الواضح هنا هو أن خامنئي نسي كل التصريحات التي أدلى بها المسؤولون في النظام الإيراني وهو أحدهم
هذا مثال لاعتقاد النظام الإيراني أن العالم من الغباء؛ حيث يمكن أن تنطلي عليه كل حيلة، ففي خطابه في احتفال ذكرى رحيل المرشد السابق قال خامنئي "لا نريد تصدير الثورة.. بل فكرة المقاومة تجاوزت الحدود الإيرانية.. والشعوب الأخرى قبلت بها"! هل هناك ما هو أوضح من هذه العبارة تعبر عن اعتقاد النظام الإيراني بأن بإمكانه الضحك على الذقون وأن العالم من الغباء حيث يمكن أن يصدق أي كلام؟
لا قيمة لكل ما قاله خامنئي؛ لأنه تأخر أربعين سنة، ولأن النظام الإيراني لم يتمكن من نفي تهمة تصديره الثورة لجيرانه طوال تلك السنين، ولأنه بدلاً عن ذلك وفر الدليل على قيامه بذلك
ملخص كلام خامنئي هو أن النظام الإيراني لم يعمل على تصدير الثورة، ولم يكن يريد تصديرها ولا يريد هذا، وأن الذي حدث هو أن الثورة التي حصلت في إيران في 1979 استهوت الشعوب الأخرى فقررت أن تتخذ من الانقلاب على الأنظمة الحاكمة في بلادها سبيلاً وتستفيد من تجربة إيران!
طبعاً لأن النظام الإيراني لا يستطيع أن يمنع هذه الشعوب من الاستفادة من تجربة "المقاومة" لذا عاونها على ذلك، فظن الناس أن النظام الإيراني يؤلب الشعوب على حكامها ويعمل على تصدير الثورة!
الواضح هنا هو أن خامنئي نسي كل التصريحات التي أدلى بها المسؤولون في النظام الإيراني وهو أحدهم، والتي كان ملخصها أن النظام بصدد تصدير الثورة، وأن دور إيران هو "تحرير الشعوب المظلومة ومحاربة الظلم والاستكبار العالمي".
مثال آخر على اعتقاد النظام الإيراني بأن العالم في ذلك المستوى من الغباء، قول خامنئي إن "هزائم أمريكا في العراق وسوريا ولبنان هي نتيجة فكرة المقاومة"، فهو يعتبر أمريكا مهزومة في هذه الدول، وأن الذي انتصر عليها شعوب تلك الدول التي تأثرت بالثورة في إيران فاختارت نهجها، ولم تنتظر إيران لتصدر إليها الثورة.. ولم يكن لإيران دور في ذلك، فإيران لا تتدخل في شؤون الدول الأخرى!
بعد أربعين سنة من التصريحات التي لم تتوقف عن أن من غايات وأهداف النظام الإيراني وواجبه الديني والدنيوي والأخروي هو تصدير الثورة إلى الدول المجاورة، والدفاع عن كل شعب يعتقد النظام أنه مظلوم؛ يأتي خامنئي ليقول ببساطة إنه لم تتم تصدير الثورة ولم يتم التدخل في شؤون الآخرين، ولكن الدول الأخرى ارتاحت من الذي حصل في إيران، ووجدت أنها بسلك نهج المقاومة يمكن أن تنتصر، وأنها انتصرت بالفعل!
الحقيقة التي يتهرب منها خامنئي ومسؤولو النظام الإيراني هي أن جيران إيران اتخذوا من النظام الإيراني موقفاً سالباً ليس بسبب حصول الثورة فيها وتغير النظام، فهذا شأن داخلي بحت ولم ولا تتدخل فيه، ولكن بسبب تلك التصريحات الطائشة عن قيام النظام الإيراني بالإعداد لعملية تصدير الثورة في الدول المجاورة، لولا تلك التصريحات اللامسؤولة لما اتخذت تلك الدول ذلك الموقف من النظام الإيراني، ولما ارتابت في سلوكه، بل لعلها تعاونت معه وعملوا جميعاً لما فيه خير المنطقة والإنسان.
نفي خامنئي الآن قيام النظام الإيراني بتصدير الثورة أو التفكير في هذا الاتجاه وقوله إن ما حدث كان أمراً طبيعياً، وإن شعوب الدول الأخرى وجدت أن ما حصل في إيران يمكن أن يحصل في دولها لو أنها اتخذت المقاومة سبيلاً، وإنها هي التي اختارت هذا النهج بإرادتها ودون تدخل النظام الإيراني، هذا النفي وهذا القول لم يعد مفيداً ولا يمكن أن يغير من فكرة واعتقاد حكومات جيران إيران التي لم تعد تثق في النظام الإيراني، وتؤمن بأن هذا النظام يعمل على تأليب الشعوب على استقرارها.
لا قيمة لكل ما قاله خامنئي؛ لأنه تأخر أربعين سنة، ولأن النظام الإيراني لم يتمكن من نفي تهمة تصديره الثورة لجيرانه طوال تلك السنين، ولأنه بدلاً عن ذلك وفر الدليل على قيامه بذلك.
نقلاً عن "الوطن البحرينية"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة