بنغازي الليبية في 2022.. بلسم الإعمار يضمد ندوب الإرهاب
سواعد شعبية تعاضد جهود الجيش الليبي لإعادة إعمار بنغازي، المدينة التي انتفضت ضد الإرهاب وصنعت من آلامها بلسما لتضميد ندوب التطرف.
بنغازي التي وصفها الأديب الليبي الأبرز الصادق النيوم بـ"أم اليتامى"، جسدت الوصف في أتم تجلياته، حين تحولت إلى ملجأ المهجرين من المليشيات والجماعات الإرهابية طوال العقد الماضي.
فبعد أحداث 17 فبراير/ شباط 2011، تحولت المدينة إلى معقل رئيسي للتنظيمات التكفيرية، حيث نشأت عدة جماعات تابعة لتنظيمي القاعدة وداعش، أبرزها أنصار الشريعة والدروع ومجالس الشورى.
ولكن أبناء المدينة انتفضوا على الإرهاب وساندوا حملة الجيش الليبي - ممثلة في "عملية الكرامة" التي انطلقت في 16 مايو/أيار 2014- إلى أن تم تحرير المدينة في 5 يوليو/ تموز 2017، وأصبحت ملجأ للمهجرين من مختلف المدن الأخرى سواء من الغرب أو الشرق والجنوب، مثل مرزق وترهونة وسرت.
وخلال العام 2022، ورغم الانقسام السياسي وتدهور الأوضاع الاقتصادية، حاولت المدينة لملمة جراحها والنظر إلى الأمام، فكانت انطلاقة الإعمار ومسح خراب جماعات الظلام.
أنوار الإعمار
حاولت الحكومات المتتالية، مدعومة من الجيش الليبي، إعادة استقرار وإعمار بنغازي، إلا أن ضعف الإمكانيات والانقسام السياسي والمعارك المتتالية حالت دون الانطلاقة الحقيقية للملف.
ومع التحسن النسبي في الوضع السياسي والاستقرار الناتج عن اتفاق وقف إطلاق النار، انطلقت شارة الإعمار الفعلي للمدينة.
بنغازي، حاضرة إقليم برقة شرق ليبيا، شهدت خلال العام الجاري، نهضة عمرانية واسعة مدفوعة بدعم القيادة العامة للجيش الليبي والحكومة المنبثقة عن مجلس النواب، في اعتراف بالجميل للمدينة التي كانت مهد الكرامة والثورة على الإرهاب.
وشهدت المدينة إطلاق عدة مشروعات وتطوير وإصلاح البنية التحتية المدمرة واستئناف العمل في مشروعات متوقفة، خاصة في المناطق التي كان يتحصن بها الإرهابيون أو التي شهدت دمارا جراء الاشتباكات.
وعملت الجهات المسؤولة في بنغازي على صيانة "عمارات 1015" المعروفة بعمارات السبخة، وصيانة منطقة "الوحيشي" التي أعلن شبابها الانضمام لعملية الكرامة ضد الإرهاب.
كما تم افتتاح وصيانة عدد من المؤسسات الخدمية أهمها مستشفى الأطفال ومركز الكلى، وأقسام أمراض الدم والأمراض السارية والمناعة بمستشفى الأطفال.
إضافة إلى افتتاح مستشفى الهواري وصيانة الطرق الرئيسية، ولعل أبرزها شارع جمال وجزيرة الجرات وطريق قاريونس القوارشة والجسر الرابط بين الصابري وسيدي يونس وجسر اللثامة، وجميعها مناطق عانت من الحرب ضد الإرهاب.
كما تم العمل على تحسين النظافة العامة وإزالة مخلفات الحروب والعمارات المتهدمة، وإصلاح العمارات السكنية بمناطق 602 بوهديمة والسلماني سيدي يونس، وغيرها.
أنوار الفكر
لم تغفل قيادة الجيش الليبي الدور الثقافي التنويري في محو آثار الجماعات الظلامية، فحاولت إعادة المدينة لطابعها الثقافي التاريخي، ونفذت عدة فعاليات وأنشطة هامة أبرزها معرض بنغازي الدولي الأول للكتاب.
واستقبلت المدينة، تحت حماية وإشراف الجيش، وبتعاون مباشر مع قيادته العامة، أكبر مكتبة عائمة في العالم سفينة "لوغوس هوب"، وعلى متنها آلاف العناوين لكتب متنوعة، بعد 12 عاماً من الغياب عن المدينة بسبب الأحداث التي شهدتها.
وفي 15 أكتوبر/ تشرين أول الماضي، أخذت القيادة القيادة العامة للجيش الليبي زمام المبادرة وافتتحت معرض بنغازي الدولي للكتاب 2022 في دورته الأولى، بمشاركة 13 دولة عربية، تزامنًا مع الذكرى السنوية لانطلاق المواجهة الشعبية ضد الجماعات الإرهابية داخل أحياء بنغازي العام 2014.
وشارك في المعرض 244 دار نشر ومكتبة، وما يقارب 132 ألف عنوان تشمل كل صنوف المعرفة، ما أعاد المدينة إلى الخارطة الثقافية والمعرفية.
كما لم تغفل القيادة العامة الدراما وأثرها الكبير في توثيق جرائم الإرهاب، بما في ذلك تحرير المدينة، فأنتجت أحد أهم الأعمال الدرامية الملحمية الحربية التي من المقرر أن تعرض العام القادم، وهو فيلم "قبل النهاية / أو خريبيش".
وهيأت القيادة العامة الأجواء لضيوف ليبيا من نجوم الفيلم المصريين والعرب، لتنفيذ مهمتهم، واصطحبتهم في رحلات للمناطق المدمرة لاستكشاف آثار الإرهاب، وكيف واجهه أبطال بنغازي والمدن المجاورة لها.