دولة الإخوان "المدنية" بليبيا.. مجازر جماعية وحصار للمؤسسات
الفكر الإخواني حصر الدولة المدنية في أنها الضد لدولة العسكر في حين أنها هي الضد لدولة المسلحين والمليشيات والخطف والقتل
اعتبر سياسيون أن تصريحات قادة حكومة الوفاق الإخوانية في ليبيا حول الدفاع عن الدولة المدنية في مواجهة الجيش الوطني منافية تماما للواقع الذي لا يحمل غير مجازر جماعية وحصار للمؤسسات من قبل الإخوان ومليشياتهم.
فمنذ بداية عمليات "طوفان الكرامة" 4 أبريل/نيسان الجاري، لتطهير العاصمة طرابلس من سطوة المليشيات المسلحة عليها، استخدم الإخوان مصطلح "الدولة المدنية" مئات المرات في محاولة لاستمالة الغرب ضد العملية العسكرية.
وكان أحدثها لمحمد صوان، رئيس حزب العدالة والبناء (الذراع السياسية لجماعة الإخوان الإرهابية) عقب لقائه المبعوث الأممي، غسان سلامة، الأحد تحدث فيه عن طبيعة الصراع في ليبيا، وأن ما يحدث لإسقاط الدولة المدنية!
**شرعنة المليشيات
الباحث السياسي الليبي جمال شلوف، رئيس مركز سلفيوم للدراسات والأبحاث (خاص)، قال إن الفكر الإخواني حصر الدولة المدنية في أنها الضد لدولة العسكر في حين أنها هي الضد لدولة المسلحين والمليشيات.
وأضاف شلوف، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن الدولة المدنية لا تقوم إلا على المؤسسات وتتخذ الأساليب الديمقراطية السلمية آليات لاتخاذ قراراتها وليست الدولة التي ترتهن قراراتها للسلاح والمليشيات.
وأوضح أن الإخوان تعتنق الفكرة الميليشياوية كبديل عن المؤسسة العسكرية فبعد سقوط نظام معمر القذافي في 2011 ارتهن القرار السياسي والاقتصادي برغبات مسلحي المليشيات الذين تم شرعنتهم عبر تشكيلات الدروع واللجان الأمنية كجيوش موازية بدلا من استدعاء الجيش النظامي أو حتى جيش الاحتياط (الخدمة الوطنية).
وأشار الباحث السياسي الليبي إلى أن من أهم معالم تحكم المليشيات في القرار السياسي تصريح رئيس الوزراء الأسبق، عبدالرحيم الكيب، في مساءلته أمام المؤتمر الوطني 2012 عندما وصفهم بـ"السلطة العليا"، حيث أجبره أكثر من 178 اقتحاما ميليشياويا على إصدار قوانين وتشريعات تخدم أهداف مليشيات عقائدية وجهوية.
وتابع: "منها قانون رقم 7 الذي شرع لمليشيات مناطقية من مصراتة (غرب) اقتحام مدينة بني وليد وارتكاب مجازر فيها، وكذلك قانون العزل السياسي الذي استخدم لتصفية وإقصاء خصوم الإخوان السياسيين ما أدى إلى تفريغ ليبيا من كفاءاتها الإدارية".
ولفت إلى قرار إنشاء غرفة عمليات ثوار ليبيا إضافة إلى إقرار ميزانيات ضخمة فاقت المليار دينار للدروع (وهي مليشيات تم تشكيلها أثناء فبراير/شباط 2011 بحجة حفظ الأمن وتحولت إلى جيش موازٍ للمؤسسة العسكرية).
واعتبر الباحث السياسي الليبي أنه حين أقرت "لجنة فبراير" (شكلها المؤتمر الوطني في 2014 لحل الأزمة الليبية) انتخاب مجلس النواب وأن يكون مقره بنغازي (شرق) لتفادي تحكم المليشيات بالقرار السياسي انقلبت مليشيات الإخوان والمتحالفة معها على نتيجة الانتخابات في عملية أسمتها (قسورة) التي تحولت إلى عملية باسم "فجر ليبيا" التي قامت بتدمير المطار ودفعت إلى الانقسام السياسي.
ويضيف شلوف أن التحكم المليشياوي في حكومة الوفاق وقراراتها السياسية والاقتصادية منقطع النظير حتى أن تقارير خبراء مجلس الأمن ذكروه في تقاريرهم أكثر من مرة كما تناول مبعوث الأمين العام غسان سلامة ذلك في إحاطته لمجلس الأمن وتصريحاته الصحفية التي وصفها بالنهب الممنهج للمال العام من قبل المليشيات التي فرضت إتاوات على الوزارات والهيئات والشركات العامة في طرابلس بداعي حمايتها التي كانت تغلقها عندما تتأخر هذه الإتاوات كل هذا في نظر الفكر الإخواني كان دولة مدنية ديمقراطية لا ترضى بحكم العسكر فاستقلالية اتخاذ القرار سواء كان سياسيا أو مؤسساتيا ليس من شروط مدنية الدولة طالما أن السلاح الذي يتحكم في كل القرارات السياسية والاقتصادية للدولة ليس حكرا على الجيش والشرطة وإنما سلاح قابل للشراء يمكن التحكم فيه لمصلحة الجماعة ضد تكوين أي شكل من المؤسسات العسكرية والأمنية والقضائية التي لا تقوم الدول إلا بها.
جرائم حرب
عبدالمنعم اليسير، عضو المؤتمر الوطني ورئيس لجنة الأمن القومي السابق، قال إنه وأكثر من 100 عضو من أعضاء المؤتمر هربوا من طرابلس في 2014 خوفا من تهديدات وبطش المليشيات وجماعة الإخوان.
