"نصرة القدس" في يومه الأول.. ناقوس الخطر يدق من جديد
الوعي والهوية والمسؤولية ثلاثة محاور تتصدر المؤتمر الذي يستمر على مدار يومين، بالتعاون بين الأزهر الشريف ومجلس حكماء المسلمين.
افتتح الإمام الأكبر شيخ الأزهر ورئيس مجلس حكماء المسلمين الدكتور أحمد الطيب، الأربعاء، فعاليات مؤتمر الأزهر العالمي لنصرة القدس، الذي يهدف لحشد موقف دولي موحد ضد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب باعتبار القدس عاصمة لإسرائيل.
"الوعي والهوية والمسؤولية" هي المحاور الثلاثة التي تصدرت المؤتمر الذي يستمر على مدار يومين بالتعاون بين الأزهر الشريف ومجلس حكماء المسلمين، وتحت رعاية الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وبمشاركة عربية وإسلامية ودولية رفيعة المستوى، تتجسد في 86 دولة، إضافة لشخصيات بارزة تمثل الديانات الإسلامية والمسيحية واليهودية اجتمعت على رفض القرار الأمريكي بتهويد القدس.
- تحركات عملية يطرحها مؤتمر الأزهر لدعم القدس على الأرض
- الأزهر والقدس.. من تحريم بيع الأراضي إلى رفض قرار ترامب
كما حقق هاشتاج #الأزهر_لنصرة_القدس أكثر من 214 مليون مشاهدة على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، في ظل اهتمام إعلامي عالمي وعربي وإسلامي بمؤتمر الأزهر الشريف لنصرة القدس.
2018 عام القدس
دعا شيخ الأزهر رئيس مجلس حكماء المسلمين الدكتور أحمد الطيب إلى اعتبار عام 2018 عاما للقدس الشريف، يتضمن نشاطا إعلاميا وثقافيا تتبناه الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي والجامعات ومنظمات المجتمع المدني وغيرها، لمواجهة المخططات الدولية التي تهدف لتهويدها ولتقسيم المنطقة بأكملها.
كما لفت شيخ الأزهر إلى أن المسلمين والعرب يمتلكون من مصادر القوة البشرية والمادية ما يمكنهم من إرعاب عدوهم، وتابع قائلا: "نؤكد أننا دعاة سلام ولا ندعو للحرب، لكنه سلام مشروط بالعدل، فمن العار أن نخاطب العدو بلغة لا يفهمها أو أن نبقى متخاذلين".
وأعرب الطيب عن أمله في أن يُسفر المؤتمر عن نتائج عملية تستثمر فيها الطاقات مهما صغرت، وإعادة الوعي بالقضية الفلسطينية عامة وبالقدس خاصة، مشيرا إلى أن المقررات الدراسية في كل مراحل التعليم عاجزة عن تكوين أي قدر بالوعي الصحيح عن هذه القضية.
وعن قرار ترامب بشأن اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل، قال شيخ الأزهر إنه يجب أن يقابل بتفكير عربي وإسلامي "جديد وجاد"، يتمحور حول تأكيد عروبة القدس وحرمة المقدسات الإسلامية والمسيحية وتبعيتها لأصحابها.
كما دعا الطيب إلى ترسيخ "البعد الديني" المسيحي والإسلامي في تناول قضية القدس، خاصة أنه في المقابل فإن العدو يركز على هذا البعد في تنشئة أجياله.
وقال شيخ الأزهر إنه "منذ 1948 والأزهر يعقد المؤتمرات تلو المؤتمرات عن قضية فلسطين حتى بلغت 11 مؤتمراً حتى 1988، بحضور دولي كبير، ثم جاء المؤتمر الحالي رقم 12".
وأشار إلى أنه "رغم ثرائه الهائل بالحضور فقد يتوقع البعض أنه لن يضيف جديداً عما سبقه، لكنه يدق من جديد ناقوس الخطر.
الإدارة الأمريكية لم تصلح وسيطا في عملية السلام
وجّه الرئيس الفلسطيني محمود عباس التحية باسم مدينة القدس إلى دعاة المحبة والسلام، موجها الشكر لمصر والأزهر الشريف على استضافة المؤتمر العالمي لنصرة المدينة المحتلة.
وأضاف عباس أن فلسطين حصلت على 705 قرارات في الجمعية العامة، 86 قرارا من مجلس الأمن منذ عام 1947، وبسبب عجز المجتمع الدولي لم يُطبّق قرار واحد من هذه القرارات.
وتابع: "جاء القرار الأمريكي الأخير أو الخطيئة الأخيرة بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ليمثل آخر فصول مسلسل الظلم للشعب الفلسطيني"، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة قررت أن تتحدى الشعوب الإسلامية والعربية وشعوب العالم كافة بهذا القرار الجائر.
وأكد عدم ثقة الفلسطينيين بالإدارة الأمريكية التي لم تعد تصلح لدور الوسيط في عملية السلام، لافتاً إلى أنهم سيذهبون إلى كل الخيارات، مستدركاً "لكن لن نذهب إلى الإرهاب والعنف، ولن نتوقف عن الكفاح في حماية أرضنا وشعبنا وقدسنا، ونتمسك بالسلام".
وشدد على أن القدس ليست مجرد مدينة أو مجرد تاريخ، ولكنها عقيدة تسكن القلوب، وحضارة تعاقبت عليها أجيال منذ أكثر من 5 آلاف عام، ودعا الجميع إلى تكثيف الجهود تجاه القدس للحفاظ على وضعها التاريخي، مؤكدا أن التواصل مع المقدسيين وزيارتهم ليس تطبيعا مع الكيان الصهيوني، مضيفا في هذا الصدد: "زيارة المسجون ليست تطبيعا مع السجان، وكل إحجام عن زيارة القدس يصب في مصلحة الاحتلال الذي يريد أن ينفرد بأهل القدس لطردهم وتهجيرهم من ديارهم".
واختتم عباس كلمته قائلا: "السيادة بالقدس لن تكون إلا لدولة فلسطين، والقدس ستبقى مدينة مفتوحة لكل الأديان دون تفريق، ونأمل أن يتمخض هذا المؤتمر عن نصرة حقيقية للمدينة، فالقدس قدسكم والأقصى أقصاكم والقيامة قيامتكم".
جميع الطوائف المسيحية تدعم القضية الفلسطينية
أكد البابا تواضروس، بطريرك الإسكندرية للأقباط الأرثوذكس في مصر، موقف الكنيسة برفض تهويد القدس أو طمس تاريخها الذي يهم المسلمين والمسيحيين، ورفض الخطوة الأمريكية باعتبارها عاصمة لإسرائيل.
وأضاف أنه بعد الخراب في سنة 70 م بدأ المسيحيون يعمّرون القدس من جديد وباتت لكنائسها ذكرى مقدسة في جميع القلوب، ولكل مسيحيي العالم أماكن مقدسة فيها، والمسلمون أيضا منذ فجر الإسلام يخصون القدس بمكانة خاصة، ففيها قبة الصخرة والمسجد الأقصى وغيرهما من الأماكن المقدسة.
وأعرب البابا تواضروس عن أسفه أن تكون المدينة المقدسة مسرحا للصراع عبر الأزمة، ما أدى لتعرضها للحصار 20 مرة، ودمرت بشكل شامل مرتين، وأعيد تشييدها 18 مرة، وانتقلت من وضع لوضع عدة مرات عبر التاريخ.
وشدد على تمسك الكنسية بخيار السلام؛ كونه وثيق الصلة بالسيد المسيح، لكنه أشار إلى أن السلام الدائم لا يأتي إلا بحفظ الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وكل شعوب المنطقة، ولن يصبح واقعا إلا إذا توقفت لغة التهديد دون مراعاة لملايين المسيحيين والمسلمين.
كما شدد على أن "الكنيسة لم ولن تعادي أي كيان أو دين، وندين استغلال الدين لأهداف بعيدة عن مقاصده، والتفسيرات التوراتية التي تنفي الآخرين معنويا وماديا وتجير على حقوقهم".
كذلك دعا إلى معالجة قضية القدس من كل أبعادها، معتبرا أن قصرها على البعد الديني ينذر بكارثة، "وإننا نقف دوما بجانب من يناضلون من أجل حريتهم وإسقاط كل أساليب القهر والعنف".
كما دعا بابا الفاتيكان فرانسيس إلى احترام الطبيعة الخاصة لمدينة القدس والمتعلقة بالمقدسات الدينية، وألا يقتصر التباحث حولها على مسألة الأرض.
وقال الأب يؤانس لحظي، سكرتير بابا الفاتيكان، والذي ألقى الكلمة نيابة عنه: إن "البابا لن يكف عن الاستمرار في الدعاء من أجل قضية السلام، ويرفع الصلوات القلبية كي يعمل رؤساء الدول والسلطات المدنية والدينية في كل بقاع الأرض من أجل تجنب دوامات جديدة من التوتر".
كما جدد الأمين العام لمجلس الكنائس العالمي القس أولاف فيكس، موقف المجلس الرافض لقرار الرئيس ترامب، قائلا: "كل الطوائف المسيحية تشارك في دعم القضية الفلسطينية".
وأضاف: "نعتبر القدس مدينة الحب والسلام، وتخص الديانات الثلاث: الإسلام والمسيحية واليهودية، ويجب احترامها والبعد عن الصراع".
قرار باطل يدين الولايات المتحدة
انتقد أحمد أبوالغيط، الأمين العام لـجامعة الدول العربية، قرار ترامب بنقل السفارة الأمريكية للقدس، قائلاً؛ "ليس له سند قانوني، ولكنه يدين الدولة التي اتخذته"، كما انتقد الخطوة الأمريكية تعليق نحو نصف المساعدات المقدمة لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).
وقال أبوالغيط خلال المؤتمر: إن "التركيز على البعد التاريخي للقدس فقط يحجب أبعادا أخرى مهمة، كالبعد الديني؛ لأنها ليست مجرد بقعة على الأرض ولكن لها بعدا روحيا عند المسلمين والمسيحيين".
وأكد موقف الجامعة العربية بأن القدس الشرقية أرض محتلة وعاصمة لدولة فلسطين المستقلة على حدود 4 يونيو/حزيران 1967.، مذكّرا بأن وزراء الخارجية العرب سيجتمعون في بداية الشهر المقبل؛ لبحث وسائل حماية المدينة.
وحث الشعوب على التفاعل مع قضية القدس، وعدم ترك الأمر فقط للحكومات التي تحتاج إلى دعم شعبي واسع.
كما أكد الدكتور مشعل بن فهم السلمي، رئيس البرلمان العربي، استمرار جهود البرلمان في دعم كفاح الشعب الفلسطيني على كافة المستويات، مشيراً إلى أن ارتباط العرب والمسلمين بمدينة القدس عميق الجذور.
وأضاف السلمي أن القرار الأمريكي بمثابة استفزاز لمشاعر المسلمين، وانتهاك صارخ للقانون الدولي الذي يعتبر القدس مدينة محتلة، كما أنه يمثل تهديدا للسلم الإقليمي والدولي.
وأشار إلى أن البرلمان العربي اتخذ من "القدس عاصمة أبدية لفلسطين" شعارا لدورة انعقاده، لافتاً في هذا الصدد، إلى استمرار جهودهم لدعم القدس التي هي ليست محلا للتنازل.
وأكد آدم شهيدوف، مندوب الرئيس الشيشاني رمضان أحمد قادروف، أن الولايات المتحدة الأمريكية تحولت من دور المحايد إلى الانحياز لإسرائيل.
وأضاف شهيدوف أن "المسلمين في جميع أنحاء العالم لن يتخلوا عن القدس، وأن الوحدة الفلسطينية عنصر مهم للحفاظ على القدس والقضية الفلسطينية"، مشيرا إلى أن حل القضية الفلسطينية لا يوجد في أمريكا أو أوروبا، وإنما الحل موجود في الشرق الأوسط.
القدس بوابة الأرض للسماء
قال مفتي القدس محمد أحمد حسين: إن قرار ترامب الخاص بالقدس جائر، وانه يحاول محو هوية العرب والمسلمين، وثمّن مفتي القدس دور مصر والأزهر في الدفاع عن المدينة؛ آملا في أن يخرج المؤتمر المنعقد بقرارات تقف أمام قرار الإدارة الأمريكية.
كما أكد خطيب المسجد الأقصى عكرمة صبري أن مدينة القدس ربطها الله بمكة المكرمة والمدينة المنورة، والتخلي عنها كالتفريط في المدينتين المقدستين.
وتابع عكرمة صبري أن القدس بوابة الأرض للسماء، وهي المدينة الوحيدة التي تولّى الخليفة عمر بن الخطاب مفاتيحها بنفسه، وأن الاحتلال يرى القدس موحدة، والقدس فعلا موحدة، ونطالب بها لأنها وقف إسلامي.
نصرة القدس فرض واجب
وجّه الدكتور صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ، وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد في المملكة العربية السعودية، الشكر لمصر والأزهر على العمل المتواصل الدؤوب لنصرة القدس وأهلها، معتبرا أن نصرة المدينة المحتلة "فرض واجب".
كما وصف الخطوة الأمريكية بـ"الباطلة والجائرة"، وأكد وقوف المملكة العربية السعودية إلى جانب الشعب الفلسطيني حتى يحصل على حقه والاعتراف بالقدس عاصمة له.
وأضاف أن "نصرة القدس فرض واجب، وأن راعي السياسة ينتصر للقدس بأخذ الحق بقوة الفعل والمسؤولية"، مشيراً إلى "أنه يجب أن نرسخ في وجدان الأمة من هو العدو".
وقال رئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق علي الغانم، إن قضية القدس "تكبر في قلوب الناس بالرغم من محاولات طمسها".
وأكد الغانم أن القضية الفلسطينية "مغروسة في كل وجدان"، وأن قضية القدس "لا تقبل بالحلول الوسط".
وأضاف أن "كل عمل وكلمة وإشارة وضغط سيرفع من معنويات الصامدين في القدس، ولا أريد أن يغيب عن أذهاننا ضرورة التفريق بين اليهودية كديانة والصهيونية كحركة سياسية".
aXA6IDMuMTM5Ljk4LjEwIA== جزيرة ام اند امز