الديمقراطية التوافقية في لبنان من أهم دعائم السياسة اللبنانية، والنظام الطائفي هو جزء من النظام اللبناني القائم
نظام لبنان السياسي هو نظام جمهوري ديمقراطي توافقي طائفي بحيث توزع المناصب الأساسية بنسب محددة بين أعلام الطوائف المختلفة، وقد بُذلت جهود لتغيير أو إلغاء النظام الطائفي في توزيع السلطة في مركز السياسة اللبنانية على مدى عقود.
وسعت تلك الجماعات الدينية الأكثر تفضيلا من قبل صيغة الميثاق الوطني 1943 للحفاظ عليه، في حين أن أولئك الذين يرون أنفسهم في وضع غير مواتٍ سعت إما إلى إعادة النظر فيه بعد تحديث البيانات الديموغرافية الأساسية وإما إلى إلغائه تماماً، ومع ذلك دونت العديد من أحكام الميثاق.
والديمقراطية التوافقية في لبنان من أهم دعائم السياسة اللبنانية وأركان السلطة بالأساس من الممثلين عن الطوائف الكبيرة، والنظام الطائفي هو جزء من النظام اللبناني القائم، وتمثل أزمات نظام المحاصصة الطائفية أحد أهم عناوين احتجاجات لبنان في تعرية الفشل البنيوي للنظام الطائفي باعتباره نظاماً يتم فيه اقتسام السلطة والثروات والاستئثار بها وفق معايير لا تعتمد الكفاءة والأهلية بينها، ومنذ عام 2005م يعيش لبنان حالة من الشلل السياسي المستمر نتيجة هذا الصراع على اقتسام الموارد والسلطة.
التحركات المعارضة قائمة في الشارع وتترقب بانتظار ما ستخرج به الحكومة من عمليات إصلاحية، وإلا فإنها ماضية في مطالبها بدءاً من الدعوة إلى انتخابات مبكرة برلمانية ورئاسية وإلى تغيير أساسي جذري في تركيبة السلطة.
هيبة القانون في لبنان أصبحت في الحضيض، وتفتقر صفة المرجعية القانونية في المساواة والعدالة والحل السلمي للنزاعات القائمة، ليصبح أداة قمع واستغلال واستلاب وانتقام سياسي وكيف يمكن إعادة الهيبة للقانون لحماية الحقوق ومقاومة الفاسدين، والذي يقضي هو ذاته يستوجب امتثاله أمام القانون ومقاضاته فيما وصل إليه فساد القضاء؟
ومن هنا يتطلب وضع أسس قانونية إصلاحية لتطهير أجهزة الدولة التي تشهد تراكمات بملفات الفساد موضوعة في الأدراج لدى الهيئات القضائية طويت وما بحثت ولم يُتخذ بشأنها مرافعات قانونية عادلة حتى بعضها شوه صورة القضاء وملفات أخرى مفتوحة لكنها محط اهتمام الزعماء لابتزاز أصحابها لصالح الطبقة السياسية الحاكمة.
والاضطرابات الإقليمية أغلقت الباب أمام مبادلات لبنان التجارية مع سوريا والعراق والأردن وبلدان الخليج، ما أدى إلى تباطؤ النمو الاقتصادي في البلاد وانكشاف المشكلات البنيوية في الاقتصاد اللبناني وسياساته المالية، ويتجاوز الدين العام في لبنان حاليا حاجز أكثر من85 مليار دولار، ومعظم هذا الدين مستحق للمصارف اللبنانية التي لديها نفوذ واسع النطاق على الطبقة السياسية.
ولما كانت الحكومة تعكس ميزان القوى في مجلس النواب، أصبح من المستحيل مساءلتها أو محاسبتها، في حين يخضع القضاء لسطوة الزعامات التقليدية، ولا يمكنه المساعدة في تصحيح المسار ومقاضاة الفاسدين داخل أجهزة الدولة وخارجها.
وفوق ذلك كله غابت عن الحكومة الراهنة شخصيات من المجتمع المدني المستمدة سلطتها من النقابات والجمعيات المدنية والمؤسسات الثقافية والاجتماعية.
لكونها مجتمعاً قائماً على أسس وقوانين وأعراف عقائدية وبدورها تشكل الرأي العام غير الرسمي للدولة، وأوضح الرئيس عون قائلاً: "إنه علينا أن نحدث تغييراً في قوانيننا الأساسية بهدف التوصل لنظام مدني وهذا يتطلب مراجعة قوانين الأحوال الشخصية ومن غير المقبول أن تكون هناك عدة قوانين للأحوال الشخصية يخضع لها المواطنون" ويستند النظام القضائي في لبنان على قانون نابليون، لا يستخدم المحلفين في المحاكمات ونظام المحاكم اللبنانية ثلاثة مستويات الابتدائية والاستئناف والنقض، وهناك أيضا نظام المحاكم الدينية التي تتمتع بالاختصاص في مسائل الأحوال الشخصية داخل مجتمعاتهم المحلية، والقواعد المتعلقة بأمور مثل الزواج والطلاق والميراث.
والحركة الشعبية أكثر عفوية من أن تنتخب مندوبين عنها، وعلى المسؤولين والسياسيين أن يعتبروا ويستفيدوا مما أفرزته احتجاجات المتظاهرين من طروحات جادة ومفيدة والاهتمام بها كونها تشكل مجالاً واسعاً للبدء بإصلاحات تشمل كل قطاعات الحياة، وإن تراجع زخمها مؤقتاً نتيجة التشكيلة الوزارية غير المرضى عليها فإن التعبئة الجماهيرية لا تزال حاضرة وبقوة.
والتحرك الشعبي البعيد عن الطائفية والحزبية رسم معالم جديدة للحياة السياسية المقبلة وفرض وجوده سيفاً مسلطاً ولا تزال الشرعية الشعبية والتحركات المعارضة قائمة في الشارع وتترقب بانتظار ما ستخرج به الحكومة من عمليات إصلاحية، وإلا فإنها ماضية في مطالبها بدءاً من الدعوة إلى انتخابات مبكرة برلمانية ورئاسية وإلى تغيير أساسي جذري في تركيبة السلطة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة