الموساد وداعش.. زلة لسان يعالون وإقرار زرع عميل وصولا لـ"أبو حفص"
مراقبون رأوا أن عدم نفي إسرائيل علاقتها بـ"أبو حفص"، إنما يشير إلى أن ذلك سيتطلب منها دفع الثمن لاسترجاعه أو الإفراج عنه.
"تُقدم إليَ توصيات بتنفيذ عمليات تتحلى بالجرأة و الخيال ومخاطر ليست بقليلة ولكنها محسوبة".. جملة قالها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في حفل مغلق أقيم في مقر جهاز المخابرات "الموساد" نهاية العام الماضي.
نتنياهو لم يقدم معلومات عن هذه العمليات، ولكنه أضاف قائلاً: "على الساحة الاستخباراتية نخوض حملة معقدة جدا وتوجد فيها مقومات تكنولوجية وبشرية وهناك ضرورة للدمج بينها، وأنتم (عناصر الموساد) تقومون بذلك على أكمل وجه. أنتم تقدمون معلومات استخباراتية حيوية لأمن إسرائيل ومستقبلها".
وتابع: "ستخوض الحرب بالحِيَل"، هذا ما كُتب في التوراة، ولكن أضيف أيضا أن "من خلال الحيل تتجنب الحرب".
وجهاز "الموساد" ، الذي تأسس عام 1949 وترأسه منذ ذلك الحين 12 مسؤولا آخرهم يوسي كوهين، هو المسؤول عن العمليات الاستخبارية الخارجية والتي كثيرا ما تضمنت اغتيالات عندما تعلق الأمر بأفراد المقاومة الفلسطينية.
ولكن العمل في هذا الجهاز لا يقتصر على إسرائيليين وإنما يتم استخدام يهود من أنحاء العالم يحملون جوازات سفر أجنبية بعضها مزورة.
ويذهب "الموساد" إلى أبعد من ذلك، فهو يجند أيضا عربا يستعدون لتقديم خدماتهم له، فيقول الجهاز باللغة العربية على موقعه الإلكتروني:" نرحب بقيام أي شخص مهما كانت معتقداته الدينية أو جنسيته أو عمله بالاتصال بنا في جهاز الموساد، وذلك في سبيل العمل معنا ".
في السنوات الأخيرة استخدمت إسرائيل تنظيم "داعش" الإرهابي لهدفين الأول وهو إظهار الإسلام وكأنه دين متطرف، والثاني تبرير عدم صنع السلام مع الفلسطينيين بحجة أن إسرائيل في خطر.
ففي 16 يوليو/تموز، قال نتنياهو في فرنسا إن "الإسلام المتشدد يلتمس هلاك حضارتنا المشتركة – إن المتشددين من الشيعة بقيادة إيران والمتشددين من السنة بقيادة داعش يسعون على حد سواء إلى هلاكنا، وهم يبتغون تدمير القارة الأوروبية، إن هذا الأمر بديهي بالنسبة لكل من يسمع خطابهم والذي يروّجون له، والذي يعلّمونه أتباعهم وأطفالهم".
غير أن تنظيم "داعش" لا يظهر في التقارير التي تنشرها مراكز البحث السياسي والإستخباري الإسرائيلية ضمن الحركات والتنظيمات المسلحة التي ترى فيها تل أبيب خطرا عليها.
وفي زلة لسان يوم 23 أبريل/نيسان الماضي، قال وزير الدفاع الإسرائيلي السابق موشيه يعالون إن "داعش أطلق النار مرة واحدة بالخطأ اتجاه الجولان ثم اعتذر عن ذلك".
لم يكشف يعالون عن كيفية اعتذار "داعش" سواء مباشرة أو عبر وسيط، ولكن إسرائيل صمتت رسميا على هذه التصريحات غير المسبوقة ورفضت التعقيب عليها.
وبعد أقل من شهر على هذه التصريحات قالت وسائل إعلام إسرائيلية وأمريكية إن الرئيس دونالد ترامب عرّض عميلا إسرائيليا في "داعش" للخطر عندما أفشى معلومات إلى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف.
واستنادا إلى وسائل إعلام أمريكية فإن المعلومات التي حولتها إسرائيل إلى الإدارة الأمريكية تتعلق بتهديدات "داعش" بتنفيذ عمليات إرهابية جديدة على متن طائرة من خلال استعمال حواسيب ملغومة.
ولفتت إلى أن إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة الأمريكية عدم تحويل هذه المعلومات إلى طرف ثالث لتفادي تعريض مصدر المعلومات الإسرائيلي المزروع في تنظيم "داعش" بسوريا للخطر.
كانت هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها الحديث صراحة عن قيام تل أبيب بزرع عملاء لها في تنظيم "داعش" الذي بدوره لم ينفذ أية هجمات ضد أهداف إسرائيلية أو يهودية في العالم.
ويزخر تاريخ "الموساد" بزرع عملاء في تنظيمات مسلحة بهدف جمع معلومات أو تنفيذ عمليات قذرة تعود بالنفع الإعلامي والأمني على إسرائيل.
وكما في جهاز المخابرات الإسرائيلي الداخلي "الشاباك" فإن "الموساد" أيضا يستعين ويدرب إسرائيليين تبدوا عليهم ملامح عربية ويتكلمون العربية بطلاقة لتنفيذ أجندات هذه الأجهزة.
ومن بين هؤلاء بنيامين أفرايم ، ضابط "الموساد" الذي تم إلقاء القبض عليه مؤخرا في ليبيا وهو يقود التنظيم الأكثر دموية تحت لقب "أبو حفص".
لم تعترف إسرائيل رسميا بـ"أبو حفص" وتجنبت وسائل إعلامها الإشارة إلى اعتقاله.
باستثناء موقع "0404" الإخباري الإسرائيلي، الذي نشر خبر اعتقاله وتساءل" هل الأمر صحيح أم هو مجرد خيال عربي خصب؟".
ويرى مراقبون للشأن الإسرائيلي أن عدم نفي إسرائيل علاقتها بـ"أبو حفص" إنما يشير إلى 4 أمور أساسية:
أولا: إقرار إسرائيل بأن "أبو حفص " عميل لها، سيتطلب منها دفع الثمن لاسترجاعه أو الإفراج عنه.
ثانيا: الإقرار بأن "الموساد" قد قام فعلا بزرع عملاء له في "داعش".
ثالثا: تشكيك بالرواية الإعلامية الإسرائيلية بأن "داعش" يشكل خطرا على سلام المنطقة.
رابعا: الحفاظ على من تبقى لها من عملاء داخل التنظيم.