الاجتياح البري لغزة.. هل يحقق أهداف إسرائيل؟
قالت إسرائيل إنه بمجرد تحقيق أهدافها ستنسحب من غزة بشكل كامل، ولكن السؤال الآن هل هذه الأهداف واقعية؟ وكيف يمكن تحقيقها؟
في تصريحات متكررة أكد القادة الإسرائيليون أن الهدف من الغزو البري لغزة هو تدمير حماس وبنيتها العسكرية والسياسية، فيما تحدث وزير الدفاع يوآف غالانت عن "نظام أمني جديد" في القطاع، دون أي مسؤولية إسرائيلية عن الحياة اليومية.
وقالت إسرائيل إنه بمجرد تحقيق أهدافها ستنسحب من غزة بشكل كامل، ولكن هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" تساءلت في تقرير لها عن مدى واقعية هذه الأهداف، وكيفية تحقيقها.
تدمير حماس أم إضعافها؟
ونقل التقرير، الذي طالعته "العين الإخبارية" عن المحلل العسكري أمير بار شالوم من إذاعة الجيش الإسرائيلي قوله "لا أعتقد أن إسرائيل قادرة على تفكيك كل عضو في حماس، لكن يمكنها إضعاف الحركة بقدر ما تستطيع، حتى لا تكون لديها قدرات تشغيلية".
واعتبرت "بي بي سي" أن إضعاف حماس قد يكون هدفا أكثر واقعية من تدميرها بالكامل، وقالت إن إسرائيل خاضت بالفعل 4 حروب مع الحركة، وباءت كل محاولاتها لوقف هجماتها الصاروخية بالفشل.
ووافق مايكل ميلستين، رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية في جامعة تل أبيب، على أن تدمير حماس سيكون أمرا معقدا للغاية.
وقال إنه بصرف النظر عن قوة الجناح العسكري لحماس التي تزيد عن 25 ألف فرد، فإن لديها ما بين 80 إلى 90 ألف عضو إضافي يشكلون جزءا من البنية التحتية للرعاية الاجتماعية.
وتقع العملية العسكرية الإسرائيلية تحت رحمة عدة عوامل، يمكن أن تخرجها عن مسارها من بينها استعدادات كتائب القسام (الجناح العسكري لحماس)، والتي تشمل العبوات الناسفة ونصب الكمائن، فضلا عن شبكة الأنفاق تحت غزة.
وقد تم تحذير الإسرائيليين من الاستعداد لحرب طويلة مع استدعاء عدد قياسي من جنود الاحتياط إلى الخدمة يبلغ 360 ألف جندي.
وتساءل التقرير قائلا "إلى متى يمكن أن تستمر إسرائيل في عملياتها في ظل تزايد الضغوط الدولية من أجل وقف إطلاق النار مع ارتفاع عدد القتلى، وانقطاع إمدادات المياه والكهرباء والوقود، وتحذيرات الأمم المتحدة من كارثة إنسانية".
وقال يوسي ميلمان، أحد الصحفيين البارزين في مجالي الأمن والاستخبارات في إسرائيل، "تشعر الحكومة والجيش أنهما يحظيان بدعم المجتمع الدولي أو على الأقل قادة الغرب، لذا فالفلسفة هي: دعونا نحشد، لدينا متسع من الوقت".
لكنه أعرب عن اعتقاده أنه عاجلا أم آجلا سيتدخل حلفاء إسرائيل إذا رأوا صورا لأشخاص يتضورون جوعاً وسيتصاعد الضغط مع استمرار ارتفاع عدد الضحايا المدنيين.
واعتبر مايكل ميلستين أن "الأمر معقد للغاية لأنه يحتاج إلى وقت، والإدارة الأمريكية لن تسمح بالبقاء في غزة لمدة عام أو عامين".
أزمة الرهائن
وتطرق التقرير إلى أزمة الرهائن الإسرائيليين، مشيرا إلى وجود عدد كبير من المواطنين الأجانب ومزدوجي الجنسية بينهم، مما يعني أن العديد من الحكومات الأخرى بما في ذلك الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا لها مصلحة في الإفراج الآمن عنهم.