وكشف اليسير، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن أحمد معتيق وزملاءه في المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق يمثلون طموحات الإخوان المسلمين والإسلام السياسي والتنظيمات الإرهابية المتطرفة وضالعين في دعم العناصر الإرهابية وداعش بالمال والغطاء السياسي.
وأكد أنهم المسؤولون بشكل مباشر عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وتهريب البشر وانتهاك قرارات مجلس الأمن في ليبيا.
خطف واغتيال
فيصل بو الرايقة، المحلل السياسي الليبي، قال إن من أبرز انتهاكات حكم الإخوان والمليشيات جرائم خطف طالت رئيس الوزراء علي زيدان 2013 ولم يسلم منها رئيس المؤتمر الوطني نوري بوسهمين وعدد من رؤساء اللجان والأعضاء وتعرضهم للابتزاز المالي والسياسي من قبل مليشيا "ثوار طرابلس" وزعيمها هيثم التاجوري المتحالف مع الإخوان ويحارب في صفوف الوفاق حاليا.
ويضيف بو الرايقة، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن من أبرز ملامح الدولة الميليشياوية اعتماد أساليب العصابات في اختطاف دبلوماسيين من طرابلس والمقايضة عليهم بإرهابيين مطلوبين دوليا.
وأشار إلى أن من ملامح الدولة المدنية الإخوانية المليشياوية انتهاك السفراء اﻷجانب الداعمين للإخوان هيبة وسيادة الدولة واجتماعهم بعمداء البلديات ونشطاء دون احترام الأعراف الدولية السياسية والدبلوماسية.
ووفق تقارير أمنية وإعلامية فإن ليبيا شهدت منذ 2011 جرائم عديدة لجماعة الإخوان الإرهابية أدت لسقوط آلاف القتلى والمصابين جراء ممارساتهم ضد معارضيهم منها مأساة تهجير أهالي مدينة تاورغاء (غرب) بالكامل.
إضافة إلى ارتكاب مليشيا الإخوان مذبحة غرغور وسط العاصمة في نوفمبر/تشرين الثاني 2013 التي سقط فيها 47 مدنيا ومئات المصابين من المتظاهرين السلميين الذين طالبوا بخروج المليشيات من العاصمة تطبيقا لقراري المؤتمر الوطني العام 27 و53 بخصوص إخلاء العاصمة من جميع التشكيلات المسلحة.
كما وقعت مذبحة "براك الشاطئ" التي نفذتها مليشيات الإخوان والوفاق في 15 يوليو/تموز 2017 بقتل 140 جنديا وأصيب 18 آخرون من أفراد اللواء 12 مجحفل التابع للجيش الليبي خلال هجوم على قاعدة براك الشاطئ الجوية جنوب غرب ليبيا.
وفي شرق ليبيا شهدت مدينة بنغازي مذبحة في 2013 أطلق عليها مذبحة السبت الأسود التي ارتكبتها مليشيات "درع ليبيا 1" الإخوانية التي كانت تتمركز في بنغازي ووقع عقب خروج أهالي المدينة مطالبين المليشيا بتسليم سلاحها ومقرها للجيش.
وكان رد عناصر المليشيا بقيادة الإرهابي وسام بن حميد (الذي قتل لاحقا في مواجهات مع الجيش) بفتح النار على المتظاهرين وسقوط 194 ضحية بين شهيد وجريح.
وفي تقرير لخبراء الأمم المتحدة أواخر 2017، أكد أن طرابلس تقع أسيرة لمليشيات مصراتة التي ارتكبت العديد من المجازر وعمليات الابتزاز والاختطاف التي أدت إلى تأجيج التوترات والمواجهات المسلحة بين المليشيات وبعضها.
كما أكد التقرير وجود صراع مسلح مستمر للسيطرة على مؤسسات الدولة في طرابلس مثل استيلاء مليشيا ثوار طرابلس على فرع المخابرات العامة في حي الأندلس وسرقة عدد من الوثائق المهمة منها إضافة إلى اشتباكات وتنافس بينها ومليشيا الصمود بقيادة الإرهابي المطلوب دوليا صلاح بادي.
كما ذكر التقرير أن المليشيات نفذت عددا من الاغتيالات أبرزها اغتيال رجل الدين البارز الشيخ نادر العمراني، حيث اعتبرها كرست تقسيم طرابلس إلى مناطق خاضعة لسيطرة جماعات مسلحة.
وأشار إلى استفادة التنظيمات المتطرفة في منطقة الهلال النفطي من التسهيلات التي منحها لهم خالد الشريف، آمر الجماعة المقاتلة، الذي كان يشغل لفترة طويلة وكيل وزارة الدفاع ومسؤول سجن الهضبة، إضافة إلى إبراهيم الجضران المصنف إرهابي دولي الذي كان يشغل آمر حماية المنشآت النفطية ما أدى في ظل هذا الدعم إلى انتشار خلايا تنظيم داعش في منطقة الهلال النفطي.
وعن السجون وإدارتها في ظل حكومات الإخوان، كشف التقرير عن انتهاكات جسيمة لحقوق المحبوسين من رموز النظام السابق.
كما أورد التقرير شهادات عن عمليات اختطاف واحتجاز وتعذيب ناشطين وصحفيين من قبل مليشيات ثوار طرابلس.
aXA6IDEzLjU4LjE4LjEzNSA= جزيرة ام اند امز