أزمة "لوكربي" تعزز الخلاف الليبي.. والدبيبة في مرمى العاصفة
منذ عودة قضية "لوكربي" إلى الواجهة تعيش ليبيا على صفيح ساخن، وكل يوم تتصاعد موجة الغضب ضد الحكومة منتهية الولاية برئاسة عبدالحميد الدبيبة بعد إقراره بتسليم أحد المتهمين للولايات المتحدة.
وبدأ الأمر باختفاء مواطن ليبي يدعي أبوعجيلة مسعود من منزله في طرابلس الذي اقتادته مليشيات مسلحة منتصف الشهر الماضي، قبل أن تعلن الولايات المتحدة الأمريكية الأحد أنها "تحتجزه" على خلفية مزاعم مساعدته في صنع القنبلة التي فجرت تلك الطائرة قبل 34 عاما.
وفي حين كان سر اختفاء مسعود لغزا لنحو شهر كامل، اعترف الخميس الماضي الدبيبة في كلمة مصورة له بأن حكومته هي من "سلمت" مسعود لواشنطن "لتحاكمه"، معتبرة أن مسعود مذنب وقاتل "الأبرياء".
ذلك الاعتراف أثار موجة من السخط ضد الدبيبة وحكومته فيما لم تفوت الحكومة المكلفة من قبل مجلس النواب برئاسة فتحي باشاغا تلك الفرصة لمهاجمة الدبيبة بدورها.
والأحد، وفي بيان مصور، قال رئيس الحكومة الليبية المعين من قبل مجلس النواب الليبي فتحي باشاغا إن "تسليم أبوعجيلة مسعود جرى خارج النظام والسلطات القضائية وفي جنح الليل بعد أن جرى خطفه".
واتهم باشاغا "حكومة الوحدة الوطنية" منتهية الولاية بـ"التفريط في السيادة الليبية"، متعهدًا في الوقت نفسه بـ"عدم الصمت إزاء هذا الملف".
باشاغا أضاف في بيانه أن "حكومة الدبيبة فرطت في السيادة وفتحت الباب واسعا لفرض تعويضات على ليبيا أقفلت في عهد النظام السابق"، داعيا الليبيين إلى "اتخاذ موقف وطني".
كما دعا رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب الليبي فتحي باشاغا "الوزراء في الحكومة السابقة (حكومة الدبيبة) أن يتركوا هذه الحكومة غير الشرعية".
ومضي قائلا: "نسمع في هذه الأيام أصواتا تتكلم على تشكيل جبهة وتيار وطني لحفظ مبادئ وسيادة ليبيا لأن ليبيا في حاجة لتيار وطني نقي غير خاضع لأجندات خارجية، وعلى الليبيين أن يتخذوا موقفا تجاه ما حدث مع أبوعجيلة وهذا الحدث لن يمر ولن نسكت عنه".
والسبت، دخل المجلس الرئاسي الليبي على الخط وذلك عبر بيان مصور للناطق باسمه نجوى وهيبة طالبت فيه الولايات المتحدة الأمريكية بإرجاع مسعود.
وقالت وهيبة: "نطالب السلطات الأمريكية باستعادة المواطن الليبي والتعامل مع أي طلبات قضائية أمريكية تجاهه في إطار آليات التعاون القضائي بين البلدين، وفي ظل ولاية القضاء الليبي".
وفي تعليق آخر من المجلس الرئاسي الليبي حول حادث تسليم مسعود لواشنطن، نقلت وكالة الأنباء الليبية الرسمية (وال) عن مكتب رئيس المجلس قوله إن "المجلس الرئاسي وجه رسالة إلى النائب العام لاستجلاء الوضع القانوني الخاص بتسليم المواطن الليبي أبوعجيلة المريمي لأمريكا".
والثلاثاء، خضع المواطن الليبي "المختطف" أبوعجيلة مسعود لأول محاكمة في واشنطن وسط مطالبات ليبية رسمية وشعبية للنائب العام بفتح تحقيق في سر "اختطافه وتسليمه لدولة أجنبية"، وهو الأمر الذي أعلنه النائب العام الليبي الصديق الصور مباشرته.
ومنذ فتح ملف القضية من جديد، تتوالى بشكل يومي ردود أفعال ليبية مستنكرة للحادث ورافضة فتح ملف قضية لوكربي من جديد كون القضية قد أغلقت منذ عام 2008، بعد دفع ليبيا التي أدين مواطنها عبدالباسط المقرحي بالحادث لتعويضات مالية لأسر الضحايا بلغت أكثر من اثني مليار دولار.
ردود الأفعال تلك الصادرة عبر بيانات لجهات رسمية ليبية على رأسها مجلس النواب تقول في مجملها إن "قضية لوكربي أغلقت وكل القضايا العالقة بين ليبيا والولايات المتحدة بموجب اتفاقية التسوية الليبية الأمريكية الموقعة عام 2008 والأوامر التنفيذية التي أصدرها الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش في السنة ذاتها".
كما أكدت تلك البيانات المتشابهة في النص أن "إغلاق القضية جاء أيضا بموجب القانون رقم 110/30 لسنة 2008 الذي أصدره الكونغرس الأمريكي، والذي ينص على أن تكون الممتلكات والأفراد الليبيون المعنيون بقضية لوكربي في مأمن من الحجز أو أي إجراء قضائي آخر".
إضافة إلى "إصدار بوش مرسوما رئاسيا ينص على التزام بلاده بالإنهاء التام لأي مطالبات مستقبلية وإغلاق أي قضايا فتحتها عائلات الضحايا، سواء أكانت أمام المحاكم المحلية أم الأجنبية".
و"لوكربي" هي قضية دولية وقعت في 21 ديسمبر/كانون الأول 1988 حيث انفجرت الطائرة بوينغ 747 تابعة للخطوط الجوية الأمريكية أثناء تحليقها فوق قرية لوكربي بغرب اسكتلندا وقد نجم عن الحادث موت 259 شخصا هم جميع من كان على متن الطائرة و11 شخصا من سكان القرية.
وبعد أن أدين في الحادث ليبي يدعي عبدالباسط المقرحي (توفي في طرابلس في 20 مايو/أيار 2012) أعلن نظام معمر القذافي الحاكم في ليبيا آنذاك تحمله المسؤولية الجنائية.
وعلى خلفية هذا الاعتراف، دخلت ليبيا وواشنطن في مفاوضات أسفرت عن الوصول إلى تسوية تدفع بموجبها ليبيا تعويضات إلى أسر الضحايا وهذا ما تم في أغسطس/آب 2008، وبذلك بدأت صفحة جديدة في العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.