سي إن إن: لبنان بمفترق طرق بين بداية جديدة أو الفوضى

قال قادة الاحتجاج في لبنان إن النخبة السياسية أمامها خياران: إما الاستمرار في قيادة البلاد إلى المزيد من الفوضى ومواجهة انهيار اقتصادي وشيك "وربما الدولة اللبنانية" أو الخضوع لانتقال سلمي يبتعد عن نظام المحاصصة الطائفية إلى حكم مدني يضم حكومة تكنوقراط لإنقاذ البلاد.

أعدت شبكة "سي إن إن" الأمريكية تغطية للاحتجاجات اللبنانية أو ما يطلق عليها اللبنانيون "ثورة أكتوبر" التي شهدت مشاركة جميع الأطياف اللبنانية جنبا إلى جنب رغم الانقسامات الاقتصادية والاجتماعية العميقة.

وأشار التقرير إلى أن حركة الاحتجاج جاءت بعد شهور من التدهور الاقتصادي السريع، مع زيادة التراجع في قيمة الليرة اللبنانية المربوطة بالدولار وتردي الأوضاع المعيشية لنحو ثلث سكان البلاد الذين يعيشون تحت خط الفقر.

الاحتجاجات دفعت البنوك اللبنانية لإغلاق أبوابها لأكثر من أسبوع، خوفا من الانهيار المالي، وفشلت الوعود بالإصلاح الاقتصادي التي صرح بها قادة لبنان منهم الرئيس ميشال عون ورئيس الوزراء سعد الحريري في تهدئة المتظاهرين.

وقال عون والحريري إنهما يعتقدان أن النظام الطائفي في البلاد قد فشل، لكنهما لم يقدما أي تنازلات سياسية.

حسن نصر الله، زعيم مليشيا حزب الله اللبناني الذي يتلقى الدعم من إيران، قال في خطاب له الجمعة: "إن بعض هذه الاحتجاجات يقودها قادة غير معروفين كجزء من مؤامرة دولية"، مطالبا المحتجين باختيار ممثلين للتفاوض مع الحكومة.

وذكر تقرير "سي إن إن" أن الاحتجاجات الضخمة التي استمرت لأكثر من تسعة أيام، شارك فيها مسلمون ومسيحيون وعلمانيون وتقدميون ومحافظون وكانت عرضا للثورة التي هزت المؤسسة السياسية في البلاد.

الانتفاضة اللبنانية تسير حتى الآن بلا قيادة، لكن نشطاء الحركة قالوا إن ذلك دليل على عمق إحباط اللبنانيين من زمرة القادة الطائفيين الذين حكموا لبنان منذ اندلاع الحرب الأهلية التي استمرت 15 عاما في عام 1975.

ونقلت "سي إن إن" عن الناشط والصحفي اللبناني جمال غصن قوله: "ما نريده الآن هو إصلاح النظام الاقتصادي برمته، وهذا ما لم تتمكن القيادة السياسية الحالية من القيام به. نحن نواجه أزمة اقتصادية كبيرة تتطلب الكثير من القرارات المسؤولة. لكنني لا أرى أنهم يأخذون الأمر على محمل الجد. ولا أرى أن هذا قد تغير خلال الأسبوع الماضي".

ومع تصاعد حدة الغضب تجاه الزعماء الطائفيين في البلاد خلال السنوات الأخيرة، ظهرت مجموعات غير طائفية متعددة على الساحة السياسية. وخلال الانتخابات البلدية في بيروت عام 2016، قادت مجموعة من نشطاء المجتمع المدني المعروفين باسم "بيروت مدينتي" حملة قوية ضد المرشحين الطائفيين، لكنها خسرت في النهاية.

وخلال الانتخابات البرلمانية التي جرت في لبنان عام 2018، شارك ائتلاف من النشطاء غير الطائفيين المعروفين باسم "كلنا وطني" في الانتخابات، وفازوا بمقعد برلماني واحد.

وقال شربل نحاس، أحد قادة الاحتجاجات، في مقابلة مع شبكة "سي إن إن" عقب خطاب ألقاه: "منذ عام مضى، كان الأشخاص أنفسهم الذين يتظاهرون الآن يهتفون بأنهم لم يعودوا هؤلاء السنة والشيعة والمارونيين وغيرهم الذين يصوتون بغير هدى لصالح القادة الطائفيين".

نحاس وهو وزير سابق في الحكومة وخبير اقتصادي بالبنك الدولي، عمل وزيرا لمرتين، وقاد الإصلاحات في قطاع الاتصالات، عبر تحديث الإنترنت في البلاد، كما حاول، ولكن دون جدوى، المضي قدما في التغطية الصحية الشاملة، واستقال في النهاية من منصبه، وفي عام 2015، أسس حزبا معارضا غير طائفي، وقال إن حزبه توقع استشراء الفساد المتفشي في البلاد.

في ساحة الشهداء بوسط بيروت، أقام حزب نحاس خيمة في خضم الاحتجاجات الجماهيرية. ويغطي الأعضاء نوبات لمدة 14 ساعة، ويتحدثون إلى المارة وينظمون مسيرات حول خطط الانتقال السياسي من القيادة الطائفية في البلاد.

يقول نحاس: "التغيير ليس سهلا على الإطلاق. إنه أمر محفوف بالمخاطر. إنه فرصة تاريخية. ما حدث حتى الآن هو أن نظام الأمر الواقع القائم قد سقط. لم يعد يعمل".

لكنه يعتقد أن الوضع الجديد يمكن أن يؤدي إلى نتائج عكسية، وربما يتحول إلى أعمال عنف، حيث يهدد انخفاض سعر صرف العملة الهائلة أسس النظام الاجتماعي المتهالك بالفعل في لبنان.

يقول نحاس: "يمكن أن تؤدي الفترة الانتقالية إلى نظام مختلف.. أو يمكن أن تؤدي إلى عنف. هذه مسؤولية كبيرة للغاية ونحن نبذل قصارى جهدنا".

يعتقد نحاس بأن أول ضحايا الأزمة المالية هم النخبة السياسية التي يصفهم بـ"زعماء القبائل" الذين يقودون مجموعة من المجتمعات على أسس طائفية دينية لم يعد بالإمكان تحملها.

ويضيف "لقد حان الوقت كي يدرك قادة البلاد هذا الأمر "إذا نقل "القادة" السلطة عن طيب خاطر إلى نظام جديد.. فقد فعلوا عندئذ شيئا سيشكرهم عليه اللبنانيون".

سي إن إن: لبنان بمفترق طرق بين بداية جديدة أو الفوضى

فشل وعود الإصلاح الاقتصادي

الانتقال السياسي