حكومة سلام «ضربة سياسية» لحزب الله.. خبراء يحللون لـ«العين الإخبارية»
![رئيس الوزراء اللبناني الجديد نواف سلام](https://cdn.al-ain.com/lg/images/2025/2/09/216-085400-lebanon-nawaf-salam-new-houma_700x400.jpg)
أعلن السبت تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة برئاسة نواف سلام، ومعها معادلة جديدة للتوازن في لبنان، حسب خبراء.
مفاوضات شاقة شهدتها كواليس التشكيل، في ظل ظرف دقيق وحساس يمر به لبنان، الخارج لتوه من حرب خاضها حزب الله ضد إسرائيل، والذي ينتظر استحقاقا مهما متمثلا في إكمال الانسحاب الإسرائيلي من جنوبه، في 18 شباط/فبراير الجاري.
وأعلنت الرئاسة اللبنانية تشكيل حكومة جديدة من 24 وزيرا، برئاسة نواف سلام، متجاوزة عقبات المحاصصة التقليدية التي طالما طبعت السياسية اللبنانية.
ووقع الرئيس اللبناني جوزيف عون، السبت، مرسوم قبول استقالة حكومة نجيب ميقاتي، ومرسوما آخر بتكليف سلام بتشكيل الحكومة.
كما وقّع عون مع سلام مرسوم تشكيل الحكومة الذي عكس توافقا سياسيا على وقع تغييرات في موازين القوى السياسية بعد إضعاف حزب الله خلال حربه مع إسرائيل التي اندلعت في 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023 بعد يوم من هجوم حركة حماس على غلاف غزة.
وتعهد رئيس الحكومة نواف سلام خلال مؤتمر صحفي في القصر الرئاسي بتأسيس دولة السيادة والقانون.
وسبق إعلان تشكيل الحكومة، تأكيد مورغان أورتاغوس، نائبة المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط، من بيروت الجمعة، معارضة واشنطن مشاركة حزب الله في الحكومة، وقالت: "عهد ترهيب حزب الله للبنانيين انتهى".
لا وجود للثلث المعطل
وقال الدكتور خالد عزي، المحلل السياسي اللبناني، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن تشكيل الحكومة جيد جدا، مشيدا بنجاح سلام في إحداث التوازن والانسجام اللازم في الوزارة الجديدة، بعد نقاشات معمقة مع الكتل والأحزاب المختلفة.
وأشار إلى أن سلام قام بالتنسيق والتشاور مع الرئيس جوزيف عون، بدراسة سيرة كل وزير بعناية شديدة، واعتمد معايير الكفاءة وحسن السمعة والابتعاد عن الحزبيين، مضيفا: "فرض سلام شروطه بعدم وجود ثلث ضامن أو معطل في الحكومة الجديدة للمرة الأولى منذ سنوات، فضلا عن عدم وجود وزراء يتحركون لخدمة الأجندات الحزبية".
وأوضح أن سلام نجح في إنتاج تشكيلة وزارية تعمل بانسجام كفريق واحد، مع رئيس الجمهورية.
رضوخ حزب الله
وحول حقائب الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل)، ومن بينها وزارة المالية التي ذهبت للوزير السابق ياسين جابر، قال عزي إن "نواف سلام قطع الطريق على الثلث المعطل الذي كان يمكن لحزب الله استخدامه في إعاقة الحكومة".
واعتبر في هذا الصدد أنه رغم تسمية الثنائي الشيعي لـ 4 وزراء، إلا أن الوزراء الجديد ليسوا محسوبين على حزب الله بشكل كبير، لافتا إلى أن وزير المالية ياسين جابر رغم أنه مقرب من رئيس مجلس النواب رئيس "حركة أمل" نبيه بري، إلا أن هناك هوة بينه وبين حزب الله، بعدما منعه الأخير من الترشح في الانتخابات على لوائح الثنائي الشيعي في عامي 2018 و 2022.
وقال الدكتور خالد عزي، إن الشرط الأساسي لنواف سلام من أجل منح وزارة سيادية للثنائي، هو ألا تكون وزارة للتعطيل ولاستخدامها في ابتزاز الآخرين، وأن تتفاوض بشفافية مع البنك الدولي في أمور الاقتصاد اللبناني، ووقف الانهيارات المالية ومسألة الديون وقضية المودعين.
وأشار إلى "رضوخ بري وحزب الله لتسهيل عملية التأليف، في ظل دعوات رئيس الجمهورية إلى إزالة أي عراقيل بعد الضغط من أجل تشكيل حكومة من خارج الثنائي الشيعي"، مضيفا: "يعلم الثنائي الشيعي أنه في حالة المماطلة، فإن لبنان سوف يتم عزله، ووضعه تحت مقصلة العقوبات"
استبعاد حلفاء حزب الله
ولفت المحلل السياسي اللبناني أيضا إلى خروج "التيار الوطني الحر" برئاسة جبران باسيل من الحكومة، للمرة الأولى من 20 عاما، إضافة إلى حزب "الطاشناق" و "تيار المردة" برئاسة سليمان فرنجيه المقرب من حزب الله .
كما أشار إلى أن رئيس الحكومة أصر على أن تتم تسمية الوزراء السنة بالتوافق معه وليس مع أي جهة سياسية أو كتلة برلمانية.
انقلاب سياسي
بدوره، اعتبر الدكتور ميشيل الشماعي، الكاتب والمحلل السياسي اللبناني في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن "الفريق السيادي حقق انقلابا سياسيا على فريق الممانعة، إثر تشكيل الحكومة الجديدة".
وقال: "التشكيل الحكومي الجديد ضم 4 وزراء من الثنائي الشيعي، فيما جرى تسمية الخامس من الرئيس جوزيف عون، على غير إرادة الثنائي، في مقابل وجود تمثيل مسيحي سياسي وازن".
وكان اسم الوزير الشيعي الخامس يشكل عقدة وعقبة أمام تشكيل الحكومة، لكن وقع الاختيار في النهاية على فادي مكي، لوزارة التنمية الإدارية .
وأعرب المحلل السياسي اللبناني عن تفاؤله بالتشكيل الحكومي الجديد، قائلا: "التشكيل يضم أكفاء من غير الحزبيين، ولا يتضمن الثلث المعطل".
وإذ أشار إلى أن الحكومة حققت ما كان اللبنانيون يصبون اليه، قال الشماعي إن العبرة بالأداء والتنفيذ، ونترقب البيان الوزاري الذي سيصدره رئيس الحكومة المكلف .
استقلالية القرار
من جهته، قال الدكتور طارق أبو زينب المحلل السياسي اللبناني، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن الحكومة الجديدة ضمت مختلف الطوائف اللبنانية، مع الحرص على تحقيق توازن بين المسلمين والمسيحيين، وهو ما تحقق.
ونوه إلى أن التشكيل الحكومي يأتي في ظل تعقيدات سياسية واقتصادية غير مسبوقة، حيث يواجه لبنان أزمات متعددة الجوانب، من انهيار اقتصادي إلى توتر سياسي واجتماعي، وستعمل الحكومة على معالجة هذه الأزمات، ووضع أسس لإعادة بناء الثقة واستعادة استقرار الدولة.
وأوضح أن الحكومة الجديدة ستواجه تحديات كبيرة، أبرزها الحد من تأثير حزب الله في الساحة السياسية، بما يضمن استقلالية الدولة وقرارها السياسي.
كما أشار إلى أنه من بين استحقاقات الحكومة المقبلة، صياغة بيان وزاري يعكس التوجهات الإصلاحية للحكومة، ويشكل خارطة طريق لعملها في الفترة المقبلة.
aXA6IDMuMTQ1LjEwMi4xMTIg جزيرة ام اند امز