قطر اليوم في مهب الريح، تواجه الأمواج العالية، أصابها الشك، فضاعت دون بوصلة ودون انصياع لنداءات راديو الأشقاء، إنها في مواجهة المجهول وعلى أبواب عاصفة ضارية وأسماك القرش الإيرانية تسبح قريبة منها، أمَّا الماء التركي فقد نفد، وقد كان عزمي هو شنيوب الذي ورّ
قطر اليوم في مهب الريح، تواجه الأمواج العالية، أصابها الشك، فضاعت دون بوصلة ودون انصياع لنداءات راديو الأشقاء، إنها في مواجهة المجهول وعلى أبواب عاصفة ضارية وأسماك القرش الإيرانية تسبح قريبة منها، أمَّا الماء التركي فقد نفد، وقد كان عزمي هو شنيوب الذي ورَّط جمل قطر، فأغراه بالإبحار بعيدًا عن الدار، ولكن ما علاقة أوباما بذلك؟!
عندما أتذكر أوباما ذلك السياسي البليد، المتردد على الأقل شرق أوسطيًا، أتذكر كيف ورَّط قطر، وألبسها ثوبًا فضفاضًا لا يليق بحجمها، وساند ذئبها الفارسي المضطجع إلى جوارها، وأخطأ في تقدير موازين القوى ولم يفهم الجغرافيا ولا التاريخ ولا التركيبة الترابطية الخليجية المحيطة على أقل تخمين، استلم تقارير استخباراتية لم يقرأها بعناية أو حتى لم يكترث بها، فاعتمد في قراراته وخطته المستقبلية على فهم محدود أو معدوم أو يفتقد للدقة الحقيقية، حتى إنَّ دونالد ترامب اتهمه بكل وضوح عندما كان مرشحًا في حملته الانتخابية ـوحتى بعد استلامه المنصب- بأنَّه السبب الأكبر مع وزيرة خارجيته هيلاري كلينتون آنذاك بظهور "داعش" وتمددها في بلاد العالم، والأخير لم يخطئ بل كان على صواب، وهذا ما أثبتته أزمة قطر التي تضع نفسها اليوم ندًّا في مواجهة الدول الأربع حتى بعد مقاطعتهم لها، فاهتز اقتصادها الجبار في أقل من اسبوعين وخارت على شفير الهاوية.
نخشى على قطر أن خط الرجعة غير مضمون حتى من الغرب الذي قد تعتبره ضامنًا، ودخلت للعب مع الكبار على شرق أوسط سيأخذها لنقول لاحقًا: "كانت على الخريطة"
وبالعودة إلى أوباما، فإن الرئيس الحالي دونالد ترامب يعلم وكل مؤسسات الدولة الأمريكية -بشكل أو بآخر- أن أوباما لم يواجه أردوغان في دعمه اللا مباشر لـ"داعش"، ولولا ذلك لما اتهمه بتأسيسها على الطريقة الترامبية، فلا يمكن لعاقل أن يتصور أنَّ أفراد "داعش" كسوبر مان يطيرون بسرعة الصاروخ بين الدول، وأنَّ الممر الرئيسي لبعضهم من أوروبا وإلى أوروبا هي تركيا، وأن الاستخبارات الأمريكية نشف حبرها وهي تصرُّ على أوباما بأن بعض الـ"دواعش" يمرون من تركيا بكل ثقة وأمان، فضلًا عن تهريب النفط وشراء الأسلحة من السوق السوداء، ولكن الرئيس الأمريكي السابق والذي أمضى ثماني سنوات في البيت الأبيض تنصل من الأمر وأراد أن يصب الزيت على النار حتى تخمت بطون "داعش" من النفط والعتاد والسلاح والأفراد، والتي كانت قطر بعلاقاتها المشبوهة بأردوغان وربعه من الإخوانجية -تمخضت أخيرًا عن وضع قاعدة عسكرية ومنتجات غذائية والوقوف سندًا دبلوماسيًا وسياسيًا وعسكريًا لها- يفتح لنا باب الشكوك على مصراعيه بأن قطر تغذي "داعش" وأخواتها من تجار القتل والدين بالمال على مرأى ومسمع الأتراك الذين يوفرون الممرات والدعم اللوجستي لهم في حدود سوريا والعراق على حد سواء.
وقف أوباما إلى جانب إيران وأفرج عن الاتفاق النووي الإيراني وأطلق سراح أموالها المجمدة التي اشترت بها الأسلحة الروسية بمبالغ تقدر بالملايين من الدولارات بحسب ما نشرته صحف أمريكية، في الوقت الذي ساندت فيه قطر إيران وسعت لتوقيع الدول على الاتفاق النووي الإيراني الذي يسمح لإيران بامتلاك البرنامج حيث صوّتت قطر ضد قرار مجلس الأمن منفردة عام 2006 وخرجت عن تحالف شقيقاتها من الدول الخليجية الذين وقفوا ضد امتلاك إيران للبرنامج النووي إلا أن قطر ساهمت وساعدت بشدة لعلاقاتها الوثيقة بالذئب المضطجع (إيران).
ومن الممكن ولا نؤكد بأنه كان، وإنما واقعية المناسبة تضعنا أمام سيناريو يقول إنَّ قطر قد استلمت من أوباما رسائل بشكل غير مقصود أو حتى بقصد (لا نعلم) جعلتها تظن وفق تنبؤات المُنجّم المتصهين عزمي بشارة (شيبوب قطر) بأنها سيدة الأرض وأن حكامها سلاطين التاريخ، وعززها تفسير منام من منامات القرضاوي، فظنّ الحاكم الحالم أن الشرق الأوسط الجديد هو قطر وإسرائيل وبقية الدول ديكور على الخريطة، وأغلب الظن من خلال مخرجات هذه الأزمة وما تنضح به المخيلة القطرية من ضرب السحر الأسود على الدول الأربعة واختراع جيش من الحسابات الوهمية والرشاوي التي وصلت لأعلى المستويات، إلى الابتزاز العاطفي الدولي، وجنون قطر مع البقر والهياط الداخلي، والخ، فإننا نصدق هذا السيناريو على الأقل رغم افتقاره للإبداع بالحد الأدنى له.
نخشى على قطر أن خط الرجعة غير مضمون حتى من الغرب الذي قد تعتبره ضامنًا، ومن يضمن الغرب يضمن الماء في الغربال، ودائمًا هناك سؤال يحضرني، لماذا لم تعمل قطر على نفسها وتصبح أسطورة الشرق حضاريًا بشكل غير مسبوق، ولماذا غامرت ودخلت للعب مع الكبار على شرق أوسط سيأخذها لنقول لاحقًا: "كانت على الخريطة".
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة