لقد نجح الظواهري، زعيم تنظيم القاعدة والخبير الاستراتيجي الكبير، طيلة سنوات صعود داعش في تعزيز أعمدته في أفريقيا
مع انحسار الخلافة الوهمية في سوريا والعراق، يتضح شيئاً فشيئاً تقلّص مساحتها وانخفاض عدد مقاتليها. علينا أن نتوخى الحذر أثناء الحديث عن هذه الأرقام. مع أنه من البديهي أن أعداد المقاتلين في تناقص بسبب الخسائر التي مُني بها، لكننا في الوقت ذاته، أمام تغيُّر في مسرح العمليات الذي يتجه إلى عدة أماكن من بينها أفريقيا.
يُتوقع أن تنتهي كل الضغوطات الممارسة بشمال أفريقيا بموجة تدفقٍ نحو كامل تراب بوركينافاسو، جنوب النيجر وكذلك شمال نيجيريا، الذي سيشهد ارتفاعاً في مؤشرات العنف في الأسابيع القادمة، بل وربما احتكاكات بين التنظيمين الإرهابيين.
لقد نجح الظواهري، زعيم تنظيم القاعدة والخبير الاستراتيجي الكبير، طيلة سنوات صعود داعش في تعزيز أعمدته في أفريقيا (القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وحركة الشباب الصومالية).
ومع بداية انكماش داعش، تمكّن المحللون من الكشف عن تدفقٍ للمقاتلين القادمين من سوريا، وهي الهجرة التي يُثبتها تزايد أعداد الهجمات والتي تشبه في تكتيكاتها إلى حدٍ كبير العمليات المُنفذة في الشرق الأوسط وكذلك طريقة استعمال المتفجرات.
لا يجب اعتبار تراجُع داعش انتصارا، لأنه تحوّلَ إلى هجرات لمقاتلي التنظيم نحو القاعدة بمساعدة الدعاية الإعلامية التي يبثها الأخير، خلال الشهرين الماضيين، بغرض الاستقطاب والموجهة إلى المقاتلين العائدين والخلايا النائمة من المغرب إلى الشرق الأوسط من أجل الانتقال إلى الساحة الأفريقية.
وقد لاحظنا في الصومال اندلاع المواجهات الأولية بين التنظيمين والتهديدات المتبادلة بينهما على وسائل التواصل الاجتماعي. ويتواجد داعش بشكل قوي في نيجيريا وغرب النيجر محافظاً بذلك على التوازن مع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي. وفي الوقت الذي يمتنع التنظيمان عن التمدد في أي اتجاه، هناك شيء ما على وشك الحدوث بسبب الضغط الذي يمارسه خليفة حفتر، في ليبيا متجهاً نحو الجنوب، وهو ما اضطر المتمردين التشاديين، النيجريين، الإرهابيين وقطاع الطرق إلى الفرار والبحث عن ملجأ في الساحل.
ولن تسمح الجزائر، وهي على أعتاب انتخابات رئاسية شهر أبريل المقبل، لهؤلاء الفارين بزعزعة استقرارها. والحال ذاته ينطبق على تونس التي تنتظرها استحقاقات رئاسية هي الأخرى نهاية السنة الجارية، فهي لن تقبل بعبور هؤلاء المجرمين إلى أراضيها.
وتنسق تشاد مع ليبيا في ملف المتمردين الذين ألقت انجامينا القبض على أكثر من 250 منهم، وهي تواصل التحرك والسيطرة بقبضة من حديد خاصةً في شمال البلاد.
وانطلاقاً من هذه المعطيات وبحثاً عن الخاصرة الرخوة والتي تجسدها في هذه الحالة كل من النيجر وبوركينافاسو، يُتوقع أن تنتهي كل الضغوطات الممارسة بشمال أفريقيا بموجة تدفقٍ نحو كامل تراب بوركينافاسو ، جنوب النيجر وكذلك شمال نيجيريا الذي سيشهد ارتفاعاً في مؤشرات العنف في الأسابيع القادمة، بل ربما احتكاكات بين التنظيمين الإرهابيين.
يجب إيلاء اهتمام خاص بمحاولات تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي لاستعادة مواقعه التي آخرها في شمال أفريقيا وخاصة في ليبيا وتونس والجزائر، وهو الشيء الذي لن تسمح هذه الدول بحدوثه لكن قد تنتج عنه اشتباكات لا يمكن تفاديها.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة