بايدن وكيم.. شهر عسل ترامبي أم طلاق بائن؟
خلال فترة توليه منصب الرئيس الأمريكي أحدث دونالد ترامب تقاربا تاريخيا، وكتب "رسائل حب" مع كوريا الشمالية، لكن هل سيستمر شهر العسل هذا مع جو بايدن؟
وما بين متشائم وآخر متفائل، رصدت "العين الإخبارية" انقساما في آراء المراقبين حول مستقبل العلاقة بين البلدين، في ظل انتقال البيت الأبيض لإدارة جديدة برئاسة جو بايدن في الانتخابات الأخيرة التي جرت في الثالث من الشهر الجاري.
معسكر المتشائمين الذي تنبأ بنهاية شهر العسل بين بيونج يانج وواشنطن، استذكر العلاقة بين بايدن وزعيم كوريا الشمالية الذي وصفه في وقت ما بـ"الوغد".
وكذلك بيونج يانج التي وزعت نصيبها من الإهانات لبايدن خلال الأشهر الأخيرة، واصفة إياه بأنه "أحمق ذو معدل ذكاء منخفض".
لكن مسؤولين أمريكيين سابقين من الذين تعاملوا مع كوريا الشمالية، يقرون بأن هذه الشتائم هي أمر طبيعي لمسار العلاقة الثنائية بين الدولتين، وهو ما فعله ترامب الذي كان يكيل بالتهديدات والإهانات نفسها لهذا البلد المنعزل ولزعميه.
وأمام هذه المعطيات، طرحت شبكة "سي إن إن" الأمريكية سؤالا حول مستقبل سياسة الولايات المتحدة تجاه كوريا الشمالية في ظل حكم جو بايدن، الذي فاز بالانتخابات الأمريكية الأخيرة.
وتحت هذا السؤال، استعرضت القناة العلاقة بين واشنطن وبيونج يانج التي ما زالت صامتة إزاء فوز بايدن.
"خيبة أمل"
ويرى محللون أنه من المستبعد جدا أن يكون الرئيس المنتخب جو بايدن هو المرشح المفضل لزعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون.
فترامب كان فريدا ومتميزا بين القادة الأمريكيين في استعداده للتعامل شخصيا مع كيم، الأمر الذي منح الأخير إحساسا بالشرعية على المسرح العالمي، على الرغم من تعثر هذه الجهود منذ ذلك الحين.
هنا يقول السفير جوزيف يون، الممثل الأمريكي الخاص السابق لسياسة كوريا الشمالية في عهد الرئيسين باراك أوباما ودونالد ترامب: "أعتقد أن كوريا الشمالية ستصاب بخيبة أمل لأن ترامب لم يفز".
"بالنسبة لهم كان ترامب صفقة كبيرة، فقد عقدوا ثلاثة لقاءات قمة، واجتماعات غير مسبوقة (بين رئيسي البلدين)"، يضيف يون.
علاقةٌ ترجمتها الرسائل التي لا حصر لها بين كيم وترامب، الذي وصفها في وقت ما بـ"رسائل حب".
في المقابل، كان بايدن قاسيا في انتقاده لانخراط ترامب مع كيم، الأمر الذي أضعف العقوبات الأمريكية بحسب الرئيس المنتخب.
فبايدن الذي وصف زعيم كوريا الشمالية خلال المناظرة الرئاسية الأخيرة بـ"السفاح"، انتقد بيونج يانج طوال حملته الانتخابية لهذا العام.
القادم
حتى الآن، من غير الواضح لمراقبين ووسائل إعلام أمريكية، ما الذي سيأتي بعد ذلك بالنسبة لبايدن الذي حدد أولوياته لدخول البيت الأبيض، دون أن يأتي على كوريا الشمالية؟
لكن سابقة تشير إلى أن كوريا الشمالية تميل للقيام بنوع من الاستفزاز في المراحل الأولى من الإدارة الأمريكية الجديدة، وهو ما فعلته بعد أسابيع من تنصيب ترامب وقبله أوباما.
فبعد تنصيب ترامب عام 2017 أطلقت كوريا الشمالية صاروخا، مهّد الطريق لعام متقلب ومتوتر بين بيونج يانج وواشنطن,
لكن هل ستفعلها مع بايدن؟
في هذا الجزء، ينقسم الخبراء حول ما إذا كانت كوريا الشمالية ستشعر بالحاجة إلى فعل الشيء نفسه مع بايدن.
يقول جون ديلوري، الأستاذ المشارك في جامعة يونسي في سيئول: "غالبا ما يرسل الكوريون الشماليون ما سيفعلونه".
ويضيف "إذا استمعت بعناية إلى تصريحاتهم (الكوريين) فعادة ما يشيرون إلى وجهتهم، وأود أن أقول إنه لا توجد إشارات تقريبا على أنهم يخططون لاستفزاز أو اختبار كبير".
وهو الشيء الذي لفت إليه يون بقوله "هذه أوقات مختلفة بالنسبة لكيم، وقد لا يكون اختبار الصاروخ على رأس جدول أعماله كما كان قبل أربع سنوات".
وتابع: "لقد أثبتوا الآن أن لديهم صاروخا باليستيا عابرا للقارات وقابلا للتطبيق، ويمكنه الوصول إلى أي مكان تقريبا في الولايات المتحدة القارية، ولديهم أيضا جهاز نووي كبير جدا تم اختباره في عام 2017".
بايدن و"الصبر الاستراتيجي"
في المقابل، يرى مراقبون أن بايدن يعرف بالتحديات التي من المحتمل أن تشكلها كوريا الشمالية التي أجرت تجربة نووية وصاروخية بعيدة المدى في الأشهر الأولى من رئاسة أوباما، التي شغل خلالها بايدن منصب نائب الرئيس.
ومع ذلك، ليس من المتوقع بالضرورة أن يعود بايدن إلى سياسة "الصبر الاستراتيجي" التي كانت سائدة في عهد أوباما، والتي تقضي بانتظار مجيء بيونج يانج إلى طاولة المفاوضات مع إبقاء العقوبات سارية.
فتلك السياسة، برأي متابعين، فشلت في تحقيق أهدافها الرئيسية، إذ وسّعت كوريا الشمالية بشكل كبير قدراتها النووية والصاروخية وأجرت أربعا من تجاربها النووية الست.
ولهذا، يتحدث السفير يون عن إمكانية لجوء بايدن لحل دبلوماسي، لكن ومع ذلك فإن أي استفزاز من بيونج يانج -خاصة تجربة صاروخية- يمكن أن يغير بشكل كبير حسابات إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب.
إيفانز ريفير، كبير المديرين في مجموعة أولبرايت ستونبريدج، الذي يتمتع بخبرة واسعة في التفاوض مع كوريا الشمالية خلال فترة عمله بوزارة الخارجية، يعتقد أن بايدن سيرد بقوة على أي استفزاز من كوريا الشمالية.
وقال ريفير إن الرد سيشمل على الأرجح الاستئناف الفوري للتدريبات العسكرية واسعة النطاق بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، وانتشارا عسكريا جديدا في كوريا والمنطقة المحيطة، إضافة للعقوبات.