بأناشيد النصر وبالتقاط الصور، احتفت حركة طالبان بمرور عام على عودتها للسلطة في أفغانستان، بعد الانسحاب "المتسرع" للقوات الأمريكية.
فبعد عشرين عاما من وجود تلك القوات في أفغانستان، سيطرت حركة طالبان في 15 أغسطس/آب 2021 على العاصمة كابول، بدون أن تواجه أي مقاومة، إثر تقدمها الخاطف في جميع أنحاء البلاد.
وفيما يلي تستعرض "العين الإخبارية"، المحطات الرئيسة التي مرت بها أفغانستان، في حكم طالبان، الذي أكمل اليوم الإثنين عامه الأول.
انسحاب "كارثي"
بعد قرابة أسبوعين من سيطرة حركة طالبان على العاصمة الأفغانية كابول وتحديدًا في 30 أغسطس/آب 2021، أنهت الولايات المتحدة الأمريكية عملية انسحاب القوات العسكرية الأمريكية من أفغانستان نهائياً، والتي وصفت بـ"الكارثية".
ورغم الفوضى التي سادت تلك العملية، إلا أن الانسحاب الأمريكي الذي جاء بعملية إجلاء جوي، نجحت خلالها القوات الأمريكية في إجلاء آلاف المواطنين الأمريكيين والأفغان.
الجنرال كينيث ماكينزي قائد القيادة المركزية الأمريكية قال في تصريحات بثت في ذلك الوقت، إن "الانسحاب الذي نشاهده الليلة ليس فقط نهاية للدور العسكري في عملية الإجلاء، إنما هو أيضا نهاية لمهمة عسكرية امتدت لعشرين عاما، وكانت بدايتها بعد وقت قصير من الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول 2001".
وفيما كان عشرات آلاف المدنيين يندفعون مذعورين إلى المطار الوحيد في العاصمة ساعين إلى الرحيل على متن أي طائرة متاحة، غادرت آخر رحلة جوية أمريكية في إطار إجراءات الإجلاء مطار حامد كرزاي الدولي في العاصمة كابول، في 31 أغسطس/آب 2021، بموجب الاتفاق على الانسحاب النهائي من أفغانستان بين الإدارة الأمريكية وحركة طالبان.
وتابع العالم بذهول الحشود المتهافتة لركوب الطائرات المتوقفة على المدرج وكيف تسلق البعض بطائرة أو تشبث بطائرة شحن عسكرية أمريكية أثناء إقلاعها.
نداء للعالم
وما إن انتهى الانسحاب الأمريكي، حتى غرقت أفغانستان المحرومة من المساعدة الدولية التي كانت حيوية للبلاد، في أزمة مالية وإنسانية حادة مع ارتفاع صاروخي في معدل البطالة، فيما أفادت الأمم المتحدة بأن أكثر من نصف سكان البلاد أي نحو 24 مليون أفغاني مهددون بانعدام الأمن الغذائي.
وفي 31 آذار/مارس الماضي، وجهت الأمم المتحدة أكبر نداء إلى الأسرة الدولية لجمع تبرعات لبلد واحد. إلا ان المبادرة سمحت فقط بجمع 2,44 مليار دولار بينما المطلوب 4,4 مليارات.
عودة "داعش"
إحدى المحطات الرئيسية في العام المنصرم من حكم طالبان، كانت عودة تنظيم "داعش" الإرهابي إلى ديدنها القديم، بانتهاج سياسة التفجيرات، والتي أرقت بها مضاجع الأفغان.
ففي نهاية أغسطس/آب 2021، قتل أكثر من مئة شخص عندما فجر انتحاري نفسه قرب مدخل المطار وسط الحشود في هجوم أعلن تنظيم "داعش" مسؤوليته عنه.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2021 أسفر هجوم آخر لداعش عن سقوط 60 قتيلا وهو أكثر الهجمات فتكا منذ انسحاب القوات الأمريكية.
وفي ربيع العام 2022 قتل عشرات الأشخاص في سلسلة من التفجيرات أعلن تنظيم "داعش" المسؤولية عن غالبيتها؛ ففي مايو/أيار 2022، قتل 16 شخصا على الأقل في أربعة تفجيرات، استهدفت ثلاثة منها حافلات صغيرة وتبناها التنظيم الإرهبي في مزار الشريف في شمال أفغانستان، ورابع استهدف مسجدًا في كابول.
ودعا خبير رفيع في الأمم المتحدة قي ذلك الوقت، سلطات طالبان إلى التحقيق في تلك الهجمات بالإضافة إلى سلسلة التفجيرات التي استهدفت أفراداً من الأقليات الشيعيّة والصوفيّة في البلاد.
