هل سقوط كابول يقوض مصداقية أمريكا في العالم؟
أثار انسحاب أمريكا من أفغانستان إثر 20 عاما من الحرب تساؤلات عما إذا كان عليهم الاختيار بين الديمقراطيات والأنظمة الاستبدادية.
وفي مقال بصحيفة "ذا ناشيونال" الإماراتية، قال توم توجندهات رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس العموم البريطاني، الذي عمل سابقا كمستشار لحلف شمال الأطلسي في أفغانستان إن "فشل الولايات المتحدة في الحفاظ على مسارها في تلك البلاد تسبب في تقوض مصداقية القوة الأمريكية وستكون له تداعيات على بعد آلاف الأميال".
وأضاف توجندهات أن "الولايات المتحدة والناتو عملا على مدى عقدين من الزمن، بتذليل الصعاب، حتى تولى الجيش والشرطة الأفغانية مهمة إرساء الأمن في أفغانستان. فقد بنينا الثقة وقدمنا الدعم الذي يحتاجون إليه لاستمرار العمليات".
وتابع: "قمنا بتدريب هذه القوات على القتال، وساعدناهم على تعلم قوة خطوط الإمداد الضئيلة والقوة الجوية والقدرة على الشراكة مع الحلفاء. ومكنتهم سلاسل الدعم الجوي والخدمات اللوجستية من القدرة على النجاح".
وأشار إلى أن "المتعاقدين الأمريكيين قاموا بصيانة طائرات الهليكوبتر التي استخدمناها، وزودنا بالأسلحة التي نتشاركها جميعًا. جعلنا ذلك أكثر قابلية للتعاون في المعركة، وجعل الأفغان يعتمدون عليها. لذلك عندما تم سحب هؤلاء المتعاقدين للوفاء بالموعد النهائي للانسحاب، توقفت طائرات الهليكوبتر عن التحليق وانتهى الدعم الجوي. بدون ذلك، بات حلفاؤنا غير قادرين على المنافسة وغير مدربين لمواجهة ما هو آت".
الأسوأ من ذلك، يقول توجندهات إن "وجودنا كان داعما قويا للقوات الأفغانية. نشر الناتو البالغ قوة قوامها 10000 جندي شكلت العمود الفقري لقوات الأمن الأفغانية، مما أعطى الثقة لما يقرب من 400000 جندي من الشرطة والجيش الأفغان".
"لكن بدلاً من الانتظار كما فعلنا في ألمانيا وكوريا الجنوبية واليابان وقبرص، انسحبنا. كان عدد الجنود الأمريكيين الذين تم سحبهم من أفغانستان البالغ عددهم 2500 جندي بالكاد يمثل عُشر أولئك الذين ينتشرون بشكل دائم في الخليج، ومنذ أن توقفت العمليات القتالية لقوات الناتو قبل عدة سنوات، لم يواجهوا خطرا محدقا كالذي نشهده الآن" بحسب المصدر نفسه.
توجندهات يضيف أنه "قتل آخر جندي بريطاني في القتال عام 2013، وقد مرت سنوات قليلة منذ أن انخرطت القوات الأمريكية في القتال. كان هؤلاء الآلاف من الجنود المتبقين يربطون بين الجيش والشرطة اللذين حافظا على وحدة الدولة".
واعتبر أن "المستقبل يبدو الآن متوقعا للغاية. لقد رأينا هذه المسرحية من قبل. يسمح الفضاء غير الخاضع للقانون بانتشار الجماعات الإرهابية مثل داعش التي هددت الشرق الأوسط، أو حركة تركستان الشرقية الإسلامية التي تسعى إلى فصل شينجيانج عن الصين، وكلاهما عاود نشاطه في أفغانستان مؤخرًا".
وتساءل: "هل يمكن أن تكون تلك هي مرحلة أمريكا التي تثبت فيها للعالم أنها لم تعد لديها الإرادة، أو ربما القدرة، على لعب الدور الذي لعبته على مدار الثمانين عامًا الماضية؟ إن ما جعل الولايات المتحدة قوية وغنية هو أنه من عام 1918 وحتى عام 1991 وما بعده، كان الجميع يعلم أنه يمكن الاعتماد على الولايات المتحدة للدفاع عن العالم الحر".
وتابع: "أيا كان هذا، فهو تغيير هائل في مصداقية الولايات المتحدة وحلف الناتو ويغير ديناميكيات تأثيرنا في جميع أنحاء العالم، وسوف يثير ذلك شكوك بعض الحلفاء، وسيؤدي ذلك إلى إضعافنا جميعًا".
توجندهات أضاف أنه "وبينما يتعين على حكومتنا تحديث خطط مكافحة الإرهاب، فإن المهمة الأولى للإدارات في الناتو هي تحديث التحالفات الاستراتيجية وإعادة التفكير في التزاماتنا لتوضيح مدى أهميتها، وبينما يستخدم الآخرون القروض والأسلحة لشراء الدعم، يمكننا فتح مجالات الاستثمار والتجارة والسفر".
واختتم مقاله قائلا: "يمكننا إعادة بناء شراكاتنا وتحالفاتنا، وسوف يتساءل حلفاء أمريكا بعد الانسحاب المفاجئ من أفغانستان عما إذا كان عليهم الاختيار بين الديمقراطيات والأنظمة الاستبدادية، وإدراك أن بعض الديمقراطيات لم يعد لديها قوة البقاء بعد الآن".
وباتت حركة طالبان على وشك الاستيلاء الكامل على السلطة في أفغانستان بعد هجوم خاطف باشرته في مايو، ولم يتبق أمامها سوى السيطرة على العاصمة كابول والتي بدأت اقتحامها في وقت سابق من اليوم.
aXA6IDE4LjIxOS40Ny4yMzkg جزيرة ام اند امز