اللاجئون وشبح الفراغ الدستوري.. وزير المهجرين يفكك لـ"العين الإخبارية" أزمات لبنان
العين الإخبارية - كارول صباغ
نقاط ارتكاز بالمشهد اللبناني يتوقف عندها وزير المهجرين بطرح رؤيته لخطة عودة اللاجئين السوريين وأزمة تشكيل الحكومة وشبح الفراغ الرئاسي.
وفي مقابلة مع "العين الإخبارية"، تطرق الوزير عصام شرف الدين بشكل مطول إلى موضوع شائك يدخل ضمن نطاق سلطته، مؤكدا أن لبنان ماض بخطة عودة اللاجئين السوريين رغم رفض مفوضية شؤون اللاجئين.
وتحدث الوزير عن الخطة التي سيحملها معه إلى دمشق الأسبوع المقبل لطرحها على السلطات السورية التي أبدت تجاوبا حيال هذا الموضوع، وفق تصريحاته، علاوة على مواضيع أخرى ذات صلة بالشأن المحلي.
وهذا نص المقابلة:
- لماذا يصر لبنان على عودة اللاجئين رغم معارضة المجتمع الدولي؟
هذا الموضوع وطني وإنساني بالدرجة الأولى، وفي الفترة الأخيرة بدأت تداعياته تتفاقم في لبنان وتنعكس أكثر وأكثر على المجتمعات المحلية في ظل الوضع الاقتصادي والاجتماعي المتأزم أساسا.
وقدرت أعباء اللجوء السوري في لبنان بحوالي 30 مليار دولار خلال الـ 11 عاماً الماضية، ومن هنا بات من الضروري العمل على تحقيق العودة الآمنة والكريمة للاجئين بالتنسيق مع الدولة السورية التي أبدت تجاوبا حيال موضوع بات يطالب به كل المسؤولين في لبنان وعلى رأسهم رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والحكومة بأكملها.
- وماذا عن موقف مفوضية شؤون اللاجئين في هذا الإطار؟
الرد الأولي لمفوضية شؤون اللاجئين كان رفض عودة اللاجئين إلى سوريا، معتبرة أن الوضع الأمن غير مستتب على خلاف رأينا حيث نعتبر أنه لا داعي لبقاء اللاجئ السوري في لبنان، وهناك أمر اتفقنا عليه مع المفوضية وهو التمييز بين النازح واللاجئ السياسي.
- هل لديكم أرقام واضحة لعدد اللاجئين؟
هناك حوالي 880 ألف شخص مسجّلين لدى مفوضية شؤون اللاجئين، وحوالي 400 ألف من العمّال السوريين الذين كانوا موجودين سابقاً، إضافة إلى الذين يدخلون ويخرجون عبر الحدود بشكل غير شرعي، ما جعل عدد اللاجئين السوريين في لبنان حوالي مليون ونصف المليون لاجئ.
وهؤلاء بحاجة بشكل يومي إلى الخبز والمواد الغذائية المدعوم جزئيا من الدولة اللبنانية والمياه التي يعاني اللبنانيون أساسا من نقص فيها إضافة إلى زيادة في استهلاك الكهرباء والبنى التحتية، وهذه كلها أمور تنعكس سلبا على الوضع الاجتماعي والاقتصادي للبنانيين، لا سيما أن كل الأموال التي وصلت إلى اللاجئين في لبنان أتت عبر المؤسسات غير الحكومية والمنظمات العالمية فيما تحمل لبنان كل الأعباء الأساسية.
- خطتكم تنص على ترحيل 15 ألف لاجئ شهريا.. هل هذا رقم كاف للحديث عن عودة اللاجئين؟
إذا أردت أن تُطاع فاطلب المستطاع، يبقى ترحيل 15 ألف لاجئ شهرياً أي 180 ألف لاجئ سنوياً، إذا تحقق، أفضل من إبقاء الوضع على ما هو عليه لا سيما أننا متمسكون بمبدأ العودة الآمنة والكريمة لهؤلاء اللاجئين.
