داعش سوريا.. هزائم متتالية وانهيار تدريجي
تراجع ملحوظ لتنظيم داعش الإرهابي بالأراضي السورية، حيث فقد التنظيم أكثر من 80% من العوائد التي كان يحصل عليها من حقول النفط
تراجع ملحوظ لتنظيم داعش الإرهابي بالأراضي السورية، حيث فقد التنظيم أكثر من 80% من العوائد التي كان يحصل عليها من حقول النفط المتمركز أغلبها بالمدن الحدودية مع لبنان والعراق، ما يؤكد خسارته الفعلية لأكثر من نصف المدن التي بسط سيطرته عليها بسوريا، فضلاً عن مقتل كبار قادة التنظيم بالرقة وحلب خلال غارات جوية شنها التحالف الدولي العام الحالي.
ورجحت عدد من التقارير الاستخباراتية الدولية أن يشهد تنظيم داعش تراجعاً حاداً في صفوفه خلال عام 2017 ، خاصة أن التحركات الدولية ضد عناصره لم تكن مقتصرة فقط على معركة الموصل بالعراق، بل امتدت إلى دعم قوات سوريا الديمقراطية بمعركة الرقة، بالإضافة لتحركات جيش النظام السوري ببعض المناطق في دير الزور وحمص.
الرقة.. آخر معاقل داعش
مدينة الرقة.. الرهان الأخير لتنظيم داعش بسوريا بعد خسارته لأجزاء من تدمر ومنبج والباب السورية في نهاية عام 2016، ومنذ لحظة انطلاق معركة الرقة في الـ6 من يونيو/ حزيران الماضي، تكبد التنظيم خسائر فادحة في صفوفه، لتستعيد القوات نصف مدينة الرقة في أقل من 60 يوماً.
وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان عن التقدم الملحوظ لقوات سوريا الديمقراطية داخل المدينة، لتتمكن من السيطرة على 13 حياً و7 مناطق و6 حقول نفطية داخل النواحي الشرقية والغربية والشمالية الغربية، مع تطويق أسوار البلدة القديمة التي تمثل قلب المدينة وتحريرها يعني الهزيمة الفعلية للتنظيم بالرقة.
ورغم فقدان داعش لآليات الحرب ومحاصرته من 3 محاور بالمعركة، إلا أن الفصائل الكردية والعربية المتحالفة حرصت على ضبط القتال عن طريق الهجوم الحذر والتحركات البطيئة باستراتيجية الضربات الجوية المتزامنة مع التحركات البرية، تحسباً لأية محاولات إجرامية من جانب فلول داعش المتواجدة بالمدينة.
وبمساندة طائرات الأباتشي التابعة لقوات التحالف الدولي، نجحت القوات المتقدمة بالمعركة في فرض سيطرتها على الضفة الشمالية لنهر الفرات وأكثر من نصف حي "نزلة شحادة" جنوباً مع التقدم لمنطقة البانوراما، كما تحررت قلعة هرقل غرباً بالإضافة لأحياء الرومانية والقادسية والمشلب والبتاني والبردي وحطين والبياطرة وهشام بن عبد الملك خلال 7 أسابيع من بدء القتال.
وظهر تخبط داعش أكثر في خسارته للحقول النفطية الرئيسية بالرقة، حيث استعادت قوات سوريا الديمقراطية حقول الديلعة والوهاب والفهد ودبيسان وأبوالقطط وأبوقطاش النفطية، مع فرض السيطرة على قرية كسرة جمعة جنوب الفرات وأجزاء من ضاحية الجزرة والفرقة 17، وسوق الهال وبلدة العكيرشي ومعمل السكر.
ويشير إيقاع المعركة والتقدم الملحوظ على أرض الواقع لقرب حسم المعركة لصالح الأكراد والعرب، ما يسهم في تراجع معنويات مسلحي داعش، ليواجه التنظيم الإرهابي الذي خسر أكثر من 90% من مساحة الأراضي التي سيطر عليها منذ 2015 مرحلة الحصار حتى الموت عقب فرارهم ناحية الحدود السورية.