وقال الكولونيل ميشيل جويا، الخبير الاستراتيجي الفرنسي، إن الجيش الإسرائيلي أمامه خيار واضح، إما الحفاظ على حياة الرهائن وإما "إلحاق أكبر قدر ممكن من الأذى بحماس".
وتزيد النداءات المؤلمة التي أطلقتها عائلات الرهائن من الضغوط على قادة إسرائيل.
رد فعل الجيران
ووفقا للتقرير فإن مدة ونتائج الهجوم البري ستتأثران أيضا برد فعل جيران إسرائيل خاصة مصر، بسبب معبر رفح ومحاولات تهجير سكان غزة إلى سيناء، والتي حذر منها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.
كما تحدث العاهل الأردني الملك عبدالله عن "خط أحمر" لأي محاولة محتملة لإخراج اللاجئين الفلسطينيين من غزة، محذرا بوضوح من أنه "لا لاجئين في الأردن، ولا لاجئين في مصر".
جبهات جديدة
كما تخضع الحدود الشمالية لإسرائيل مع لبنان أيضا لرقابة دقيقة، ولا ترقى الهجمات المتبادلة حتى الآن إلى مستوى جبهة جديدة.
وهددت إيران بالفعل بفتح "جبهات جديدة" ضد إسرائيل، ولردع طهران وجه الرئيس الأمريكي جو بايدن رسالة تحذير كما تم إرسال حاملتي طائرات أمريكيتين، إلى شرق المتوسط ووضع 2000 جندي أمريكي في حالة تأهب.
نهاية اللعبة
سؤال آخر طرحه التقرير حول من الذي سيحل محل حماس إذا نجحت إسرائيل في إضعافها بشكل كبير.
فإسرائيل التي انسحبت من القطاع في 2005 ليس لديها نية للعودة كقوة احتلال، كما أن فراغ السلطة من شأنه أن يخلق مخاطر جسيمة.
ويحذر ميلستين من أن خطر حل مشكلة واحدة يكمن في إيجاد 10 مشاكل جديدة.
ويعتقد أوفير وينتر من المعهد الإسرائيلي لدراسات الأمن القومي أن التحول في السلطة يمكن أن يمهد الطريق أمام العودة التدريجية للسلطة الفلسطينية التي تسيطر حاليا على الضفة، لكن إقناعها بالعودة إلى غزة سيكون أمراً معقداً للغاية.
وقد يقدم المجتمع الدولي حلاً مؤقتاً، مثلما أدارت الأمم المتحدة كوسوفو بعد انسحاب القوات الصربية عام 1999، لكن إسرائيل لا تحظى بالثقة على نطاق واسع في الأمم المتحدة.
قد يكون هناك خيار آخر يتمثل في إنشاء إدارة يديرها رؤساء بلديات غزة والقبائل والعشائر والمنظمات غير الحكومية، بمشاركة مصر والولايات المتحدة والسلطة الفلسطينية ودول عربية أخرى، كما يقول ميلستين.
ولم يبد الرئيس المصري نفسه أي اهتمام بالسيطرة على غزة، لكنه قال إنه لو "تم إنشاء دولة فلسطينية منزوعة السلاح منذ فترة طويلة في المفاوضات، فلن تكون هناك حرب الآن".
وفي نهاية المطاف، سيتعين إعادة بناء البنية التحتية المدمرة في غزة بنفس الطريقة التي كانت عليها بعد الحروب السابقة.
وسوف ترغب إسرائيل في فرض قيود أكثر صرامة على دخول "البضائع ذات الاستخدام المزدوج" إلى غزة والتي قد يكون لها أغراض عسكرية ومدنية. وكانت هناك دعوات لتوسيع المنطقة العازلة على طول السياج مع غزة لتوفير قدر أكبر من الحماية بالنسبة للمجتمعات الإسرائيلية.
ومهما كانت نتيجة الحرب، فإن إسرائيل سوف ترغب في ضمان عدم تكرار أي هجوم مماثل مرة أخرى.
aXA6IDE4LjIyNi4xNy4yMTAg جزيرة ام اند امز