- تحدثتم عن "تجاوب" من دمشق. كيف يتجسد هذا عبر خطوات عملية؟
ردة فعل الجانب السوري كانت إيجابية في هذا الإطار، وكان هناك حوار ونقاش بين وزير الشؤون الاجتماعية في لبنان ومفوضية شؤون اللاجئين في هذه القضية، لكن للأسف قرار المفوضية السلبي يعود للدول المانحة التي لا تزال تعارض هذا الأمر، ونحن نعتبر قرارها ذا خلفية سياسية، لكن مهمتنا كدولة لبنانية فصل الموضوع الإنساني عن السياسي، وهذا ما نعمل عليه.
- عدد كبير من اللاجئين السوريين معارضون سياسيون. كيف سيتم حل هذا الأمر مع السلطات السورية؟
حصلنا على وثائق خطية من السلطات السورية للسماح لهم بالعودة، وهناك عفو عام يشمل حتى الذين حملوا السلاح وهؤلاء يقدر عددهم بالآلاف، كما أنه ليس مطلوبا من أي سوري معارض أوقف نشاطه السلبي أن يوقّع على أي تعهّد وبالتالي يمكنه العودة إلى سوريا بأمان.
أما الحديث عن ضغوط يتعرض لها المعارضون العائدون إلى دمشق فهذا الأمر غير صحيح، وقد عاد إلى سوريا حوالي 87 ألف شخص، أوقف منهم ما لا يزيد على 34 شخصاً فقط، وذلك بسبب دعاوى مدنية أو قضائية، وليس لأسباب أمنية.
أما من لديهم مشكلة سياسية مع الدولة السورية، فقد طلبنا من مفوضية شؤون اللاجئين منحهم امتيازات وتأشيرات هجرة إلى دولة ثالثة، فكان جوابها أنه تم تأمين 9 آلاف تأشيرة، غادر 5 آلاف منهم لبنان والـ4 آلاف المتبقين سيغادرون قريبا، وهو رقم نعتبره ضئيلا مقارنة مع اللاجئين المقيمين في لبنان.
- في السياسة الداخلية اللبنانية، كيف تعلقون على تأخير تشكيل الحكومة؟
طبيعة السياسة في لبنان والنظام السياسي الحالي قاد إلى عرقلة كل الاستحقاقات الدستورية منذ عام ٢٠٠٥، حيث بات شبه مستحيل إنجاز استحقاق من دون تدخلات خارجية وبتوافق داخلي، وعليه فإن ما يحصل اليوم في ملف تأليف الحكومة أصبح أمرا عاديا وغير مستغرب، ويظهر نيّة البعض عدم تأليف حكومة قبل الاستحقاق الرئاسي.
- هناك توقعات بفراغ رئاسي بعد انتهاء ولاية عون في أكتوبر المقبل. هل ترون أن حكومة تصريف الأعمال الحالية قادرة على إدارة لبنان؟
الفراغ الرئاسي سبق أن حصل مرتين أو أكثر في لبنان، ولا نستبعد أن يتكرر هذا الأمر، إلاّ أنني لا أتمنى ذلك على المستوى الشخصي وآمل أن تنجز الانتخابات في موعدها.
أما فيما يتعلق بمسؤولية حكومة تصريف الأعمال، فإنه وفق المادة 64 من الدستور فهي تمارس صلاحياتها بالمعنى الضيق لتصريف الأعمال وهو الأمر الحاصل حالياً، أي بالأعمال التي تساهم في استمرار المرفق العام الذي يعتبر من الواجبات الأساسية لها.
أما عما اذا كانت حكومة تصريف الأعمال يحق لها أن تتولى مهام رئيس الجمهورية بعد انتهاء ولايته، فالجواب يكمن في نص المادة ٦٢ من الدستور، والتي تنص على أنه في حال خلو سدة الرئاسة لأي علة كانت تناط صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة بمجلس الوزراء.
ومن هنا، أعتبر أن هذه الحكومة يحق لها تولي مهام رئيس الجمهورية الى حين انتخاب الخلف، وبالتالي يجب أن تستمر حكومة تصريف الأعمال حاكمة بأدنى حد من حدود الصلاحيات المعطاة لأي حكومة في السلطة إلى حين انتخاب رئيس جديد للجمهورية، مع تأكيدنا أن الحل الأفضل هو في تأليف الرئيس المكلف لحكومة جديدة حتى لا ندخل في دوامة جديدة من الفراغ والصلاحيات المقيدة بتصريف الأعمال في هذه المرحلة الحرجة والاستثنائية التي يعيشها المواطن اللبناني الذي يدفع ثمن السياسات العشوائية وانعدام المسؤولية.