على الواقفين في خطوط الدفاع الأولى أن يعرفوا مع مَن يقفون، عندما يستدعي الأمر الوقوف، رغم أن وقوفهم لا يقدم ولا يؤخر كثيراً.
نفهم ونتفهم أن يعلن "حزب الله" اللبناني أنه سيكون في خط الدفاع الأول عن إيران، فقد حسم أمينه العام حسن نصر الله أمره منذ سنوات، وقال إن حلمه هو "أن يكون لبنان، ليس جمهورية إسلامية واحدة، بل جزءاً من الجمهورية الإسلامية الكبرى، التي يحكمها صاحب الزمان ونائبه في الحق الولي الفقيه الإمام الخميني" مثلما هو مسجل بصوته وصورته.
وقال بصريح العبارة: "أنا واحد من هؤلاء الذين يعملون في مسيرة حزب الله، وفي أجهزته العاملة. لا أبقى لحظة واحدة في أجهزته لو لم يكن لدي يقين وقطع في أن هذه الأجهزة تتصل عبر مراتب إلى الولي الفقيه القائد المبرئ للذمة الملزم قراره".
لقد كان دعم الدول العربية، والخليجية منها على وجه الخصوص، للقضية الفلسطينية، ووقفتهم المشرفة مع الشعب الفلسطيني خلال العقود الماضية هما المحرك الأول لهذه القضية، والعامل الرئيسي الذي أبقى القضية الفلسطينية على رأس القضايا في المحافل الدولية والإقليمية والعربية
واعترف بأن "موازنة حزب الله ومعاشاته ومصاريفه وأكله وشربه وسلاحه وصواريخه من الجمهورية الإسلامية". وقال إنه يتلقى دعماً مالياً وعسكرياً من إيران "يغنيه عن أي فلس في العالم" على حد تعبيره.
لهذا نقول إننا نفهم ونتفهم أن يعلن "حزب الله" اللبناني أنه سيكون في خط الدفاع الأول عن إيران في حال تعرضت لأي عمل عسكري، لأنه صنيعة النظام الإيراني، ويده التي يبطش بها في لبنان وسوريا وغيرهما من الدول التي تريد إيران أن تبسط عليها نفوذها، أو تقلب شعوبها على حكامهم، وهو وكيلها الذي يحارب بالنيابة عنها في المناطق التي لا تريد أن ترسل إليها قوات حرسها الثوري ورجل مهماتها الخارجية قاسم سليماني.
نفهم ونتفهم هذا كله وأكثر، لكننا لا نفهم ولا نتفهم أن تعلن "حركة حماس" الفلسطينية أنها ستكون في الخط الأول للدفاع عن إيران في حال تعرضت لأي عمل عسكري، مثلما جاء على لسان نائب رئيس المكتب السياسي للحركة صالح العاروري، خلال اجتماع وفد الحركة مع المرشد الإيراني علي خامنئي في طهران الأسبوع الماضي، وتأكيده أن أي عمل عدائي ضد إيران هو عمل عدائي ضد فلسطين والمقاومة.
ولا نفهم لماذا حرص خامنئي على الربط بين زيارة وفد حماس وأمين حزب الله حسن نصر الله قائلاً: "عندما يقول الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله: إن شاء الله سأصلي في الأقصى، فهذا يشكل بارقة أمل عملية وقابلة للتحقق".
هل أراد خامنئي بها أن يرسل إلى وفد حماس رسالة مفادها أن تحرير القدس سيكون على يد حسن نصر الله، أم أراد أن يرسل إليهم إشارة عن دعم محتمل من قبل النظام الإيراني للحركة، بعد أن توقف دعم طهران جزئياً أثناء الأزمة السورية عام 2011 بسبب موقف الحركة من النظام السوري؟
كنا نتمنى لو أن تصريحاً مثل تصريح العاروري قد صدر من حركة حماس وقادتها وهم يرون أرض الحرمين تتعرض كل يوم للطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية، التي تطلقها المليشيات الحوثية، وكيل إيران في اليمن، مستهدفة المطارات المدنية، ومنشآت النفط السعودية، والسكان الآمنين في الشوارع والبيوت ومواقف السيارات.
لقد صلّى الملك فيصل بن عبدالعزيز، عليه رحمة الله، تحت قبة الصخرة في المسجد الأقصى، قبل احتلال العدو الصهيوني للقدس الشريف، وتمنى الصلاة في الأقصى مرة أخرى قبل أن يولد حسن نصر الله، فهل أصبحت أمنية حسن نصر الله اليوم هي بارقة الأمل العملية القابلة للتحقق، كي تكون هدية نظام الملالي في إيران للفلسطينيين وقادة حماس المهرولين نحو طهران، أم أن هناك خللاً في بوصلة حركة حماس وقادتها؟
لقد كان دعم الدول العربية، والخليجية منها على وجه الخصوص، للقضية الفلسطينية، ووقفتهم المشرفة مع الشعب الفلسطيني خلال العقود الماضية هما المحرك الأول لهذه القضية، والعامل الرئيسي الذي أبقى القضية الفلسطينية على رأس القضايا في المحافل الدولية والإقليمية والعربية.
لذلك على الواقفين في خطوط الدفاع الأولى أن يعرفوا مع من يقفون، عندما يستدعي الأمر الوقوف، رغم أن وقوفهم لا يقدم ولا يؤخر كثيراً، وعليهم أن يعالجوا اختلال بوصلتهم ليعرفوا مواقع أقدامهم المهرولة هنا وهناك.
نقلا عن "البيان"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة