مساومة لا أخلاقية.. الاحتلال يرفض تسليم جثامين الشهداء الفلسطينيين
حكومة الاحتلال الإسرائيلي قررت العودة إلى محكمة الاحتلال العليا لعقد جلسة للقرار بشأن استمرار احتجاز جثامين الشهداء الفلسطينيين لديها
في ثلاجات الموت، ومقابر الأرقام، تحتجز قوات الاحتلال مئات من جثامين الشهداء الفلسطينيين، وتستخدمهم للمساومة، في ظل تبادل أدوار بين الحكومة والقضاء الإسرائيلي؛ يبقى الغصة والألم في نفوس ذوي الضحايا؛ ما يبدو أقرب إلى سلوك عصابة منه إلى سلوك دولة تحتكم للقواعد الدولية، وفق الخبراء.
حكومة الاحتلال الإسرائيلي قررت، أمس الإثنين، العودة من جديد إلى محكمة الاحتلال العليا، لعقد جلسة للقرار بشأن استمرار احتجاز جثامين الشهداء الفلسطينيين لديها، رفضاً للقرار الذي صدر عنها الخميس الماضي، بعدم قانونية هذا الاحتجاز وإمهال حكومة الاحتلال ستة أشهر لتشريع قانون يخولها من ذلك أو الإفراج عن هذه الجثامين.
مناورة المحكمة العليا
أسامة السعدي، العضو العربي بالكنيست الإسرائيلي، أكد أن هذا القرار ليس الأول للمحكمة العليا الإسرائيلية التي اتخذت قراراً قبل 3 أشهر يلزم الشرطة الإسرائيلية بتسليم جثامين 3 شهداء من مدينة أم الفحم في الداخل المحتل، إلا أن الشرطة لم تنفذ القرار، وعادت المحكمة قبل يومين وقررت نفس القرار، لأنه لا يوجد قانون في إسرائيل يسمح للسلطات العسكرية باحتجاز جثامين الشهداء بغرض المساومة عليهم.
وتطالب حكومة الاحتلال من المحكمة الاجتماع بكامل قضاتها السبعة، في جلسة جديدة والبت في هذه القضية، وفي حال رفضت المحكمة ذلك، تنوي الحكومة العمل على مشروع لتعديل ما يسمى بقانون "مكافحة الإرهاب"، بحيث يتضمن بنداً بسمح باحتجاز الجثامين لأغراض التفاوض مع المقاومة في حال إبرام أية صفقة مستقبلية، وفق الإذاعة الإسرائيلية.
وأوضح "السعي" لـ"بوابة العين" الإخبارية أن المحكمة العليا في قرارها الأخير لم تذهب خطوة للأمام ولم تقرر إعادة الجثامين فوراً لذويهم، وإنما أعطت الحكومة الإسرائيلية فرصة 6 أشهر لتبرر الاحتجاز من خلال تشريع جديد، لم تأمر الحكومة بإعادة الجثامين فوراً بل أعطتها فرصة لإصدار تشريع للاحتجاز.
وأشار إلى أن الحكومة تريد قراراً من المحكمة لأنها لا تريد أن تدخل في مواجهة دولية لتعارض الاحتجاز مع القانون الدولي، لذلك تحاول إلقاء المسؤولية على المحكمة الموسعة.
وصمة عار
ويرى النائب العربي في الكنيست الإسرائيلي أن هذا الإجراء المستمد من قوانين الانتداب البريطاني وصمة عار على إسرائيل أن تبقي جثامين في مقابر أرقام، وقال: "سنبقى نناضل من أجل إعادة الجثامين لذويهم فوراً ليدفنوا بكرامة وفق تشريعات الدين الإسلامي".
واحتجزت سلطات الاحتلال جثامين 5 شهداء من سرايا القدس بغزة انتشلتهم من نفق قرب غزة، نهاية أكتوبر الماضي، وأعلنت أنها لن تسلمهم إلا حال سلمت حماس الجنود المحتجزين لديها بغزة، فيما هناك أكثر من 260 جثماناً منذ عام 1980 وحتى الآن، فيما يدور الحديث عن 1000 جثة محتجزة منذ عام 1948.
جيش بلا أخلاق
أمين البايض، عضو الهيئة الإدارية لمركز القدس للمساءلة القانونية ومنسق الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء، وصف قرار الحكومة الإسرائيلية بأنه التفاف على قرار المحكمة العليا كي لا يظهر إسرائيل بأنها دولة مجرمة.
وقال البايض لـ"بوابة العين" الإخبارية إن "هذا القرار يطعن في أخلاقية الجيش الإسرائيلي التي تدعيها إسرائيل دوماً، نقض الحكومة للقرار القضائي بحد ذاته يعد مخالفاً للقانون الإسرائيلي".
وأشار إلى أن هناك 260 ملف جثمان محتجز لدى الاحتلال يعملون عليهم، لكن هذا القرار الأخير يتعلق بـ12 جثماناً؛ 7 شهداء منهم من الضفة محتجزون منذ سنوات، و5 شهداء من الجهاد الإسلامي كانوا في نفق غزة أكتوبر الماضي.
وتعهد باستمرار جهود استرجاع جثامين الشهداء وعدم الخضوع للابتزاز الإسرائيلي، قائلاً: "سنواصل معركتنا القانونية في ساحات القضاء الإسرائيلي ولن نتوقف، وسنواصل المعركة من كل جوانبها السياسية والإعلامية والبرلمانية لانتزاع كل الجثامين المحتجزة لدى الاحتلال منذ عام 1980 والمقدرة بنحو 260 جثماناً".
سياسة قديمة
بدورها، حذرت منسقة الحملة الوطنية لاستعادة جثامين الشهداء، سلوى حماد، بأنه حال شرعت إسرائيل أية قوانين للاحتجاز، فإن التحرك القانوني لاسترداد جثامين الشهداء سيكون أصعب خاصة في ظل هذه الحكومات الصهيونية المتطرفة.
وأشارت لـ"بوابة العين" الإخبارية إلى أن إسرائيل عادت لسياسة احتجاز الجثامين بشكل لافت مع اندلاع هبة القدس في أكتوبر 2015، حيث دأبت على احتجاز جثامين منفذي عمليات الطعن، وكانت تحتجزهم شهوراً قبل أن تسلمهم بعد جهود قانونية وضغوط شعبية.
ووفق الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء، فإن الاحتلال لا يعترف سوى بوجود 124 شهيداً محتجزاً لديه، رغم وجود سجلات موثقة لـ260 شهيداً، والحديث عن 1000 جثة منذ عام 1948.
وأوضحت حماد أن عملية احتجاز الجثامين بدأت منذ عام 1948، حيث كان الاحتلال يحتجز الغالبية العظمى، وفيما بعد كل الشهداء المقاومين الذين تسللوا من الخارج ونفذوا عمليات في الأراضي المحتلة، ومن بينهم شهداء عرب، حيث يجري احتجازهم في مقابر للأرقام تقع في المناطق الحدودية مع لبنان وسوريا والأردن، وعددها 6 مقابر.