خطوة قضائية جديدة بالأردن.. هل يطول الحظر «حزب الإخوان»؟

استدعاء لنائب عن حزب جبهة العمل الإسلامي الذراع السياسية للإخوان للتحقيق في تلقيه مبالغ مالية غير مشروعة كشف حرص الأردن على ضبط الأصول المالية المرتبطة بالجماعة المحظورة، وتعزيز سيادة القانون.
واعتبر خبراء تحدثوا لـ«العين الإخبارية» أن القرار يعكس توجه السلطات القضائية الأردنية نحو تشديد الرقابة على التعاملات المالية التي قد تنطوي على شبهات، ويفتح الباب على مصراعيه أمام احتمالات واسعة وقرارات كبرى قد تشهدها الأيام المقبلة بحق حزب جبهة العمل الإسلامي في المستقبل القريب.
وبحسب مصدر مطلع، فإن هذه الأموال لم تكن نتيجة لأي نشاط اقتصادي أو تجاري مشروع، كما أن قيمتها لا تتوافق مع حجم الدخل أو طبيعة الأعمال التي يمارسها الأشخاص المستدعون، مما زاد من الشكوك المتعلقة بمصدرها وهدفها.
وبحسب ما نشرته وكالة الأنباء الأردنية الرسمية، فقد لجأ المتورطون إلى استخدام وسائل غير قانونية لجمع الأموال، من بينها إنشاء وإدارة محافظ إلكترونية تحت اسم «كليك» بهدف استقبال الحوالات المالية عبر عدة حسابات بنكية دون الحصول على التراخيص اللازمة أو أي سند قانوني يتيح لهم ممارسة هذا النشاط.
يُذكر أن هذه الأفعال مصنفة كجنحة وفق المادة 22 من قانون الجرائم الإلكترونية، حيث يُعد إنشاء منصات مالية غير مرخصة وإدارتها واستثمار الأموال من خلالها انتهاكًا صريحًا للإطار القانوني المنظم للقطاع المالي.
وفي سياق متصل، تواصل النيابة العامة إجراءاتها لإصدار مذكرة إحضار بحق النائب وسام أربيحات، الذي رفض المثول أمامها مستندًا إلى الحصانة الدستورية، على الرغم من أنها غير قائمة نظرًا لتعليق جلسات الدورة البرلمانية.
استدعاء ضمن إجراءات حظر الجماعة
وفي هذا السياق، قال المحلل السياسي والخبير الاستراتيجي الدكتور منذر الحوارات إن استدعاء النائب وسام أربيحات يثير تساؤلات حول دلالاته وتوقيته، خصوصًا بعد قرار حظر «جماعة الإخوان» وتجميد أنشطتها وأصولها وإغلاق مكاتبها وممتلكاتها، على خلفية ما وُصف بالمخطط التخريبي المنسوب لها.
وأضاف أن التساؤل الجوهري يكمن في ما إذا كان هذا الإجراء بحق النائب يأتي في إطار تلك العملية أم أنه خارج هذا السياق.
وأوضح الحوارات في حديثه لـ«العين الإخبارية» أن «النيابة العامة بدأت بالفعل باستدعاء أشخاص يشتبه في تورطهم بإخفاء أصول تابعة للجماعة، ما يشير إلى أن الأمر يدخل في إطار محاولة لتسوية أوضاع تلك الأصول بعد انتهاء مهلة السماح التي حُددت بتاريخ 14 يونيو/حزيران».
وكانت أطراف عدة أكدت أن الأصول غير موجودة، فيما أشار آخرون إلى انتقالها لصندوق دعم الجمعية، ومن هنا يرى الحوارات أن استدعاء النائب يأتي ضمن هذا السياق القانوني والإجرائي، وليس خارجه.
وبيّن أن التفاصيل المتاحة حتى الآن محدودة، رغم إعلان النيابة أنها ستلجأ إلى جلب النائب في حال تخلفه عن الحضور.
واعتبر الحوارات أن هذه الخطوة تندرج في إطار قانوني يتعلق بحظر الجماعة ووقف أي تمويلات غير مشروعة، ولا يمكن قراءتها على أنها ذات طابع سياسي مفاجئ.
وأكد أن ما يجري حتى اللحظة هو جزء من عمل لجنة حل الجماعة، وبالتالي «يصعب وصفه كخطوة تصعيدية سياسية».
