مرحلة داعش بداية من 2014، ومرحلة ما بعد داعش وتشتت عائلاتهم.
دون تأهيل
"أخطر ما تفعله الدول والمجتمع الدولي، هو ترك أطفال داعش دون تأهيل أو دمج داخل المجتمع"، كان هذا السيناريو الثالث الذي توقعه العميد خالد عكاشة، لأطفال داعش العائدين لأوطانهم، مشيراً إلى أن هذا الوضع يعيد إنتاج متطرفين جدد يؤمنون بحمل السلاح ومحاربة أبناء مجتمعاتهم.
وقال عكاشة "هناك تجارب استهانت بعودة أطفال وأسر التنظيمات الإرهابية، ما خلق أجيالاً جديدة من المتطرفين ظل العالم يعاني من إرهابهم"، مستشهداً بتجربة عودة أجيال تنظيم "القاعدة" الأولى إلى بلادهم، ما خلق أسر مثل أسرة زعيم التنظيم "أسامة بن لادن" التي توارثت الفكر المتطرف عبر الأجيال.
وأعلن القضاء العراقي عن وجود أكثر من 1000 طفل أجنبي لأبوين انتميا لداعش، أغلبهم داخل إصلاحيات، تركوا بدون ذويهم في العراق بعد نهاية التنظيم داخل الأراضي العراقية في 2017.
وبين قسوة ظروف المعيشة ومستقبل غامض، يظل أطفال داعش أكثر ضحايا التنظيم الإرهابي تضرراً من إرهابه، في سوريا والعراق على مدار الـ5 سنوات الماضية.