وقال المقرر الخاص للأمم المتحدة حول حقوق الإنسان في أفغانستان ريتشارد بينيت للصحفيين إن هذا النوع من الهجمات "يعكس سياسة منظّمة تحمل سمات الجرائم ضدّ الإنسانيّة"، داعيًا لإجراء تحقيق في ختام زيارته لأفغانستان حيث التقى عدداً من مسؤولي طالبان وزار بعض المواقع التي استهدفتها الهجمات الأخيرة.
ويصر مسؤولو طالبان على أن قواتهم هزمت تنظيم "داعش"، لكن محللين يشيرون إلى أن الجماعة الإرهابية لا تزال تمثّل التحدي الأمني الرئيسي للسلطة الأفغانية الجديدة.
إعلان الحكومة
في 7 و8 ستمبر/ أيلول أعلنت طالبان عن تعيين أبرز الوزراء في حكومتها وكلهم من صفوفها برئاسة محمد حسن أخوند المقرب سابقا من مؤسسها الملا عمر.
ولم تحظ الحكومة حتى الآن باعتراف المجتمع الدولي، وانتقدت الدول الغربية التشكلة المعلنة من طالبان، معتبرة أنها "لا تمثل" التنوع الإتني والديني في البلاد خلافا لما تعهد به النظام الجديد.
وجعلت الدول الغربية من احترام حقوق الإنسان وخصوصا حقوق المرأة شرطا مسبقا في المفاوضات حول المساعدات والاعتراف بالحكومة الجديدة.
إعادة الطيور المهاجرة
وفي مايو/أيار 2022، أعلنت حركة طالبان تشكيل لجنة للتواصل مع معارضي النظام من السياسيين والعسكريين داخل البلاد وخارجها، بهدف إعادتهم للمشاركة في شؤون البلد الأفغاني.
ووثقت لجنة الاتصال مع الشخصيات الأفغانية، والتي دشنت في 5 يونيو/حزيران من نفس العام، صفحتها على "تويتر"، عودة مئات الأشخاص إلى البلاد، بينهم سياسيون وعسكريون، بالإضافة إلى تسجيلها عشرات آخرين يرغبون في العودة.
وفي محاولة من اللجنة لحث المعارضين والسياسيين الأفغان للعودة، عقدت في 17 يونيو/حزيران الماضي، اجتماعًا، لتقييم سياساتها الماضية، وأقرت توفير تسهيلات أفضل للعائدين من الشخصيات الأفغانية.
ووجهت لجنة الاتصال الأفغانية رسالة في 10 يونيو/حزيران، إلى كل "الطيور المهاجرة"، قالت فيها: إن أفغانستان هي الموطن المشترك لجميع الأفغان. والآن بعد أن ساد السلام في البلاد، ندعو العلماء والشخصيات السياسية والمؤثرة والخبراء والمفكرين والكتاب وجميع الأفغان المقيمين في الخارج، للعودة إلى الوطن والبدء في حياة الشرف والسعادة والأخوة مع بعضهم البعض في وطنهم والمساهمة في ازدهار الوطن".
منع التعليم
التعليم ينطوي على إشكالية كبرى في أفغانستان؛ فالتعليم الثانوي محظور على الإناث منذ عودة طالبان إلى السلطة، وما من مؤشر يدل على إمكان رفع هذا الحظر على الرغم من وعود بهذا الصدد أطلقها بعض من قادة الحركة.
وفي مارس/آذار الماضي، منعت طالبان الفتيات من الالتحاق بالمدارس الإعدادية والثانوية بعد ساعات فقط من إعادة فتحها بموجب قرار كان معلنا منذ فترة.
وفي أوائل مايو/أيار الماضي، أمر القائد الأعلى لطالبان هبة الله أخوند زاده النساء بوضع النقاب في الأماكن العامة، فيما قالت طالبان إنها تفضل أن ترتدي النساء البرقع لكنها ستتسامح مع أشكال أخرى من الحجاب لا تكشف سوى العينين.
وألغيت الفنون والعلوم الاجتماعية والسياسية وغيرها من المواد من المناهج التعليمية في المدارس والجامعات التي تعاني أصلا من نقص في المحاضرين بسبب مغادرة النخب الأفغانية المثقّفة البلاد منذ عودة طالبان إلى السلطة.
مقتل الظواهري
وفي محطة فاصلة في عام حركة طالبان داخل الحكم، أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن في الأول من أغسطس/آب الجاري، أن الولايات المتحدة قتلت بواسطة طائرة مسيّرة زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري في كابول، والذي كان من كبار المطلوبين لدى أجهزة الاستخبارات الأمريكية منذ سنوات.
وكان الظواهري الذي خلف أسامة بن لادن في قيادة تنظيم القاعدة أحد العقول المدبرة لاعتداءات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001 في الولايات المتحدة التي أسفرت عن سقوط نحو ثلاثة آلاف قتيل.
وفيما نددت حركة طالبان بالهجوم، غير أنها لم تؤكد مقتل الظواهري أو مجيئه إلى كابول ووجوده فيها.