تقرير أمريكي: «تفكيك» حزب الله «مفتاح بناء» لبنان

اعتبرت مجلة "ناشيونال إنترست" أن مصير لبنان يتوقف على قدرة الرئيس جوزيف عون على "تحييد" حزب الله كقوة عسكرية، ضمن جهوده لإعادة بناء بلد مزقته الحروب والصراعات.
كما شددت على ضرورة تقديم كل من الولايات المتحدة وإسرائيل الدعم لعون، ولكن بحنكة وحذر لتجنب ردود فعل عكسية قد تضعف موقفه وتقوض آمال التغيير في البلاد.
المجلة أشارت إلى أن الفرصة اليوم تبدو سانحة لتجريد حزب الله من سلاحه بالكامل، وهي فرصة قد لا تتكرر قريبًا، خاصة بعد القرار الكارثي الذي اتخذته الجماعة بفتح جبهة ثانية ضد إسرائيل عقب هجوم حماس في أكتوبر/تشرين الأول 2023، والضربات الإسرائيلية المضادة التي أدت إلى القضاء على قيادته العسكرية، مما جعله ضعيفًا وفاقدًا للبوصلة بشكل كبير.
والسؤال المحوري الآن هو ما إذا كانت حكومة عون ستواصل تنفيذ خطتها بنزع سلاح حزب الله، أم ستسمح له بإعادة تشكيل نفسه مرة أخرى.
ولطالما كان حزب الله أقوى منظمة غير حكومية في الشرق الأوسط، حيث يدير في المناطق التي يسيطر عليها مؤسسات تعليمية وصحية واجتماعية، مما يجعله "دولة داخل الدولة".
كما كان حتى سبتمبر/أيلول الماضي العضو الأقوى فيما يسمى "محور المقاومة" الإيراني، الذي يساعد طهران على توسيع نفوذها في المنطقة.
لكن الأوضاع تغيرت بشكل جذري لكل من إيران وحزب الله، مما يجعل خطوة عون ضد الحزب فرصة استراتيجية كبرى لواشنطن وإسرائيل وللاستقرار الإقليمي.
فقد ثبت خلال الأشهر العشرين الماضية أن إيران ليست بالقوة التي كانت تبدو عليها، إذ تركت المواجهات العسكرية المباشرة مع إسرائيل في 2024 تل أبيب إلى حد كبير، في حين تكبدت هي أضرارًا جسيمة.
كما شهدت سوريا الإطاحة المفاجئة بحليف طهران الرئيس السابق بشار الأسد، ونجحت إسرائيل في تدمير قدرة حماس على شن هجمات كبيرة من غزة.
وفي هذا المناخ الإقليمي، يحاول الرئيس عون، قائد الجيش السابق والمعروف بصرامته، استغلال الفرصة لتعزيز سلطة الدولة عبر نزع سلاح حزب الله وتأسيس احتكار الدولة للسلاح. وإذا نجح في ذلك، فسيشكل ذلك ضربة قوية لإيران وشبكتها الإقليمية.
ويبدو أن عون يحرز بعض التقدم بالفعل، فالجيش اللبناني، الذي كان أضعف من حزب الله سابقًا، يقوم حاليًا بتفكيك مئات من مواقع الحزب ومستودعات أسلحته قرب الحدود مع إسرائيل.
كما تشير التقارير إلى مغادرة مئات من قادة الحزب وعائلاتهم إلى أمريكا الجنوبية. وفي محاولة لتقويض النفوذ السياسي للحزب، يعمل الجيش على إزالة اللافتات والصور التي تحمل رموز الحزب في بيروت، ويعلق بدلاً منها ملصقات تعلن عن "حقبة جديدة".
كما أظهرت الانتخابات البلدية في مايو/أيار مؤشرات على تراجع شعبية الحزب، حيث كانت نسبة المشاركة العامة منخفضة رغم فوز مرشحي الحزب في بعض المناطق، ما يعكس استياء متزايدًا بين اللبنانيين الذين يعزون جزءًا من معاناتهم إلى دور الحزب في إشعال المواجهة مع إسرائيل.
مع ذلك، يبدو أن عون يتردد في اتخاذ خطوات حاسمة، إذ لم يضغط بقوة على قادة حزب الله، ولم يربط المساعدات الحكومية للمناطق الخاضعة للحزب بتسليم الأسلحة، ولا يزال يعين شخصيات مرتبطة بالحزب في مناصب رئيسية.
وهنا يأتي دور الولايات المتحدة وإسرائيل، اللتين تريدان نزع سلاح حزب الله ولديهما وسائل ضغط وحوافز لتقديمها لعون. فتقوم إسرائيل بتكثيف عملياتها العسكرية ضد الحزب، مستهدفة منشآت إنتاج الطائرات المسيرة ومخازن الأسلحة في جنوب لبنان وضواحي بيروت، لكنها في الوقت نفسه تحرص على عدم إثارة غضب شعبي يعيد التعاطف مع الحزب، خاصة أن القيادة اللبنانية موحدة في مطالبتها بوقف العمليات الإسرائيلية داخل الأراضي اللبنانية.
أما واشنطن فتضغط على بيروت لنزع سلاح حزب الله بالكامل، مهددة بحرمان لبنان من المساعدات الأمريكية والدولية إن لم يتحقق ذلك، لكنها بحاجة إلى رفع سقف مطالبها، مثل فرض مهلة زمنية محددة لنزع السلاح، وتقديم دعم لوجستي ومعدات للجيش اللبناني لمساعدته على تنفيذ المهمة.
وخلصت الصحيفة إلى أن الكرة باتت الآن في ملعب عون، فكلما زاد في نزع سلاح الحزب، قلت حاجة إسرائيل إلى التدخل المباشر لإضعافه.
ويمكن لعون أن يطمح إلى أبعد من ذلك، "فإذا كان جادًا في قيادة لبنان إلى "عصر جديد"، يمكنه السعي لتغيير القوانين التي تحظر الاتصال المباشر بين اللبنانيين والإسرائيليين، مما قد يمهد الطريق لتقليل التوتر وزيادة الرخاء على جانبي الحدود"، وفق الصحيفة.