كوداك تلتقط آخر صورة بعد مسيرة 133 عاما.. من لحظات المجد إلى حافة الإفلاس

اعتادت أجيال على تسجيل اللحظات الاستثنائية من حياتها، وكان شعار شركة كوداك العالمية هو عنوان هذا التسجيل.
لكن يبدو أن نجما ساطعا في مجال التصوير الفوتوغرافي على وشك الأفول. فقد حذرت شركة إيستمان كوداك، عملاق التصوير الفوتوغرافي الذي تأسس قبل 133 عاما، من أنها قد لا تتمكن من مواصلة نشاطها لفترة أطول، في ظل أزمتها المالية المتصاعدة.
جاء هذا خلال بيان أرباحها، حيث قالت الشركة إنها لا تملك "تمويلا مضمونا أو سيولة متاحة" لسداد التزامات ديونها البالغة نحو 500 مليون دولار والمستحقة قريبا، مؤكدة أن هذه الظروف "تثير شكوكا كبيرة حول قدرة الشركة على الاستمرار".
وتسعى كوداك لتوفير السيولة عبر وقف مدفوعات خطة معاشات التقاعد، مشيرة إلى أن الرسوم الجمركية لن تؤثر بشكل كبير على أعمالها نظرا لإنتاجها معظم منتجاتها – بما في ذلك الكاميرات والأحبار والأفلام – داخل الولايات المتحدة.
وقال الرئيس التنفيذي جيم كونتينينزا إن الشركة أحرزت تقدما في خطتها طويلة الأمد وسط بيئة الأعمال المضطربة.
ومن جهته، أعرب متحدث باسم كوداك أن الشركة واثقة من قدرتها على سداد جزء كبير من قرضها الأساسي قبل موعد استحقاقه، والعمل على إعادة هيكلة أو تمديد أو إعادة تمويل بقية التزاماتها المالية.
وتراجعت أسهم كوداك بأكثر من 25% خلال تعاملات منتصف أمس الثلاثاء.
من القمة إلى الانهيار
وروى تقرير نشرته "سي إن إن" قصة صعود وانهيار عملاق التصوير الفوتوغرافي، حيث تعود جذور كوداك إلى عام 1879 عندما حصل مؤسسها جورج إيستمان على أول براءة اختراع لجهاز طلاء الألواح، وأطلقت أول كاميرا كوداك عام 1888 بسعر 25 دولارا، تحت شعار: "أنت تضغط على الزر، ونحن نتكفل بالباقي".
وبفضل بساطتها، جعلت الكاميرا التصوير متاحا للجمهور الواسع، لتصبح كوداك خلال القرن العشرين المهيمن الأكبر على السوق، إذ سيطرت في سبعينيات القرن الماضي على 90% من سوق الأفلام و85% من سوق الكاميرات في الولايات المتحدة.
لكن المفارقة أن التقنية التي أطاحت بعرشها كانت من ابتكارها. فقد أنتجت كوداك أول كاميرا رقمية عام 1975، لكنها فشلت في استثمار ثورة التصوير الرقمي.
والشركة، التي كانت صناديقها الصفراء الصغيرة منتشرة في جميع أنحاء العالم، حاولت إعادة ابتكار نفسها كمصنّع للطابعات للاستفادة من سمعتها كأفضل شركة لطباعة الأفلام.
لكن، وعلى الرغم من إغلاق 13 مصنعًا، و130 مختبرًا للمعالجة، وفقدان 47000 وظيفة، لم يكن أمام الشركة سوى خيار واحد، وهو التقدم بطلب لحماية الإفلاس بموجب الفصل 11 من قانون الإفلاس عام ٢٠١٢. وقد أدرجت في ملف الإفلاس أن أصولها تقدر بنحو 5.1 مليار دولار، بينما تبلغ ديونها 6.8 مليار دولار.
وفي عام 2020، حصلت الشركة على دفعة مؤقتة عندما أسندت لها الحكومة الأمريكية مشروع إنتاج مكونات دوائية. أدى ذلك لارتفاع هائل في سهمها. ورغم خسائرها الأخيرة، ما زالت كوداك تصنع الأفلام والمواد الكيميائية لقطاعات منها صناعة السينما، وتواصل ترخيص علامتها لمنتجات استهلاكية متنوعة.
ماذا يعني الانهيار؟
وفي تحليل سابق نشرته صحيفة الغارديان البريطانية، فإن انهيار كوداك جاء بسبب ما وصفه محللون بـ"الدمار" الذي أنتجه الإبداع الرقمي.
ونقلت الصحيفة عن روبرت بيرلي، أستاذ التصوير الفوتوغرافي في جامعة رايرسون في تورونتو: "لقد تم القضاء على كوداك بسبب الدمار الإبداعي الذي جلبه العصر الرقمي. وكحال العديد من منافسيها، يبدو أنها غير قادرة على الانتقال إلى القرن الحادي والعشرين".
وأضاف: لقد وقعت كوداك في عين عاصفة مثالية، لم تكن تكنولوجية فقط، بل أيضا اجتماعية واقتصادية.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuNyA= جزيرة ام اند امز