هل يحقق حفتر والسراج انفراجة ليبية في الوقت الضائع؟
يلتقى فايز السراج، رئيس حكومة الوفاق بليبيا، مع قائد الجيش خليفة حفتر، لكن هل يحققان انفراجة تنهي الفوضى في الوقت الضائع؟
تحت مظلة مصرية، يلتقى رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية فايز السراج، بقائد الجيش الليبي خليفة حفتر، في خطوة اعتبرت "انفراجة في الوقت الضائع"، بالنظر للتطورات التي طرأت على المشهد الليبي منذ أواخر العام الماضي وأوائل العام الجاري.
فالسراج -الذي يعد المنتج السياسي الأبرز لاتفاق الصخيرات الموقع من طرف الفرقاء في ليبيا ديسمبر/كانون الأول 2015- يدخل إلى مائدة المفاوضات عقب فقدانه سنده السياسي مارتن كوبلر المبعوث الأممي إلى ليبيا، دون أن يتم تعيين خلفا له بعد من قبل الأمم المتحدة.
لكن كوبلر لم يكن الشيء الوحيد الذي فقده السراج خلال الفترة الماضية، وهو ما أشار إليه الكاتب الصحفي المتخصص في الشأن الليبي عبدالستار حتيتة، بقوله إن "السراج فقد أيضا ولاء قادة المليشيات التي دعمت وصوله إلى العاصمة طرابلس في مارس/آذار العام الماضي".
وأضاف حتيتة لبوابة "العين" الإخبارية، أن "تعقيدات جديدة تسببت فيها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب دفعت السراج لرفع يده عن تلك المليشيات التي استشعرت بدورها الخطر، وبدأت في إحياء مشروع قديم بتشكيل "حرس وطني" يجمعها".
وأشار حتيتة إلى أن السراج "وضع ولاءه على أبواب المؤتمر العام (البرلمان الليبي السابق)"، والذي تنازع الحكومة الموالية له في طرابلس السلطة مع حكومتين أخرتين في البلاد.
ويقدر حتيتة حجم القوات في التحالف الجديد المبني على أرضية "دينية وجهوية" بنحو 10 آلاف مقاتل، لافتا إلى أن السراج لم يعد يملك إلا "ولاء قيادات 3 مليشيات فقط، يقدر عددها بنحو 3 آلاف مقاتل".
وتابع حتيتة: "بين تلك المليشيات الثلاث جماعة مسلحة طرابلسية الهوية، لن تتحمس كثيراً لأي توافق مع حفتر، وأخرى مشكوك في صلاتها بحفتر نفسه".
وتشير التوقعات التي رشحت لقاء القاهرة، إلى أن السراج قد يعرض مقترحاً بتولي حفتر قيادة مجلس عسكري يضم مجموعة من الضباط من مختلف المدن الليبية، على أن يكون السراج رئيسا لحكومة مصغرة، سعياً لإنهاء الاضطراب والفوضى في ليبيا.
وتؤكد تقارير صحفية أن الترتيب السياسي المقترح في ليبيا، تمت مناقشته بالفعل في روما وموسكو، وأنه حظي بموافقة مبدئية، فيما تدرس العاصمتان (طرابلس وطبرق) في حال تمرير المشروع، التوجه إلى مجلس الأمن لطلب رفع حظر التسليح عن ليبيا.
ويقول زياد عقل، الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية لـ"العين"، إن المشير حفتر يدخل هذه الجولة من المباحثات وعينه على الشرعية الدولية التي يحظى بها السراج، هذه الشرعية تمثل أمله في أن يحصل على غطاء شرعي يعزز موقعه بالداخل وينهي حظر التسليح المفروض على ليبيا".
ويرى عقل أن "السراج ليس بالقوة التي يظهر عليها عادة، لكنه في النهاية فاعل رئيسي على الساحة، ويمثل حاليا ما يمكن اعتباره أداة انتقالية، لكن من المؤكد أنه لن يحصل على أي دور فيما بعد".
لكن على العكس، يرى الكاتب الصحفي حتيتة المراقب للوضع الليبي عن كثب، أن "حفتر لن يكون سعيدا بشراء منتج غربي تجاوز فترة صلاحيته".
وسعت القاهرة بقوة خلال الشهور الماضية إلى دمج حفتر سريعاً في العملية السياسية لوضع حد للفوضى على حدودها الغربية، آملة في جني ثمار جهود الشهور الثلاثة الماضية التي شهدت التحضير للمشهد الراهن.
وتبدو مشاركة حفتر في ترتيبات على أساس "اتفاق الصخيرات"، الذي يحظى برعاية أممية فرصة لترسيخ وضع حكومة شرعية في البلاد "لن تنهي الانقسام"، حسب الباحث زياد عقل، لكنها "تخفف من حدته، وربما تحدث تصدعات في صفوف المليشيات التي تتحصن في الغرب".
وتدهورت الأوضاع في غرب طرابلس بعد أن أعلنت مليشيا تشكيل الحرس الوطني الليبي التابع لـ"حكومة الإنقاذ الوطني" غير المعترف بها، مع أوامر واضحة من رئيس حكومة الإنقاذ خليفة الغويل، بطرد أي قوة عسكرية متواجدة داخل طرابلس، في إشارة لقوات المجلس الرئاسي التابعة لحكومة الوفاق الوطني برئاسة السراج.
وفي انتظار التحاق عقيلة صالح رئيس البرلمان الليبي، الذي وصل للقاهرة صباح الثلاثاء للمشاركة في المفاوضات، يبدو أن المشير حفتر الذي راهن من اللحظة الأولى على عنصر الوقت، يدرك أنه بغض النظر عن النتائج المأمولة من اللقاء المرتقب، سيكون عليه خوض الحرب على الجبهة الغربية.
لكن من غير المعروف بعد ما إذا كان سيخوض تلك الخطوة ويمنح اتفاق الصخيرات قبلة الحياة، ليحمل على كتفه فيما يتقدم باتجاه طرابلس "السراج" السياسي الميت إكلينيكيا -بعد بقائه نحو عام على رأس الحكومة المعترف بها دوليا دون تحقيق تقدم يذكر- فرصة للبقاء.