وفقدان داعش لمدينة الرقة يعني موت التنظيم إكلينيكياً في سوريا، والدخول في مرحلة إثبات الوجود الوهمي عبر تنفيذ عمليات إرهابية على حدود معقله الأخير بسوريا، بينما ستواجه هذه المحاولات البائسة من التنظيم بضربات جوية من قبل قوات التحالف التي أعلنت عن بقائها بالأراضي السورية بعبارة الجنرال روبرت جونز: "بوصفنا تحالفاً دولياً نعلن أن عملاً أكبر ينتظرنا هنا في سوريا".
من دير الزور لحمص.. ضربات متتالية لداعش
ويتشابه المشهد في الرقة مع الأحداث في محافظة دير الزور الواقعة على الحدود العراقية، حيث تخضع لسيطرة داعش بالكامل، بينما يتواجد جيش النظام السوري بجزء صغير منها فضلاً عن سيطرته على قاعدة جوية بالقرب من الطريق المؤدي لها.
واستغل جيش النظام الدعم الروسي لقواته ليبدأ في توجيه ضربات للتنظيم الإرهابي بمنطقة ريفية شرق الرقة، وتقدمت قوات جيش النظام لمنطقة تبعد 4 كم عن بلدة معدان بعد عبورها لحدود دير الزور والرقة من الناحية الغربية، ما يعني فقدان داعش سيطرته على الطريق الرئيسي بين المحافظتين.
ويستهدف جيش النظام منذ مايو/أيار الماضي الدخول إلى دير الزور عبر 3 جبهات، من المنطقة الحدودية من الناحية الجنوبية الغربية، وجنوب الرقة المحاذية لها، وجنوب المحافظة نفسها، محرزاً تقدماً نحو 12 كم عند محطة ضخ "تي تو" على الحدود السورية العراقية.
وتمثل دير الزور بوابة مهمة لنظام الأسد لقربها من حمص وحلب والحسكة، لذا يسعى جيش النظام طرد عناصر داعش وفرض سيطرته عليها تمهيداً للمعارك مع الأكراد من جانب، ومع المعارضة المسلحة من جانب آخر، لذا تمسكت قوات النظام بالتواجد في بعض أجزاء بالمدينة رغم وقوعها تحت سيطرة الإرهابيين منذ 3 أعوام.
وتزامناً مع معركة الرقة والتقدم لجيش النظام في دير الزور، شن جيش النظام هجمات متتالية على بلدة السخنة آخر معاقل الإرهابيين بحمص، وهو التقدم الميداني الذي يسهم في السيطرة على دير الزور مباشرة.
وبدأت قوات جيش النظام في التوجه لناحية الجزء الأخير من حمص منذ مارس/آذار الماضي عقب طرد عناصر داعش من مدينة تدمر الأثرية، كما تمكنت قوات سوريا الديمقراطية من استعادة الطبقة والمنصورية والأسدية وحمرة الغانم وحمرة الناصر، ومحطات المياه والغاز، وأحياء اليرموك والصالحية وميسلون والرافقة والدلاء ومزارع الرشيد وسدود البعث، خلال الفترة من مارس/آذار إلى مايو/أيار الماضي في معركة درع الفرات.
خسائر بشرية لداعش
ولم تكن خسارة داعش على مستوى المناطق والمدن فقط، بل امتدت الخسارة لقادة التنظيم الإرهابي وعناصره المسلحة، ليقتل بمعركة الرقة أكثر من 430 داعشياً بينهم قيادات في الصفوف الأولى للتنظيم، كما سقطت قادة للتنظيم بعدة مدن سورية، ليعلن البنتاجون الأمريكي مقتل تركي البنعلي مفتي داعش في مدينة الميادين السورية في نهاية مايو/أيار الماضي. وفي الشهر نفسه قتل أبومصعب المصري، وزير الحرب بالتنظيم.
كما فقد داعش أهم قادته بالرقة بعد سقوط أبو بكر الحكيم، قائد بمدينة الرقة في منتصف إبريل/نيسان الماضي.
ويمكننا القول إن الوضع الميداني في الأراضي السورية يشير بشكل واضح إلى بداية النهاية لتنظيم داعش خاصة مع تلقيه ضربات قاصمة في صفوفه البشرية وفقدانه لمعاقله الرئيسية بسوريا.