ساعر «المتمرد» ونتنياهو.. من عدو لدود إلى «منقذ»
منذ انشقاقه عن حزب "الليكود"، اتسمت علاقة جدعون ساعر، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالندية والتوتر، لكنها تتحسن حاليا.
وبعد أن كان ينظر إلى ساعر الذي انشق عن الليكود في 2020، كالشخص الطامح إلى الإطاحة بنتنياهو، بات يتهم بشكل مفاجئ، بأنه يمد حبل الإنقاذ للأخير في أصعب أيامه بالمنصب، بعد دخول الطرفين في مفاوضات لتولي الأول منصب وزير الدفاع خلفا ليوآف غالانت الذي هدد رئيس الوزراء بإقالته.
وساعر، 57 عاما، مولود في تل أبيب، خدم كضابط صف استخبارات في لواء جولاني بالجيش الإسرائيلي، ودرس العلوم السياسية في جامعة تل أبيب، ثم تابع دراسة القانون في نفس الجامعة.
وفي مايو/أيار 2013، تزوج ساعر من المذيعة الإخبارية الإسرائيلية غولا إيفن، وأنجب منها طفلين، ديفيد وشيرا.
ووفق ما طالعته "العين الإخبارية" في وسائل إعلام عبرية، وموقع الكنيست، استهل ساعر حياته السياسية مساعدًا للنائب العام بين عامي 1995 و1997. وفي 1999 عُيِّن سكرتيرًا لمجلس الوزراء ومرة أخرى من عام 2001 إلى عام 2002 بعد فوز أريئيل شارون زعيم حزب "الليكود" آنذاك في الانتخابات وتوليه رئاسة الوزراء.
صعود سريع
وفي انتخابات عام 2003، فاز ساعر بمقعد في الكنيست (البرلمان)، على قائمة "الليكود"، وعُيِّن رئيسًا للمجموعة البرلمانية للحزب ورئيسًا لكتلة الائتلاف الحاكم البرلمانية.
ساعر عارض الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة عام 2005، وحاول تمرير مشروع قانون يطالب بإجراء استفتاء حول هذا الموضوع.
وأعيد انتخاب السياسي الإسرائيلي لعضوية الكنيست على قائمة "الليكود" عام 2006، وأصبح أيضًا نائبًا لرئيس البرلمان.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2008، فاز ساعر بالانتخابات التمهيدية لحزب الليكود، مما منحه المركز الثاني في قائمة الحزب بعد زعيمه بنيامين نتنياهو، في الانتخابات العامة.
وإثر ذلك، جرى تعيينه وزيراً للتعليم في 31 مارس/آذار 2009.
وفي عام 2012، حصل مرة أخرى على أكبر عدد من الأصوات في الانتخابات التمهيدية لحزب الليكود، وعاد للكنيست مجددا.
استراحة قصيرة
وفي عام 2014، أعلن ساعر أنه سيستقيل من منصبه قبل الانتخابات، مع شائعات عن تهم مزعومة بالتحرش الجنسي.
وفي العام التالي، أخذ استراحة من السياسة، وغادر الكنيست في 5 نوفمبر/تشرين الثاني.
في 3 أبريل/نيسان 2017، أعلن ساعر عن عودته إلى السياسة ونيته الترشح في الانتخابات التمهيدية لحزب الليكود، حيث كان يُنظر إليه كمرشح محتمل لقيادة الحزب وتولي رئاسة الوزراء في نهاية المطاف.
مرحلة الخلاف
بدأ الخلاف في 2019، حين أعلن رئيس الوزراء نتنياهو، أنه يفكر في إجراء انتخابات مبكرة على منصب رئيس حزب الليكود، ورد عليه ساعر في تغريدة مقتضبة على «إكس» (تويتر سابقاً): "أنا مستعد".
وفي 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، طلب ساعر من اللجنة المركزية لحزب "الليكود" تحديد موعد لسباق زعامة الحزب في غضون أسبوعين.
وبعد حل الكنيست وتحديد موعد الانتخابات في 2 مارس/آذار 2020، جرى تحديد موعد انتخابات القيادة في 26 ديسمبر/كانون الأول 2019. ولكن كما كان متوقعًا انتصر نتنياهو بفارق كبير بعد حملة انتخابية تخللها تبادل كبير للاتهامات والانتقادات مع ساعر.
وإثر ذلك، أعلن ساعر في ديسمبر 2020، أنه سيترك "الليكود" وسيشكل حزبه الخاص تحت سام "أمل جديد".
وخاض "أمل جديد" الانتخابات الإسرائيلية عام 2021، بهدف تشكيل ائتلاف حاكم وإقالة نتنياهو من منصبه، وحصل حزبه على ستة مقاعد في الانتخابات. وبعد السباق أصبح ساعر وزيرًا للعدل.
وفي 10 يوليو/تموز 2022، أعلن ساعر أن "أمل جديد" سيشكل تحالفًا انتخابيًا مع حزب "أزرق أبيض "بزعامة بيني غانتس، ليُطلق عليه اسم "الوحدة الوطنية" الذي حصل على 12 مقعدا بالكنيست.
وانضم إلى حكومة الطوارئ بعد الحرب على غزة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كوزير بلا حقيبة ولكن ما لبث أن انفصل عن تحالف "الوحدة الوطنية" في 12 مارس/آذار الماضي.
قبل أن يعلن تحويل اسم حزبه إلى "اليمين الوطني" ويملك 4 مقاعد بالكنيست.
ومؤخرا، استكشف نتنياهو فرص انضمام ساعر إلى الحكومة كوزير للدفاع مع عودة محتملة للسياسي "المتمرد" إلى حزب "الليكود".
مواقفه السياسية
أعلن ساعر مرارا إنه يعارض حل الدولتين، وقال"من الخطأ العودة إلى فكرة إقامة دولة فلسطينية في يهودا والسامرة (الضفة الغربية) كحل للصراع".
كما أيد ضم الضفة الغربية، وأعلن في ٢٠٢٠ أنه "لن تكون هناك دولة مستقلة أخرى بين نهر الأردن والبحر".
وعندما كان مراهقًا، انضم ساعر إلى حركة تحيا القومية المتطرفة احتجاجًا على إخلاء المستوطنات الإسرائيلية في شبه جزيرة سيناء عام 1982 وفقًا لمعاهدة السلام بين مصر وإسرائيل.
وفي 14 أكتوبر/تشرين أول 2023، قال في مقابلة مع قناة 12 الإخبارية الإسرائيلية، إن قطاع غزة "يجب أن يكون أصغر في نهاية" الحرب بين إسرائيل وحماس.
تقاربٌ بين ساعر ونتنياهو يخفي جبلا من الخلافات. ففي أغسطس/آب 2022، قال الأول "لن أجلس في الحكومة مع نتنياهو لأنه يمثل نهجا يعرض مستقبل دولة إسرائيل للخطر. مبادئي لا تسمح لي بدعم قائد يضع مصلحته الشخصية فوق كل شيء".
وفي ديسمبر/كانون أول 2022، اعتبر السياسي الذي يوصف بـ"المتمرد" أن أي حكومة يرأسها نتنياهو "ستبقى بفضل الصفقات السياسية وليس بسبب الصالح العام"، مشيرا إلى أنه لن يشارك فيها.
وفي مايو/أيار 2023، رأى أن "عودة نتنياهو إلى السلطة كارثة على البلاد".