الحزب خارج الاستهداف
وفي معرض حديثه عن احتمالية أن يكون الاستدعاء مقدمة لسيناريو مشابه لحظر الجماعة، قال الحوارات إن الحكومة الأردنية تعاملت مع ملف الجماعة بخطوات مدروسة، حيث منحت مهلة زمنية لاستكمال الإجراءات، ولا يبدو حتى الآن أن هناك توجهًا نحو تصعيد جديد يستهدف حزب جبهة العمل الإسلامي.
وأشار إلى أن الحزب «يتمتع بقوة تنظيمية وحضور فاعل داخل البرلمان، ما يجعل من الصعب استهدافه مباشرة في هذه المرحلة».
وأضاف الحوارات أن استدعاء النائب لا يشكّل مؤشرًا على نية لحظر الحزب، بل هو جزء من تطور طبيعي في مسار الإجراءات القانونية بحق أفراد متهمين بإخفاء أصول مرتبطة بالجماعة.
وحول ما إذا كان هذا التحقيق سيقود إلى مراجعة قانونية لوجود الحزب، قال إنه حتى الآن هناك تمييز واضح من قبل الحكومة بين الجماعة والحزب، «حيث يقتصر الحظر على الجماعة والجهات ذات الطابع المالي واللوجستي المرتبطة بها، دون أن يشمل الحزب ككيان سياسي».
ورأى الحوارات أن هذا التمييز «ربما مقصود» لاعتبارات تتعلق بالحفاظ على الاستقرار السياسي، مشددًا على أن الحزب ما زال يُنظر إليه باعتباره جناحًا سياسيًا واسع التأثير في البرلمان، ولم تُثبت حتى الآن أي علاقة تنظيمية مباشرة له بما نُسب إلى الجماعة.
وأضاف: «إذا قررت الدولة في مرحلة ما اتخاذ إجراءات ضد الحزب، فلن يكون ذلك إلا استنادًا إلى دلائل قانونية قاطعة تثبت ارتباطه بما جرى، لكن حتى الآن هناك تردد واضح في الخلط بين الحزب والجماعة».
وشدد الحوارات على أن استدعاء النائب وسام أربيحات يظل في إطاره القانوني، ولا يعكس استهدافًا سياسيًا مباشرًا للحزب.
وأكد أن أي مراجعة قانونية لوضع الحزب تحتاج إلى أدلة كبيرة وقرارات قضائية قطعية، معتبرًا أن الحديث عن تصفية شاملة لكل ما يتعلق بـ«الإخوان المسلمين» ما زال سابقًا لأوانه.
الأردن يحسم ملف الجماعة
بدوره، اعتبر أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الألمانية الأردنية الدكتور بدر الماضي أن الجماعة لا تزال تتعامل مع الدولة الأردنية بعقلية قديمة، تقوم على افتراض أن الإجراءات المتخذة بحقها لن تصل إلى حد القطيعة التامة أو ما وصفه بـ«كسر العظم»، وأن الدولة ستعود في نهاية المطاف إلى مربع العلاقة التقليدية التي اعتادت عليها مع الجماعة.
وأكد الماضي لـ«العين الإخبارية» أن هذا النمط من التفكير يعكس «رؤية غير ناضجة وغير عقلانية»، لأن الدولة الأردنية قد حسمت أمرها في هذا الملف بشكل نهائي ولم تعد ترى مجالًا للعودة إلى الوراء.
وفيما يخص استدعاء أحد أعضاء مجلس الأمة بتهمة تلقي أموال غير مشروعة، أوضح أن ذلك يمثل رسالة واضحة للجماعة مفادها أن «الدولة تتابع تفاصيل هذا الملف بدقة، وأن هناك حالة يجري بناؤها بهدوء للتعامل مع حزب جبهة العمل الإسلامي في المستقبل القريب».
ولفت الماضي إلى أن هذه التطورات قد تشكل مقدمة لإجراءات قانونية قد تمس مشروعية الحزب نفسه، في ظل العلاقة الملتبسة التي تربطه بالجماعة الأم.
واعتبر أن هذا الوضع يجعل بقاء الحزب في الساحة السياسية الأردنية مرتبطًا بهذه الإشكالية، الأمر الذي يفتح الباب على مصراعيه أمام احتمالات واسعة وقرارات كبرى قد تشهدها الأيام المقبلة.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuOTYg جزيرة ام اند امز