فادي صوان.. قاضي "مرفأ بيروت" أزاحته ألاعيب السياسة
كل من شاهد انفجار مرفأ بيروت شك في تورط مسؤولين سواء بالإهمال أو المشاركة، وكذلك القاضي فادي صوان، لكنه دفع ثمن ألاعيب السياسة.
صوان المعروف بنزاهته ونظافة يده برز على الساحة اللبنانية مع انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس/آب 2020، إثر تعيينه محققا عدليا للإشراف على التحقيقات في القضية.
ومنذ تسلمه مهامه، انقسمت الآراء السياسية حوله، إذ اعتبره البعض "قاضيا نزيها غير مسيّس"، فيما شكك فيه البعض الآخر حتى جاء قرار محكمة التمييز بتنحيته، أمس، إثر تدخلات سياسية في النظام القضائي.
وظهر دليل نزاهة واستقلالية صوان بوضوح في الحملات التي شنتها ضده صحيفة "الأخبار" اللبنانية، المحسوبة على حزب الله الإرهابي، والتي عنونت صفحتها الأولى صباح أمس بـ"المحقق العدلي يهرطق"، مستبقة قرار محكمة التمييز بتنحية القاضي، وهو ما رآه البعض رسالة سياسية وجهتها المليشيا عبر صحيفة مقربة منها.
ولم يكن موقف حزب الله مفاجئا، فصوان وجّه اتهامات لعدد من السياسيين، بينهم شخصيات في أحزاب قريبة من المليشيا اللبنانية، كالوزراء السابقين يوسف فنيانوس (تيار المردة)، وعلي حسن خليل وغازي زعيتر، وخليل وزعيتر إضافة إلى رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، لكن لم يمثل أي منهم أمامه في جلسات تحقيق بسبب تدخلات السياسة.
ولاقى الادعاء على حسان دياب رفضا من قبل رؤساء الحكومة السابقين، سعد الحريري وفؤاد السنيورة وتمام سلام ونجيب ميقاتي (خصوم حزب الله)، معتبرين أن الادعاء عليه هو استهداف لرئاسة الحكومة.
كذلك، قدم كل من زعيتر وخليل المقربين من رئيس البرلمان نبيه بري، مذكرة أمام النيابة العامة التمييزية طلبا فيها نقل الدعوى إلى قاض آخر، بعدما اتهما صوان بخرق الدستور بادعائه على وزيرين سابقين ونائبين في البرلمان، في وقت يتمتعان فيه بحصانة دستورية، وهو ما أدى في النهاية إلى اتخاذ المحكمة التمييزية قرار تنحيته.
واعتبرت المحكمة التمييزية أمس، أن "ارتياب" الوزيرين في حياد المحقق العدلي "مشروع" كونه من المتضررين من انفجار مرفأ بيروت، بعد تعرّض منزله لأضرار، ما يصعّب عليه أن يكون محايدا واتخاذ القرارات الحاسمة بحيادية في القضية.
وأثار قرار تنحية صوان عن قضية "مرفأ بيروت" العديد من علامات الاستفهام حول النظام السياسي والقضائي في لبنان، وأعاد الملف إلى نقطة الصفر بعد 6 أشهر من تحقيقات لم تسفر عن أي تقدم.
وقال المحامي نزار صاغية، المدير التنفيذي للمفكرة القانونية، وهي منظمة غير حكومية تعنى بشرح القوانين، لوكالة الصحافة الفرنسية: "مجرد أن يرفض الوزراء والطبقة السياسية أن يكونوا موضع محاسبة، فهم بذلك يضعون خطاً أحمر للتحقيق، وهذا أمر خطير للغاية".
ورأت الباحثة في منظمة "هيومن رايتس ووتش" في بيروت آية مجذوب أن إبعاد صوان بسبب مذكرة تقدّم بها وزيران سابقان ادعى عليهما "استهزاء بالعدالة وإهانة لضحايا الانفجار والشعب اللبناني".
واعتبرت مجذوب في حديث مع "وكالة الصحافة الفرنسية" أن "المحاكم رسمت الخطوط الحمراء: لا يخضع السياسيون لسيادة القانون"، مضيفة "بعد أكثر من ستة أشهر، عدنا إلى نقطة الصفر".
القاضي فادي صوان من مواليد 1960، بدأ عمله كمحام عام، ثم قاضي تحقيق في المحكمة العسكرية لمدة عشر سنوات.
وكغيره من القضاة اللبنانيين الذين يبقون مجهولين حتى يتسلموا قضايا مهمة أو لافتة، لا تتوافر معلومات كثيرة عن صوان، لكنه ليس من القضاة المقربين أو المحسوبين على الأحزاب السياسية، ومعروف بكفاءته ونظافة كفه.
ووفق وسائل إعلام محلية، تولى في السابق بعض القضايا المرتبطة بإرهابيين من تنظيم داعش وجبهة النصرة الذين ألقي القبض عليهم في لبنان، وأصدر أحكاما بحق المئات منهم، بعد أن نفذ بعضهم اعتداءات على الجيش اللبناني.
وتجري السلطات اللبنانية تحقيقات في انفجار مرفأ بيروت الذي تسبب في مقتل وإصابة أكثر من 2000 شخص، وأدى لتفاقم الأزمة الاقتصادية التي تعد أسوأ أزمة يواجهها لبنان منذ الحرب الأهلية.
ورغم توقيف 25 شخصا، بينهم مسؤولون عن المرفأ وأمنه وصيانته، لم تحرز التحقيقات تقدما حتى الآن، إذ دخلت السياسة على خط التحقيق وأسهمت في عرقلته خصوصاً بعدما ادعى قاضي التحقيق على مسؤولين سياسيين.
aXA6IDE4LjExNi40MC41MyA=
جزيرة ام اند امز